صفحة جزء
( ولا ترجيع ) [ ص: 387 ] فإنه مكروه ملتقى ( ولا لحن فيه ) أي تغني بغير كلماته فإنه لا يحل فعله وسماعه كالتغني بالقرآن وبلا تغيير حسن ، وقيل لا بأس به في الحيعلتين ( ويترسل فيه ) بسكتة بين كل كلمتين . ويكره تركه ، وتندب إعادته ( ويلتفت فيه ) وكذا فيها مطلقا ، وقيل إن المحل متسعا ( يمينا ويسارا ) فقط ; لئلا يستدبر القبلة ( بصلاة وفلاح ) ولو وحده أو لمولود ; لأنه سنة الأذان مطلقا ( ويستدير في المنارة ) لو متسعة ويخرج رأسه منها ( ويقول ) ندبا [ ص: 388 ] ( بعد فلاح أذان الفجر : الصلاة خير من النوم مرتين ) لأنه وقت نوم ( ويجعل ) ندبا ( أصبعيه في ) صماخ ( أذنيه ) فأذانه بدونه حسن ، وبه أحسن


( قوله : ولا ترجيع ) الترجيع أن يخفض صوته بالشهادتين ثم يرجع فيرفعه بهما لاتفاق الروايات على أن بلالا لم يكن يرجع ، وما قيل إنه رجع لم يصح ; ولأنه ليس في أذان الملك النازل بجميع طرقه ، ولما في أبي داود عن ابن عمر قال ( { إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة مرة مرة } ) الحديث ، ورواه ابن خزيمة وابن حبان . قال ابن الجوزي وإسناده صحيح ، وما روي من الترجيع في أذان أبي محذورة يعارضه ما رواه الطبراني عنه أنه قال { ألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان حرفا حرفا : الله أكبر [ ص: 387 ] الله أكبر } إلخ " ولم يذكر ترجيعا ، وبقي ما قدمناه بلا معارض ، وتمامه في الفتح وغيره .

( قوله : فإنه مكروه ملتقى ) ومثله في القهستاني ، خلافا لما في البحر من أن ظاهر كلامهم أنه مباح لا سنة ولا مكروه . قال في النهر : ويظهر أنه خلاف الأولى . وأما الترجيع بمعنى التغني فلا يحل فيه ا هـ وحينئذ فالكراهة المذكورة تنزيهية .

( قوله : أي تغني ) لا يجوز أن يكون مبنيا على الفتح ; لأن ما بعد أي التفسيرية عطف بيان ، وعطف البيان لا يجوز بناؤه على الفتح تركيبا مع اسم لا ، بل يجوز فيه الرفع اتباعا لمحل لا مع اسمها والنصب اتباعا لمحل اسمها ، لكن يمنع هنا من النصب مانع وهو عدم رسمه بالألف ، فتعين الرفع مع ما فيه من إثبات الياء الذي هو مرجوح ، فإن المنقوص المجرد عن أل يترجح حذف يائه في الرسم كالوقف إذا كان مرفوعا أو مجرورا ، وفي المحلى بها بالعكس . ا هـ . ح .

قلت : ويمنع أيضا من بنائه على الفتح وجود الفاصل ، وهو أي ، وقد عللوا امتناع الفتح في عطف النسق في نحو : لا رجل وامرأة بوجود الفاصل وهو الواو فافهم .

( قوله : بغير كلماته ) أي بزيادة حركة أو حرف أو مد أو غيرها في الأوائل والأواخر قهستاني .

( قوله : وبلا تغيير حسن ) أي والتغني بلا تغيير حسن ، فإن تحسين الصوت مطلوب ، ولا تلازم بينهما بحر وفتح .

( قوله : وقيل ) أي قال الحلواني : لا بأس بإدخال المد في الحيعلتين ; لأنهما غير ذكر ، وتعبيره بلا بأس يدل على أن الأولى عدمه .

( قوله : ويترسل ) أي يتمهل .

( قوله : بسكتة ) أي تسع الإجابة مدني عن منلا علي القاري ، وهذه السكتة بعد كل تكبيرتين لا بينهما كما أفاده في الإمداد أخذا من الحديث ، وبه صرح في التتارخانية .

( قوله : وتندب إعادته ) أي لو ترك الترسل .

( قوله : ويلتفت ) أي يحول وجهه لا صدره قهستاني ، ولا قدميه نهر .

( قوله : وكذا فيها مطلقا ) أي في الإقامة سواء كان المحل متسعا أو لا .

( قوله : لئلا يستدبر ) تعليل لقوله فقط : أي انته عن القول بالالتفات خلفا لئلا يستدبر المؤذن أو المقيم القبلة ح .

( قوله : بصلاة وفلاح ) لف ونشر مرتب ، يعني يلتفت فيهما يمينا بالصلاة ويسارا بالفلاح ، وهو الأصح كما في القهستاني عن المنية ، وهو الصحيح كما في البحر والتبيين . وقال مشايخ مرو : يمنة ويسرة في كل ، كذا في القهستاني ح . قال في الفتح : والثاني أوجه . ورده الرملي بأنه خلاف الصحيح المنقول عن السلف .

( قوله : ولو وحده إلخ ) أشار به إلى رد قول الحلواني : إنه لا يلتفت لعدم الحاجة إليه ح . وفي البحر عن السراج أنه من سنن الأذان ، فلا يخل المنفرد بشيء منها ، حتى قالوا في الذي يؤذن للمولود ينبغي أن يحول . ( قوله مطلقا ) للمنفرد وغيره والمولود وغيره ط .

( قوله : ويستدير في المنارة ) يعني إن لم يتم الإعلام بتحويل وجهه مع ثبات قدميه ، ولم تكن في زمنه صلى الله عليه وسلم مئذنة بحر . مطلب في أول من بنى المنائر للأذان

قلت : وفي شرح الشيخ إسماعيل عن الأوائل للسيوطي : إن أول من رقى منارة مصر للأذان شرحبيل بن عامر المرادي وبنى سلمة المنائر للأذان بأمر معاوية ولم تكن قبل ذلك . وقال ابن سعد بالسند إلى أم زيد بن ثابت كان بيتي أطول بيت حول المسجد ، فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن إلى أن بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده فكان يؤذن بعد على ظهر المسجد وقد رفع له شيء فوق ظهره .

( قوله : ويخرج رأسه منها ) أي من [ ص: 388 ] كوتها اليمنى آتيا بالصلاة ، ثم يذهب ويخرج رأسه من الكوة اليسرى آتيا بالفلاح درر وغيرها ، وهذا إذا كانت بكوات ، أما منارات الروم ونحوها فالجانب كالكوة إسماعيل .

( قوله : بعد فلاح إلخ ) فيه رد على من يقول إن محله بعد الأذان بتمامه ، وهو اختيار الفضلي بحر عن المستصفى .

( قوله : الصلاة خير من النوم ) إنما كان النوم مشاركا للصلاة في أصل الخيرية ; لأنه قد يكون عبادة ، كما إذا كان وسيلة إلى تحصيل طاعة أو ترك معصية ، أو لأن النوم راحة في الدنيا والصلاة راحة في الآخرة ، فتكون أفضل بحر .

( قوله : لأنه وقت نوم ) أي فخص بزيادة إعلام دون العشاء ، فإن النوم قبلها مكروه ونادر ط .

( قوله : ويجعل أصبعيه إلخ ) لقوله صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه " { اجعل أصبعيك في أذنيك فإنه أرفع لصوتك } " وإن جعل يديه على أذنيه فحسن ; لأن أبا محذورة رضي الله عنه ضم أصابعه الأربعة ووضعها على أذنيه وكذا إحدى يديه على ما روي عن الإمام إمداد وقهستاني عن التحفة .

( قوله : فأذانه إلخ ) تفريع على قوله ندبا . قال في البحر : والأمر أي في الحديث المذكور للندب بقرينة التعليل ، فلذا لو لم يفعل كان حسنا .

فإن قيل : ترك السنة فكيف يكون حسنا ؟ . قلنا : إن الأذان معه أحسن ، فإذا تركه بقي الأذان حسنا كذا في الكافي ا هـ فافهم

التالي السابق


الخدمات العلمية