صفحة جزء
( و ) صح ( المبايعة والاستقراض بما يروج منه ) عملا بالعرف فيما لا نص فيه ، فإن راج ( وزنا ) فيه ( أو عددا ) فيه ( أو بهما ) فبكل منهما ( والمتساوي ) غشه وفضته وذهبه ( كالغالب الفضة ) والذهب ( في تبايع واستقراض ) فلم يجز إلا بالوزن إلا إذا أشار إليهما - - [ ص: 268 ] كما في الخلاصة ( و ) أما ( في الصرف ) ف ( كغالب غش ) فيصح بالاعتبار المار ( اشترى شيئا به ) بغالب الغش وهو نافق ( أو بفلوس نافقة فكسد ) ذلك ( قبل التسليم ) للبائع ( بطل البيع ، كما لو انقطعت ) عن أيدي الناس فإنه كالكساد ، وكذا حكم الدراهم لو كسدت أو انقطعت بطل وصححاه بقيمة المبيع ، وبه يفتى رفقا بالناس بحر وحقائق .


( قوله : بما يروج منه ) أي من الذي غلب غشه . ( قوله : عملا بالعرف إلخ ) الأولى ذكره بعد قوله فبكل منهما ; لأن المراد أن اعتبار الوزن أو العدد أو كل منهما مبني على ما هو المتعارف فيها من ذلك . ( قوله : فيه ) أي فالبيع والاستقراض بالوزن . ( قوله : وذهبه ) الأولى عطفه بأو . ( قوله : فلم يجز إلا بالوزن ) بمنزلة الدراهم الرديئة ; لأن الفضة فيها موجودة حقيقة ولم تصر مغلوبة فيجب الاعتبار بالوزن شرعا بحر . ( قوله : إلا إذا أشار إليهما ) أي إلى المتساوي وغالب الفضة أي في المبايعة فيكون بيانا لقدرهما ووصفها ولا يبطل البيع بهلاكها قبل القبض ويعطه مثلها لكونها ثمنا لم تتعين بحر ، وأفاد أنه [ ص: 268 ] في الاستقراض لا يجوز إلا وزنا وإن أشار إليها .

( قوله : كما في الخلاصة ) أي كما لو أشار إلى الدراهم الخالصة من الغش ، وعبارة النهر كما لو أشار إلى الجياد ا هـ أي فإنه يجوز البيع بما أشار إليه منها بلا وزن أيضا . ( قوله : فيصح بالاعتبار المار ) أي إذا بيعت بجنسها بصرف الجنس إلى خلاف جنسه : أي بأن يصرف ما في كل منهما من الغش إلى ما في الآخر من الفضة كما مر في الغالب غشه ، وظاهره جواز التفاضل هنا أيضا ، لكن قال الزيلعي : وفي الخانية إن كان نصفها صفرا ونصفها فضة لا يجوز التفاضل ، فظاهره أنه أراد به فيما إذا بيعت بجنسها ، وهو مخالف لما ذكر هنا ، ووجهه أن فضتها لما لم تصر مغلوبة جعلت كأن كلها فضة في حق الصرف احتياطا ا هـ ، وأقره في البحر والنهر والمنح . وظاهره اعتماد ما في الخانية تأمل . وقال الزيلعي : ولو باعها بالفضة الخالصة لا يجوز حتى تكون الخالصة أكثر مما فيه من الفضة ; لأنه لا غلبة لأحدهما على الآخر فيجب اعتبارهما ، فصار كما لو جمع بين فضة وقطعة نحاس فباعهما بمثلهما أو بفضة فقط ا هـ وقوله لا غلبة لأحدهما أي لواحد من الغش والفضة والتي فيه المساوية له .

( قوله : وهو نافق ) أي رائج من باب تعب . ( قوله : فكسد ) من باب قتل أي لم ينفق لقلة الرغبات فيه مصباح . ( قوله : ذلك ) أفاد به أن إفراد الضمير في كسد باعتبار المذكور ، وفيه أن العطف بأو والأولى فيه الإفراد ط . ( قوله : قبل التسليم للبائع ) قيد به ; لأنه لو قبضها ولو فضوليا فيه فكسدت لا يفسد البيع ولا شيء له نهر ، وسينبه عليه الشارح . وفي النهر أيضا وإن كان نقد بعض الثمن دون بعض فسد في الباقي .

( قوله : بطل البيع ) أي ثبت للمشتري فسخه كما يأتي مع ما فيه ، ووجه بطلانه عند الإمام كما في الهداية أن الثمن يهلك بالكساد ; لأن الثمنية بالاصطلاح ولم يبق فبقي بيعا بلا ثمن فيبطل ، فإذا بطل يجب رد المبيع إن كان قائما ، وقيمته إن كان هالكا كما في البيع الفاسد ا هـ . ( قوله : فإنه كالكساد ) كذا في البحر تبعا للزيلعي وفي المضمرات : لو انقطع ذلك فعليه من الذهب والفضة قيمته في آخر يوم انقطع هو المختار . وفي الذخيرة : الانقطاع كالكساد والأول أصح ا هـ رملي عن المصنف . ( قوله : وكذا حكم الدراهم ) كذا في البحر ولم أره لغيره وقال محشيه الرملي : أي الدراهم التي لم يغلب عليها الغش ، فاقتصار المصنف على غالب الغش والفلوس لغلبة الفساد فيهما دون الجيدة تأمل ا هـ ملخصا . قلت : لكن علمت أن بطلان البيع في كساد غالب الغش والفلوس معلل عند الإمام ببطلان الثمنية فبقي بيعا بلا ثمن ، ولا شك أن الجياد لا تبطل ثمنيتها بالكساد ; لأن ثمنيتها بأصل الخلقة كما صرحوا به لا بالإصلاح ، فلا وجه لبطلانه عنده بكساد الجياد ، فالظاهر أن مراد البحر بالدراهم غالبة الغش ، لكنه مكرر بما في المتن تأمل ، ثم رأيت في الفتح قال : ولأبي حنيفة أن الثمن يهلك بالكساد ; لأن مالية الفلوس والدراهم الغالبة الغش بالاصطلاح لا بالخلقة ، بخلاف النقدين فإن ماليتها بالخلقة لا بالاصطلاح ا هـ ، نعم يمكن أن يجاب بأن هذا في النقد الخالص والمغشوشة التي غلبت فضتها تخالفه ، لكن قد مر أنها كالخالصة ; لأن الفضة قلما تنطبع إلا بقليل غش . والحاصل أن ما ذكره في البحر وتبعه الشارح يحتاج إلى نقل صريح أو يحمل على ما قلنا أولا فتأمل ، وانظر ما قدمناه أول البيوع عند قوله وبثمن حال مؤجل .

( قوله : وصححاه بقيمة المبيع ) صوابه بقيمة الثمن سائحاني أو بقيمة [ ص: 269 ] الهالك ط : قال في الفتح : وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي وأحمد لا يبطل . ثم اختلفوا فقال أبو يوسف عليه قيمتها يوم البيع . قال في الذخيرة : وعليه الفتوى ; لأنه مضمون بالبيع كقوله في المغصوب إذا هلك عليه قيمته يوم الغصب ; لأنه يوم تحقق السبب . وقال محمد : عليه قيمتها آخر ما تعامل الناس بها وهو يوم الانقطاع ; لأنه أوان الانتقال إلى القيمة . وفي المحيط والتتمة والحقائق به يفتى رفقا بالناس ا هـ ونحوه في البحر . وبه تعلم ما في عبارة الشارح .

التالي السابق


الخدمات العلمية