صفحة جزء
( ويجوز ) بلا كراهة ( أذان صبي مراهق وعبد ) [ ص: 392 ] ولا يحل إلا بإذن كأجير خاص ( وأعمى وولد زنى وأعرابي ) وإنما يستحق صواب المؤذنين إذا كان عالما بالسنة والأوقات ولو غير محتسب بحر .


( قوله : بلا كراهة ) أي تحريمية لأن التنزيهية ثابتة لما في البحر عن الخلاصة أن غيرهم أولى منهم . ا هـ . ح .

أقول : وقدمنا أول كتاب الطهارة الكلام في أن خلاف الأولى مكروه أولا فراجعه .

( قوله : صبي مراهق ) المراد به العاقل وإن لم يراهق كما هو ظاهر البحر وغيره ، وقيل يكره لكنه خلاف ظاهر الرواية كما في الإمداد وغيره ، وعلى هذا يصح تقريره في وظيفة الأذان بحر .

( قوله : وعبد وأعمى إلخ ) إنما لم يكره أذانهم ; لأن قولهم مقبول في الأمور الدينية فيكون ملزما فيحصل به الإعلام ، بخلاف الفاسق . ا هـ . زيلعي . قلت : يرد عليه الصبي ، [ ص: 392 ] فإن قوله غير مقبول في الأمور الدينية في الأصح كما قدمناه قبل الباب ، ومقتضاه أن لا يحصل به الإعلام كالفاسق تأمل ويأتي تمام الكلام في ذلك .

( قوله : ولا يحل إلا بإذن ) ذكره في البحر بحثا فقال : وينبغي أن العبد إن أذن لنفسه لا يحتاج إلى إذن سيده ، وإن أراد أن يكون مؤذنا للجماعة لم يجز إلا بإذن سيده ; لأن فيه إضرارا بخدمته ; لأنه يحتاج إلى مراعاة الأوقات ، ولم أره في كلامهم . ا هـ .

( قوله : كأجير خاص ) هو بحث لصاحب النهر ، حيث قال : وينبغي أن يكون الأجير الخاص كذلك لا يحل أذانه إلا بإذن مستأجره ا هـ .

قلت : بل صرحوا بأنه ليس له أن يؤدي النوافل اتفاقا . واختلفوا في السنن كما سنذكره في الإجارات إن شاء الله تعالى ، وهذا مؤيد لبحث البحر أيضا ، فإن العبد مملوك المنافع والرقبة أيضا بخلاف الأجير .

( قوله : وأعمى ) لا يرد عليه أذان ابن أم مكتوم الأعمى ، فإنه من كان معه من يحفظ عليه أوقات الصلاة ، ومتى كان ذلك يكون تأذينه وتأذين البصير سواء ، ذكره شيخ الإسلام معراج ، وهذا بناء على ثبوت الكراهة فيه ، وقد مر الكلام فيه وإلا فلا ورود .

( قوله : عالما بالسنة والأوقات ) أي سنة الأذان وأوقاته المطلوبة على ما مر بيانه . مطلب في المؤذن إذا كان غير محتسب في أذانه

. ( قوله : ولو غير محتسب ) رد على ما في الفتح حيث قال : لو لم يكن عالما بأوقات الصلاة لم يستحق ثواب المؤذنين كما في الخانية ، ففي أخذ الأجرة أولى ، ورده في النهر تبعا للبحر بأن في أذان الجاهل جهالة موقعة في الغرر ، بخلاف غير المحتسب على أن عدم حل أخذ الأجرة على الأذان والإمامة رأي المتقدمين ، والمتأخرون يجوزون ذلك على ما سيأتي في الإجارات . ا هـ . .

أقول : لا يلزم من حل الأجرة المعلل بالضرورة حصول الثواب ولا سيما إذا كان لولا الأجرة لا يؤذن فإنه لا يكون عمله للدنيا وهو رياء ; لأنه لم يحتسب عمله لوجه الله تعالى ، فهو كمهاجر أم قيس ، وإذا كان الجاهل المحتسب لا ينال ذلك الأجر فهذا بالأولى . كيف وقد ورد في عدة أحاديث التقييد بالمحتسب : منها ما رواه الطبراني في الكبير كما في الفتح " { ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة ، لا يهولهم الفزع الأكبر ، ولا يفزعون حين يفزع الناس : رجل علم القرآن فقام به يطلب وجه الله وما عنده . ورجل ينادي في كل يوم وليلة خمس صلوات يطلب وجه الله وما عنده . ومملوك لم يمنعه رق الدنيا عن طاعة ربه } " نعم قد يقال : إن كان قصده وجه الله تعالى لكنه بمراعاته للأوقات والاشتغال به يقل اكتسابه عما يكفيه لنفسه وعياله ، فيأخذ الأجرة لئلا يمنعه الاكتساب عن إقامة هذه الوظيفة الشريفة ، ولولا ذلك لم يأخذ أجرا فله الثواب المذكور ، بل يكون جمع بين عبادتين : وهما الأذان ، والسعي على العيال ، وإنما الأعمال بالنيات

التالي السابق


الخدمات العلمية