صفحة جزء
( ولا تصح ) إن علقت ب ( غير ) ملائم ( نحو إن هبت الريح أو جاء المطر ) لأنه تعليق بالخطر فتبطل ولا يلزم المال [ ص: 307 ] وما في الهداية سهو كما حرره ابن الكمال ، نعم لو جعله أجلا صحت ولزم المال للحال فليحفظ


مطلب في تعليق الكفالة بشرط غير ملائم وفي تأجيلها .

( قوله : ولا تصح إن علقت بغير ملائم إلخ ) اعلم أن ههنا مسألتين .

إحداهما تأجيل الكفالة إلى أجل مجهول ، فإن كان مجهولا جهالة متفاحشة كقوله كفلت لك بزيد أو كفلت بما لك عليه إلى أن يهب الريح أو إلى أن يجيء المطر لا يصح ، ولكن تثبت الكفالة ويبطل الأجل ، ومثله إلى قدوم زيد وهو غير مكفول به ، وإن كان مجهولا جهالة غير متفاحشة مثل إلى الحصاد أو الدياس أو المهرجان أو العطاء أو صوم النصارى جازت الكفالة والتأجيل ، وكذلك الحوالة ، ومثله إلى أن يقدم المكفول به من سفره ، صرح بذلك كله في كافي الحاكم ، وكذا في الفتح وغيره بلا حكاية خلاف وهذا لا نزاع فيه .

المسألة الثانية تعليق الكفالة بالشرط ، وهذا لا يخلو إما أن يكون شرطا ملائما أو لا ، ففي الأول تصح الكفالة والتعليق وقد مر ، وفي الثاني وهو التعليق بشرط غير ملائم مثل أن يقول إذا هبت الريح أو إذا جاء المطر أو إذا [ ص: 307 ] قدم فلان الأجنبي فأنا كفيل بنفس فلان ، أو بما لك عليه فالكفالة باطلة كما نقله في الفتح عن المبسوط والخانية ، وصرح به أيضا في النهاية والمعراج والعناية وشرح الوقاية ، ومثله في أجناس الناطفي حيث قال : كل موضع أضاف الضمان إلى ما هو سبب للزوم المال فذلك جائز ، وكل موضع أضاف الضمان إلى ما ليس بسبب للزوم فذلك باطل ، كقوله إن هبت الريح فما لك على فلان فعلي ا هـ وجزم بذلك الزيلعي وصاحب البحر والنهر والمنح ، ولكن وقع في كثير من الكتب أنه يبطل التعليق وتصح الكفالة ويلزم المال حالا منها حاشية الهداية للخبازي وغاية البيان ، وكذا الكفاية للبيهقي حيث قال : فإن قال إذا هبت الريح أو دخل زيد الدار فالكفالة جائزة والشرط باطل والمال حال ، وكذا في شرح العيون لأبي الليث والمختار ، ووقع اختلاف في نسخ الهداية ونسخ الكنز ، ففي بعضها كالأول وفي بعضها كالثاني ، وقد مال إلى الثاني العلامة الطرسوسي في أنفع الوسائل وأرجع ما مر عن الخانية وغيرها إليه ، ورد عليه العلامة الشرنبلالي في رسالة خاصة ، وادعى أن ما في الخبازية مؤول وأرجعه إلى ما في الخانية وغيرها ، ورد أيضا على القول الدرر : إن في المسألة قولين .

أقول : والإنصاف ما في الدرر ; لأن ارتكاب تأويل هذه العبارات وإرجاع بعضها إلى البعض يحتاج إلى نهاية التكلف والتعسف ، والأولى اتباع ما مشى عليه جمهور شراح الهداية وشراح الكنز وغيرهم تبعا للمبسوط والخانية من بطلان الكفالة .

( قوله : وما في الهداية ) حيث قال : لا يصح التعليق بمجرد الشرط ، كقوله إن هبت الريح أو جاء المطر إلا أنه تصح الكفالة ويجب المال حالا ; لأن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط لا تبطل بالشروط الفاسدة كالطلاق والعتاق وتبعه صاحب الكافي ، لكن في بعض نسخ الهداية بعد قوله أو جاء المطر ، وكذا إذا جعل واحدا منها أجلا ، وحينئذ فقوله : إلا أنه تصح الكفالة إلخ راجع إلى مسألة الأجل فقط ، ولا ينافيه قوله : لأن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط إلخ ; لأن المراد به الشرط الملائم ، وقد أطال الكلام على تأويل عبارة الهداية في البحر والنهر وغيرهما .

( قوله : نعم لو جعله أجلا ) أي بأن قال إلى هبوب الريح أو مجيء المطر ونحوه مما هو مجهول جهالة متفاحشة فيبطل التأجيل وتصح الكفالة ، بخلاف ما كانت جهالته غير متفاحشة كالحصاد ونحوه فإنها تصح إلى الأجل كما قدمناه آنفا

التالي السابق


الخدمات العلمية