صفحة جزء
[ ص: 327 ] ( وإن برهن أن له على زيد الغائب كذا ) من المال ( وهو ) أي الحاضر ( كفيل قضى ) بالمال ( على الكفيل ) فقط ( ولو زاد بأمره قضى عليهما ) فللكفيل الرجوع ; لأن المكفول به هنا مال مطلق فأمكن إثباته بخلاف ما تقدم وهذه حيلة إثبات الدين على الغائب ، ولو خاف الطالب موت الشاهد يتواضع مع رجل ويدعي عليه مثل هذه الكفالة فيقر الرجل بالكفالة وينكر الدين فيبرهن المدعي على الدين فيقضي به على الكفيل والأصيل ثم يبرئ الكفيل فيبقى المال على الغائب [ ص: 328 ] وكذا الحوالة ، وتمامه في الفتح والبحر .


( قوله : وإن برهن إلخ ) هذه مسألة مبتدأة غير داخلة تحت قوله كفل بما ذاب إلخ كما نبه عليه صدر الشريعة وابن الكمال وغيرهما ; لأن الكفالة هنا بمال مطلق كما يأتي .

( قوله : وهو كفيل ) أي بذلك المال .

( قوله : فللكفيل الرجوع ) أي فإذا قضى عليهما : أي على الكفيل الحاضر وعلى الأصيل الغائب ثبت للكفيل بالأمر الرجوع على الغائب بلا إعادة بينة عليه إذا حضر ; لأنه صار مقضيا عليه ضمنا .

( قوله : لأن المكفول به هنا ) أي في قوله وإن برهن إلخ مال مطلق : أي غير مقيد بكونه ثابتا بعد الكفالة بخلاف ما تقدم في قوله كفل بما ذاب إلخ ; لأن الكفالة فيه بمال موصوف بكونه مقضيا به بعد الكفالة ، فما لم تثبت تلك الصفة لا يكون كفيلا فلا يكون خصما كما في شرح الجامع لقاضي خان ، وهذا تعليل لأصل القضاء على الكفيل .

وأما كون القضاء يتعدى إلى الأصيل لو الكفالة بأمره ولا يتعدى لو بدون أمره فوجهه كما في النهر أن الكفالة بلا أمر إنما تفيد قيام الدين في زعم الكفيل فلا يتعدى زعمه إلى غيره ، أما بالأمر الثابت فيتضمن إقرار المطلوب بالمال إذ لا يأمر غيره بقضاء ما عليه إلا وهو معترف به ; فلذا صار مقضيا عليه .

ثم قال في النهر : وفي الجامع الكبير جعل المسألة مربعة إذ الكفالة إما مطلقة ككفلت بما لك على فلان أو مقيدة بألف درهم وكل ما بالأمر أو بدونه ، وقد علمت أن المقيدة إذا كانت بالأمر كان القضاء بها عليهما وإلا فعلى الكفيل فقط .

وأما المطلقة فإن القضاء بها عليهما سواء كانت بالأمر أو لا ; لأن الطالب لا يتوصل لإثبات حقه على الكفيل إلا بعد إثباته على الأصيل وهذا لأن المذهب أن القضاء على الغائب لا يجوز ا هـ وتمامه في الفتح .

( قوله : وهذه حيلة إلخ ) ذكر في البحر الأوجه الأربعة المذكورة آنفا عن الجامع ، ثم ذكر أن المطلقة هي الحيلة [ ص: 328 ] في القضاء على الغائب وأن المقيدة لا تصلح للحيلة ; لأن شرط التعدي على الغائب كونها بأمره ا هـ .

قلت : وطريق جعلها حيلة هو المواضعة الآتية بشرط أن يكون له بينة على الدين الذي له على الغائب ، وهذا ظاهر في المطلقة عن التقييد بمقدار من المال سواء كانت الكفالة بالأمر أو لا فيتعدى فيها الحكم إلى الغائب ; لأن الكفيل إذا أقر بالكفالة وأنكر الدين على الأصيل فبرهن المدعي على الدين وقدره لإلزام الكفيل به لا يمكن إثباته إلا بعد إثباته على الأصيل فيثبت عليهما ; لأن المذهب عندنا كما في الفتح أن القضاء على الغائب لا يجوز إلا إذا ادعى على الحاضر حقا لا يتوصل إليه إلا بإثباته على الغائب ، فإذا ثبت عليهما ثم أبرأ المدعي الكفيل يبقى المال ثابتا على الغائب .

وأما الكفالة المقيدة بألف مثلا فلا يتعدى الحكم فيها إلا إذا كانت بأمره كما مر تقريره ، وإنما لم تصلح للحيلة مع تعدي الحكم فيها ; لأنه يحتاج إلى إثبات كون الكفالة بالأمر وليس له بينة على ذلك ، ولا تجوز الحيلة بإقامة شهود الزور ، وإقرار الكفيل بالدين يقتصر عليه ولا يتعدى إلى الغائب ، فضلا عن إقراره بكون الكفالة بأمر الغائب ، وبهذا التقرير يظهر لك أن الإشارة في قول الشارح وهذه لا مرجح لها ; لأن المذكور في كلامه الكفالة المقيدة وهي بقسميها لا تصلح للحيلة فافهم .

( قوله : وكذا الحوالة ) عبارة الفتح : وكذا الحوالة على هذه الوجوه ا هـ أي إنها تكون مطلقة ومقيدة وكل منهما بالأمر وبدونه فهي مربعة أيضا .

وبيانه ما في شرح المقدسي عن التحرير شرح الجامع الكبير ، وكذا لو شهدوا على الحوالة المطلقة يكون قضاء على الحاضر والغائب ادعى الأمر أو لم يدع فإن شهدوا بالحوالة المقيدة إن ادعى الأمر يكون قضاء على الحاضر والغائب فيرجع ، وإن لم يدع الأمر يكون قضاء على الحاضر خاصة ولا يرجع ، وتمامه فيه ، وبه ظهر أن الإشارة بقوله وكذا الحوالة راجعة إلى أصل المسألة لا إلى بيان جعلها حيلة ; لأن شرط صحة الحوالة كون المال معلوما كما سيأتي .

فلو قال له إن فلانا أحالني عليك بألف درهم فأقر له بالحوالة بها كان مقرا بالمال فيلزمه ولا يمكن المدعي إثباته على الغائب بالبينة ، وهذه حوالة مطلقة ; لأنها لم تقيد بنوع مخصوص كما سيأتي بيانها في بابها إن شاء الله تعالى هذا ما ظهر لي

التالي السابق


الخدمات العلمية