صفحة جزء
( ومن يقبلها محتال عليه ومحال عليه ) فالفرق بالصلة وقد تحذف من الأول ( والمال محال به و ) الحوالة ( شرط لصحتها رضا الكل بلا خلاف إلا في الأول ) وهو المحيل فلا يشترط على المختار شرنبلالية عن المواهب .

بل قال ابن الكمال : إنما شرطه القدوري للرجوع عليه فلا اختلاف في الرواية ، لكن استظهر الأكمل أن ابتداءها إن من المحيل شرط ضرورة ، وإلا لا [ ص: 342 ] وأراد بالرضا القبول ، فإن قبولها في مجلس الإيجاب شرط الانعقاد بحر عن البدائع .

لكن في الدرر وغيرها : الشرط قبول المحتال أو نائبه ورضا الباقين لا حضورهما ، وأقره المصنف .


( قوله فالفرق بالصلة ) أي باختلافها وهي اللام في الأول ، وعلى الثاني وهذا على وجودها في الأول وقد علمت وجه صحته ، وأما على حذفها المفاد بقوله : وقد تحذف فالمراد أن الفرق بالصلة وجودا وعدما كما مر عن الفتح فافهم ( قوله والحوالة شرط لصحتها إلخ ) قال في النهر : وشرط صحتها في المحيل العقل ، فلا تصح حوالة مجنون وصبي لا يعقل والرضا ، فلا تصح حوالة المكره وأما البلوغ فشرط للنفاذ فصحة حوالة الصبي العاقل موقوفة على إجازة وليه وليس منها الحرية فتصح حوالة العبد مطلقا ، غير أن المأذون يطالب للحال والمحجور بعد العتق ، ولا الصحة فتصح من المريض .

وفي المحتال العقل والرضا وأما البلوغ فشرط النفاذ أيضا فانعقد احتيال الصبي موقوفا على إجازة وليه إن كان الثاني أملأ من الأول كاحتيال الوصي بمال اليتيم ومن شرط صحتها المجلس .

قال في الخانية : والشرط حضرة المحتال فقط حتى لا تصح في غيبته إلا أن يقبل عنه آخر ، وأما غيبة المحتال عليه فلا تمنع ، حتى لو أحال عليه فبلغه فأجاز صح ، وهكذا في البزازية ولا بد في قبولها من الرضا ، فلو أكره على قبولها لم تصح وفي المحال به أن يكون دينا لازما فلا تصح ببدل الكتابة كالكفالة ا هـ ( قوله رضا الكل ) أما رضا الأول فلأن ذوي المروءات قد يأنفون تحمل غيرهم ما عليهم من الدين ، فلا بد من رضاه ، وأما رضا المحتال فلأن فيها انتقال حقه إلى ذمة أخرى والذمم متفاوتة وأما رضا الثالث وهو المحتال عليه فلأنها إلزام الدين ولا لزوم بلا التزام درر قلت : نقل السائحاني عن لقطة البحر إذا استدانت الزوجة النفقة بأمر القاضي لها أن تحيل على الزوج بلا رضاه ( قوله فلا يشترط على المختار ) هو رواية الزيادات قال فيها : لأن التزام الدين من المحتال عليه تصرف في حق نفسه والمحيل لا يتضرر ، بل فيه منفعة لأن المحال عليه لا يرجع إذا لم يكن بأمره درر ( قوله للرجوع عليه ) أي رجوع المحال عليه على المحيل ، أو ليسقط الدين الذي للمحيل على المحال عليه كما في الزيلعي ، أما بدون الرضا فلا رجوع ولا سقوط وهو محمل رواية الزيادات ( قوله لكن استظهر الأكمل إلخ ) أي في العناية وهو توفيق آخر بين روايتي الزيادات والقدوري ، لكن لا بد فيه من ضميمة التوفيق الأول كما تعرفه .

( قوله شرط ضرورة ) ; لأنها إحالة وهي فعل اختياري ولا يتصور بدون الإرادة والرضا وهو محمل رواية القدوري وقوله : " إلا لا " أي وإن لم يكن ابتداؤها من المحيل بل من المحال عليه تكون احتيالا يتم بدون إرادة المحيل بإرادة المحال عليه ورضاه ، وهو وجه رواية الزيادات عناية لكن لا يخفى أنه على الثاني لا يثبت للمحال عليه الرجوع بما أدى ، ولو كان عليه للمحيل دين [ ص: 342 ] لا يسقط إلا برضا المحيل فرجع إلى التوفيق الأول ( قوله وأراد بالرضا القبول ) أي الذي هو أحد ركني العقد فيشترط له المجلس شطر العقد لا يتوقف على قبول غائب بل يلغو ، بخلاف الرضا الذي ليس ركن عقد ( قوله فإن قبولها إلخ ) ذكر في البحر أولا أن من الشروط مجلس الحوالة وقال : وهو شرط الانعقاد في قولهما ، خلافا لأبي يوسف فإنه شرط النفاذ عنده ، فلو كان المحتال غائبا عن المجلس فبلغه الخبر فأجاز لم ينعقد عندهما خلافا له والصحيح قولهما ا هـ .

ثم قال هنا : وأراد من الرضا القبول في مجلس الإيجاب لما قدمناه أن قبولهما في مجلس الإيجاب شرط الانعقاد ، وهو مصرح به في البدائع ا هـ .

وما ذكره في البحر أولا هو عبارة البدائع فقوله : " لما قدمناه أن قبولهما " الظاهر أن الميم فيه زائدة ، وأن الضمير فيه مفرد عائد للحوالة المتبادر من كلام البدائع أن اشتراط المجلس عندهما إنما هو في المحتال فقط بقرينة التفريع ويأتي قريبا ما يؤيده ا هـ ( قوله لكن في الدرر وغيرها ) أي كالخانية والبزازية والخلاصة وعبارة الخانية الحوالة تعتمد قبول المحتال له والمحال عليه ، ولا تصح في غيبة المحتال له في قول أبي حنيفة ومحمد ، كما قلنا في الكفالة إلا أن يقبل رجل الحوالة للغائب ، ولا تشترط حضرة المحتال عليه لصحة الحوالة حتى لو أحاله على رجل غائب ثم علم الغائب فقبل صحت الحوالة ا هـ .

ومراده بالقبول في قوله تعتمد قبول . . . إلخ الرضا الأعم من القبول المشروط له المجلس بقرينة آخر العبارة ، ولم يذكر رضا المحيل بناء على رواية الزيادات أنه غير شرط .

فتلخص من كلامه : أن الشرط قبول المحتال في المجلس ورضا المحال عليه ولو غائبا ، وهو ما لخصه في النهر كما مر ، وظاهره أن خلاف أبي يوسف في المحتال فقط فعنده لا تشترط حضرته بل يكفي رضاه كالمحال عليه ، وأنه لا خلاف في المحال عليه في أن حضرته غير شرط ، وبه ظهر أنه لا يصح التوفيق بحمل ما في الدرر وغيرها على قول أبي يوسف الذي هو خلاف الصحيح ، بل هو محمول على قولهما المصحح فافهم .

وبما قررناه ظهر أنه لا خلاف في اشتراط الرضا الأعم ، وأن الخلاف في قبول المحتال في المجلس لا في رضاه ، فلا ينافي ذلك قول المصنف شرط رضا الكل بلا خلاف إلخ خلافا لما ظنه في العزمية ( قوله أو نائبه ) أي ولو فضوليا ، وبه عبر في الدرر قال في الفتح : فيتوقف أي قبول الفضولي على إجازة المحتال إذا بلغه ( قوله ورضا الباقين ) كذا في بعض النسخ بياءين ثانيتهما ياء التثنية وفي عامة النسخ بياء واحدة على أنه جمع أريد به ما فوق الواحد ، ثم لا يخفى أن اشتراط رضا المحيل مبني على رواية القدوري : وهي خلاف المختار كما قدمه فالأحسن عبارة الغرر متن الدرر وهي : وشرط حضور الثاني إلا أن يقبل فضولي له لا حضور الباقين ا هـ .

فلم يذكر اشتراط رضاهما فيصدق بكل من الروايتين .

وقال في الدرر : أما عدم اشتراط حضور الأول ، وهو المحيل فبأن يقول رجل للدائن لك على فلان بن فلان ألف درهم فاحتل بها علي فرضي الدائن فإن الحوالة تصح حتى لا يكون له أن يرجع ، وأما عدم اشتراط حضور الثالث وهو المحتال عليه فبأن يحيل الدائن على رجل غائب ثم علم الغائب فقبل صحت الحوالة ، كذا في الخانية ا هـ .

قلت : فلم يذكر في هذا التصوير رضا المحيل الغائب ، وذكر في الثاني رضا المحتال عليه الغائب ، وذلك مبني على رواية الزيادات المختارة كما مر .

التالي السابق


الخدمات العلمية