صفحة جزء
( وعادم ساتر ) لا يصف ما تحته ، ولا يضر التصاقه وتشكله ولو حريرا أو طينا يبقى إلى تمام صلاة أو ماء كدرا إلا صافيا إن وجد غيره . [ ص: 411 ] وهل تكفيه الظلمة ؟ في مجمع الأنهر بحثا ، نعم في الاضطرار لا الاختيار ( يصلي قاعدا ) كما في الصلاة ، وقيل مادا رجليه ( موميا بركوع وسجود ، وهو أفضل من صلاته ) قاعدا يركع ويسجد و ( قائما ) بإيماء أو ( بركوع وسجود ) لأن الستر أهم من أداء الأركان ( ولو أبيح له ثوب ) ولو بإعارة ( ثبتت قدرته ) هو الأصح ، ولو وعد به ينتظر ما لم يخف فوت الوقت هو الأظهر كراجي ماء [ ص: 412 ] وطهارة مكان ، وهل يلزمه الشراء بثمن مثله ؟ ينبغي ذلك


( قوله لا يصف ما تحته ) بأن لا يرى منه لون البشرة احترازا عن الرقيق ونحو الزجاج ( قوله ولا يضر التصاقه ) أي بالألية مثلا ، وقوله وتشكله من عطف المسبب على السبب . وعبارة شرح المنية : أما لو كان غليظا لا يرى منه لون البشرة إلا أنه التصق بالعضو وتشكل بشكله فصار شكل العضو مرئيا فينبغي أن لا يمنع جواز الصلاة لحصول الستر . ا هـ . قال ط : وانظر هل يحرم النظر إلى ذلك المتشكل مطلقا أو حيث وجدت الشهوة ؟ . ا هـ . قلت : سنتكلم على ذلك في كتاب الحظر ، والذي يظهر من كلامهم هناك هو الأول ( قوله ولو حريرا ) تعميم للساتر . قال في الإمداد لأن فرض الستر أقوى من منع لبس الحرير في هذه الحالة ( قوله أو ماء كدرا ) أي بحيث لا ترى منه العورة ( قوله إن وجد غيره ) قيد في عدم إجزاء الستر بالصافي ، ومفهومه أنه إن لم يجد غيره وجب الستر به ، وكأنه لأن فيه تقليل الانكشاف ا هـ ح . قلت : ومفهومه أيضا كما اقتضاه سياق الكلام في عادم الساتر أنه لا يجوز في الماء الكدر إذا وجد ساترا مع أن كلام السراج والبحر يفيد الجواز مطلقا ، ثم رأيت صاحب النهر صرح بذلك حيث قال : إن الفرق بين الصافي وغيره يؤذن بأن له ثوبا ، إذا العادم له يستوي في حقه الصافي وغيره ا هـ لكن قوله يستوي فيه الصافي وغيره فيه نظر لأنه إذا جاز الستر بالماء الكدر مع القدرة على ساتر غيره صار ساترا حقيقة فيتعين عند العجز عن ساتر غيره لأن الماء الصافي غير ساتر وإلا لجاز عند عدم العجز . هذا ، وذكر في البحر أنه لا يصح تصوير الصلاة في الماء إلا في صلاة الجنازة ، وعلله في النهر بأنه إذا كان له ثوب وصلى في الماء الكدر لا يجوز له الإيماء للفرض : أي لقدرته على أن يصلي خارج الماء بالثوب بركوع وسجود ، لكن قال الشيخ إسماعيل : ولي في الكلامين نظر لإمكان تصوير ركوعه وسجوده في الماء الكدر بحيث لا يظهر من بدنه شيء إذا سد منافذه ، بل ما يفعله الغطاس في استخراج الغريق أبلغ من ذلك . ا هـ . أقول : إن فرض إمكان ذلك فقد يقال لا يبقى ذلك ساترا لأنه حين سجوده وارتفاع الماء فوقه لا يصير مستورا ، ويصير كما لو صلى عريانا تحت خيمة مستورة الجوانب كلها أو في مكان مظلم ، أو كما لو دخل في كيس مثلا وصلى فيه ، فإن الظاهر أنه لا تصح صلاته بخلاف ما لو أخرج رأسه من الكيس وصلى لأنه يصير مستورا ، كما لو وقف في الماء الكدر ورأسه خارج وصلى على الجنازة . ثم رأيت في الحاوي والزاهدي من كتاب الكراهية والاستحسان ما نصه : والمريض إذا لم يخرج رأسه من اللحاف لا تجوز صلاته لأنه كالعاري ا هـ أي إذا صلى تحت اللحاف وهو مكشوف العورة بالإيماء لا تصح لأنه غير مستور العورة ، وهذا يؤيد ما بحثناه في مسألة الكيس ، ولله الحمد . [ ص: 411 ] والحاصل أن الشرط هو ستر عورة المصلي لا ستر ذات المصلي ، فمن اختفى في خلوة أو ظلمة أو خيمة وهو عريان فذاته مستورة وعورته مكشوفة وذلك لا يسمى ساترا ، ومثله لو غطس في ماء كدر فتأمل ( قوله وهل تكفيه الظلمة إلخ ) لا يظهر لهذا الكلام ثمرة لأنه حيث فقد الساتر صلى كيف كان أي في ظلمة أو في ضوء ولعل مراده ما ذكره في البحر . وعبارته : والأفضل أن يصلي قاعدا ببيت أو صحراء في ليل أو نهار . قال : ومن المشايخ من خصه بالنهار ، أما بالليل فيصلي قائما لأن ظلمة الليل تستر عورته . ورد بأنه لا عبرة بها . ورد بالفرق بين حالة الاختيار والاضطرار ا هـ ط ( قوله في مجمع الأنهر ) هو شرح الملتقى لشيخي زاده ح ( قوله كما في الصلاة ) كذا قاله في منية المصلي . قال في البحر : فعليه يختلف في الرجل والمرأة ، فهو يفترش وهي تتورك ( قوله وقيل مادا رجليه ) أي ويضع يديه على عورته الغليظة والأول أولى لأنه أكثر سترا مع ما في هذا من مد الرجلين إلى القبلة بحر وحلية ، لكن في شرح المنية الكبير أن الثاني أولى لزيادة الستر فيه وهو المذكور في شروح الهداية وغيرها . ا هـ . قلت : وهو الصواب لأن من جعل مقعدته على رجليه كما في تشهد الصلاة تظهر عورته الغليظة حالة الإيماء للركوع والسجود أكثر ممن جعل مقعدته على الأرض كما هو محسوس مشاهد ، ولو جلس متربعا يظهر منه القبل فلذا اغتفروا مد رجليه نحو القبلة ، فلا جرم أنه مشى عليه شراح الهداية وغيرهم كصاحب الذخيرة والسراج والدرر والتبيين ونور الإيضاح والخلاف في الأولوية كما لا يخفى ، ونبه عليه في النهر ( قوله وقائما بإيماء ) كذا في القهستاني عن الزاهدي ، ونقله في البحر عن ملتقى البحار . وقال : وظاهر الهداية أنه لا يجوز ، ثم ذكر بعد نحو ورقة بحثا رجح به ما في الهداية ، والبحث مأخوذ من الحلية فراجعه . وقال في البحر أيضا : وينبغي أن يكون هذا دون الرابع في الفضل : أي دون القيام بركوع وسجود للاختلاف في صحته وإن كان ستر العورة في الرابع أكثر . ا هـ . قلت : فكان الأولى للشارح تأخيره عن الرابع ليكون الذكر في الأربعة على وفق الترتيب في الأفضلية ( قوله لأن الستر أهم إلخ ) أي لأنه فرض في الصلاة وخارجها ، والأركان فرائض الصلاة لا غير وقد أتى ببدلها وإنما جاز القيام لأنه وإن ترك فرض الستر فقد كمل الأركان الثلاثة بدائع ، وأراد بالأركان الثلاثة القيام والركوع والسجود ، وظاهره أنه لا يجوز الإيماء قائما لأن فيه ترك فرض الستر بلا تكميل للثلاثة ، ومن هنا نشأ ترجيح صاحب البحر والحلية لظاهر ما مر عن الهداية ( قوله ولو أبيح له ثوب إلخ ) في التتارخانية : ولو كان بحضرته من له ثوب يسأله ، فإن لم يعطه صلى عريانا ، ولو وجد في خلال صلاته ثوبا استقبل ا هـ وظاهره لزوم السؤال ، لكن ينبغي تقييده بما إذا غلب على ظنه عدم المنع كما في المتيمم ( قوله هو الأظهر ) كذا في شرح المنية الصغير وقدمنا في التيمم عن الفتح وغيره أنه لو وعد بدلو أو ثوب يستحب له التأخير ما لم يخف فوت الوقت عنده . وعندهما يجب وإن خاف فوته ; كما لو وعد بالماء فإنه ينتظر اتفاقا ، وقدمنا أن ظاهر كلامهم ترجيح قول الإمام وبه جزم في المنية ، وتقدم أيضا أنه يندب لراجي الماء أن يؤخر إلى آخر الوقت المستحب ( قوله كراجي ماء ) أي كمن رجا حصول الماء فإنه يندب له أن يؤخر إلى آخر الوقت المستحب كما مر في التيمم ، وهذا تنظير لا قياس ، [ ص: 412 ] حتى يرد أن الظاهر قياس مسألة الثوب على الماء الموعود فيجب الانتظار وإن فات الوقت فافهم ( قوله وثوب ومكان ) فإنه إذا رجا وجوب الثوب يؤخر ما لم يخف فوت الوقت كطهارة المكان قنية : أي كما إذا كان محبوسا مثلا في مكان نجس ويرجو رجاء قويا الخروج منه فإنه يؤخر ما لم يخف الفوت والظاهر أن هذا التأخير مستحب أيضا كنظائره المارة ( قوله ينبغي ذلك ) أي قياسا على الماء ، والبحث للبحر وتبعه في النهر وقال ولم يذكروه . وأقول : قدمنا المسألة منقولة عن السراج وأن فيها قولين . وفي تيمم مواهب الرحمن : ويجب أن يشتري الماء والثوب بمثل الثمن إن فضل عن نفقته لا بزيادة غبن فاحش ، ولله الحمد

التالي السابق


الخدمات العلمية