صفحة جزء
[ ص: 437 ] [ فروع ] النية عندنا شرط مطلقا ولو عقبها بمشيئة ، فلو مما يتعلق بأقوال كطلاق وعتاق بطل وإلا لا . ليس لنا من ينوي خلاف ما يؤدي إلا على قول محمد في الجمعة وهو ضعيف . [ ص: 438 ] المعتمد أن العبادة ذات الأفعال تنسحب نيتها على كلها .


[ ص: 437 ] فروع في النية ( قوله فروع ) كان المناسب ذكر هذه الفروع عند الكلام على النية قبيل استقبال القبلة كما فعل في الخزائن ( قوله النية عندنا شرط مطلقا ) أي في كل العبادات باتفاق الأصحاب لا ركن وإنما وقع الاختلاف بينهم في تكبيرة الإحرام والمعتمد أنها شرط كالنية ، وقيل بركنيتها أشباه وإنما قال مطلقا ليشمل صلاة الجنازة بخلاف تكبيرة الإحرام فإنها ركن فيها اتفاقا كما سيأتي في بابه ح واستثنى في الأشباه من العبادات الإيمان والتلاوة والأذكار والأذان فإنها لا تحتاج إلى نية كما في شرح البخاري للعيني وكل ما لا يكون إلا عبادة لا يحتاج إلى النية كما في شرح ابن وهبان قال وكذا النية لا تحتاج إلى نية ا هـ ويستثنى أيضا ما كان شرطا للعبادة إلا التيمم ولا استقبال القبلة على قول الكرخي المشترط نيته والمعتمد خلافه وكذا ما كان جزء عبادة كمسح الخف والرأس وغير ذلك ( قوله فلو مما يتعلق ) أي فلو كان هو أي المنوي المدلول عليه بالنية مما يتعلق بالأقوال كقوله أنت طالق وأنت حر إن شاء الله بطل لأن الطلاق أو العتق لا يتعلق بالنية بل بالقول ، حتى لو نوى طلاقها أو عتقه لا يصح بدون لفظ . قال ح . فإن قلت : وقوع الطلاق متعلق بلفظ أنت طالق ولا عبرة بالنية لأنه صريح . قلت هذا مسلم في القضاء . وأما في الديانة فهي معتبرة ، حتى إذا نوى به الطلاق من وثاق لا يقع ديانة . ا هـ . أقول : وكذا صرح بذلك في البحر والأشباه ، وعليه فالفرق بين الصريح والكناية أن الأول لا يحتاج إلى النية في القضاء فقط ويحتاج إليها ديانة ، والثاني يحتاج إليها فيهما ، لكن احتياج الأول إلى النية ديانة معناه أن لا ينوي به غير معناه العرفي ، فلو نوى الطلاق من الوثاق : أي القيد لا يقع لصرفه اللفظ عن معناه . أما إذا قصد التلفظ بأنت طالق مخاطبا به زوجته ولم يقصد به الطلاق ولا غيره فالظاهر الوقوع قضاء وديانة لأن اللفظ حقيقة فيه ، وبدليل أنه لو صرح بالعدد لا يدين كما لو نوى الطلاق عن العمل فيقع قضاء وديانة ( قوله وإلا لا ) أي وإلا يكن المنوي مما يتعلق بالأقوال كالصوم لا يبطل بالمشيئة لأنه يتعلق بمجرد النية القلبية بدون قول ، فلو نوى الصوم وقال إن شاء الله لا يبطل . قال في الأشباه : ولو علقها أي نية الصوم بالمشيئة صحت لأنها إنما تبطل الأقوال والنية ليست منها . ا هـ . ( قوله إلا على قول محمد في الجمعة ) فعنده لا يدرك الجمعة إلا بإدراك ركعة مع الإمام ; فلو اقتدى بعدما رفع الإمام رأسه من ركوع الثانية ينوي جمعة ويتمها ظهرا عنده ، فقد نوى الجمعة ولم يؤدها ، وأدى الظهر ولم ينوه ، وهو مذهب الشافعي . وعندنا يتمها جمعة متى صح اقتداؤه بالإمام ولو في سجود السهو على القول بفعله فيها . ونقض الحموي الحصر بمسائل ينوي فيها خلاف ما يؤدي منها ما لو طاف بنية التطوع في أيام النحر وقع عن الفرض ، وما لو صام يوم الشك تطوعا فظهر أنه من رمضان كان منه ، وما لو تهجد بركعتين فظهر أن الفجر طالع ينوبان عن سنة الفجر . وما لو صام عن كفارة ظهار أو إفطار فقدر على العتق يمضي في صوم النفل . وما لو نذر صوم يوم بعينه فصامه بنية النفل يقع عن النذر كما في جامع التمرتاشي . ا هـ . أقول : قد يجاب بأن المراد النية التي هي شرط الصحة ، فالمعنى ليس لنا من يلزمه أن ينوي خلاف ما يؤدي إلا في مسألة على أن أكثر هذه المسائل ليس فيها المخالفة بين المنوي والمؤدى إلا من حيث الصفة بخلاف الجمعة [ ص: 438 ] فإنها مخالفة للظهر ذاتا وصفة فتدبر ( قوله المعتمد أن العبادة إلخ ) مقابله ما في الأشباه عن المجتبى ، من أنه لا بد من نية العبادة في كل ركن فافهم . واحترز بذات الأفعال عما هي فعل واحد كالصوم ، فإنه لا خلاف في الاكتفاء بالنية في أوله . ويرد عليه الحج فإنه ذو أفعال منها طواف الإفاضة لا بد فيه من أصل نية الطواف وإن لم يعينه عن الفرض ، حتى لو طاف نفلا في أيامه وقع عنه . والجواب أن الطواف عبادة مستقلة في ذاته كما هو ركن للحج ، فباعتبار ركنيته يندرج في نية الحج فلا يشترط تعيينه ، وباعتبار استقلاله اشترط فيه أصل نية الطواف ، حتى لو طاف هاربا أو طالبا لغريم لا يصح بخلاف الوقوف بعرفة فإنه ليس بعبادة إلا في ضمن الحج فيدخل في نيته ، وعلى هذا الرمي والحلق والسعي . وأيضا فإن طواف الإفاضة يقع بعد التحلل بالحلق حتى إنه يحل له سوى النساء ، وبذلك يخرج من الحج من وجه دون وجه فاعتبر فيه الشبهان

التالي السابق


الخدمات العلمية