صفحة جزء
وأفاد فساد ما يقع كثيرا من أخذ كرم الوقف أو اليتيم مساقاة ، فيستأجر أرضه الخالية من الأشجار بمبلغ كثير ، ويساقي على أشجارها بسهم من ألف سهم ، فالحظ ظاهر في الإجارة لا في المساقاة فمفاده فساد المساقاة بالأولى ; لأن كلا منهما عقد على حدة . [ ص: 9 ] قلت : وقيدوا سراية الفساد في باب البيع الفاسد بالفاسد القوي المجمع عليه فيسري كجمع بين حر وعبد ، بخلاف الضعيف فيقتصر على محله ولا يتعداه كجمع بين عبد ومدبر فتدبر ، وجعلوه أيضا من الفساد الطارئ فتنبه .


( قوله وأفاد ) أي المصنف حيث قال بعد عبارة الخانية : قلت يستفاد من هذا فساد ما يقع إلخ ( قوله فيستأجر أرضه الخالية ) أي بياضها بدون الأشجار ، وإنما لا يصح استئجار الأشجار أيضا لما مر أنها تمليك منفعة ، فلو وقعت على استهلاك العين قصدا فهي باطلة .

قال الرملي : وسيأتي في إجارة الظئر أن عقد الإجارة على استهلاك الأعيان مقصود كمن استأجر بقرة ليشرب لبنها لا يصح ، وكذا لو استأجر بستانا ليأكل ثمره .

قال : وبه علم حكم إجارات الأراضي والقرى التي في يد المزارعين لا كل خراج المقاسمة منها ، ولا شك في بطلانها والحال هذه ، وقد أفتيت بذلك مرارا ا هـ ( قوله بمبلغ كثير ) أي بمقدار ما يساوي أجرة الأرض وثمن الثمار ( قوله ويساقي على أشجارها ) يعني قبل عقد الإجارة وإلا كانت إجارة الأرض مشغولة فلا تصح كما سيأتي .

وفي مسائل الشيوع من البزازية : استأجر أرضا فيها أشجار أو أخذها زراعة وفيها أشجار ، إن كان في وسطها لا يجوز إلا إذا كان في الوسط شجرتان صغيرتان مضى عليهما حول أو حولان لا كبيرتان ; لأن ورقهما وظلهما يأخذ الأرض والصغار لا عروق لها ، وإن كان في جانب من الأرض كالمسناة والجداول يجوز لعدم الإخلاء ا هـ . ( قوله بسهم ) أي بإعطاء سهم واحد لليتيم أو الوقف والباقي للعامل ( قوله فمفاده ) أي مفاد ما تقدم من قوله فتفسخ في كل المدة إلخ : وقدمنا أن المصنف استفاده من كلام الخانية ، وهو بمعنى ما استفاده منه الشارح فافهم ( قوله بالأولى ) وجه الأولوية أنه إذا فسد العقد في كل المدة مع اشتماله على ما هو خير لليتيم وشر له ففساد عقد مستقل هو شر محض لليتيم أولى بالفساد .

ثم اعلم أنه حيث فسدت المساقاة بقيت الأرض مشغولة فيلزم فساد الإجارة أيضا كما قدمناه وإن كان الحظ والمصلحة فيها ظاهرين ، فتنبه لهذه الدقيقة .

وفي فتاوى الحانوتي : التنصيص في الإجارة على بياض الأرض لا يفيد الصحة حيث تقدم عقد الإجارة على عقد المساقاة ، أما إذا تقدم عقد المساقاة بشروطه كانت الإجارة صحيحة كما صرح به في البزازية ، وإذا فسدت صارت الأجرة غير مستحقة لجهة الوقف والمستحق إنما هو الثمرة فقط ، وحيث فسدت المساقاة لكونها بجزء يسير لجهة الوقف كان للعامل أجر مثل عمله وهذا بالنسبة إلى الوقف . [ ص: 9 ] وأما مساقاة المالك فلا ينظر فيها إلى المصلحة كما لو أجر بدون أجر المثل ا هـ ملخصا .

وفيه تصريح بما استفاده المصنف وبما نبهنا عليه فليحفظ ( قوله قلت إلخ ) هو تأييد لما في أنفع الوسائل ح ( قوله فتدبر ) أشار إلى أن مقتضى هذا أن تفسد في القدر الزائد فقط ; لأنه قد جمع بين جائز وفاسد في عقد واحد ، والفساد غير قوي لعدم الاتفاق عليه فلا يسري ; لأن المتقدمين لم يقدروها بمدة ( قوله وجعلوه أيضا من الفساد الطارئ ) هذه تقوية أخرى : أي فلا يسري وفي كونه طارئا تأمل ط .

قلت : لعل وجه طريانه كونها تنعقد ساعة فساعة ( قوله فتنبه ) لعله أشار به إلى ما قلنا

التالي السابق


الخدمات العلمية