صفحة جزء
ومن حوادث الروم : وصي زيد باع ضيعة من تركته لدين على أنها ملكه ثم ظهر أن بعضها وقف مسجد هل يصح البيع في الباقي؟ أجاب فريق بنعم وفريق بلا ، وألف بعضهم رسالة ملخصها ترجيح الأول فتأمل .

وفي جواهر الفتاوى : آجر ضيعة وقفا ثلاث سنين وكتب في الصك أنه أجر ثلاثين عقدا كل عقد عقيب الآخر لا تصح الإجارة وهو الصحيح وعليه الفتوى صيانة للأوقاف .

ثم قال : ولو قضى قاض بصحتها تجوز ويرتفع الخلاف ا هـ .

قلت : وسيجيء أن المتولي والوصي لو آجر بدون أجرة يلزم المستأجر تمام أجر المثل وأنه يعمل بالأنفع للوقف .

وفي صلح الخانية متى فسد العقد في البعض بمفسد مقارن يفسد في الكل .


( قوله ومن حوادث الروم إلخ ) تقوية أخرى ، فإن البيع أقوى من الإجارة ، وقد صدر في الملك والوقف بعقد واحد ، وصح في الملك ط ( قوله لدين ) أي على زيد الميت ( قوله على أنها ملكه ) أي بناء على أنها كلها كانت ملك زيد الميت ( قوله ملخصها ترجيح الأول ) قدمنا عن النهر في باب البيع الفاسد عند قوله بخلاف بيع قن ضم إلى مدبر ما يؤيده ( قوله فتأمل ) أشار به إلى أن الإجارة تصح فيما عدا الزائد كذلك بل أولى لما مر ( قوله وفي جواهر الفتاوى إلخ ) يحتمل أن يكون تأييدا رابعا بقوله ولو قضى قاض بصحتها يجوز ، فإنه يفيد أنه مثل الجمع بين العبد والمدبر لا الحر والعبد فيكون تأييدا للتأييد الأول .

والظاهر أنه شروع في تأييد ما اختاره المصنف حيث أطلق عدم الصحة فشملت العقود كلها مع أن العقد الأول ناجز ، وظاهر كلامه عدم صحته أيضا .

ووجهه كما في الولوالجية أن هذا العقد عقد واحد صورة وإن كان عقودا من حيث المعنى بعضها ينعقد في الحال وبعضها مضاف إلى الزمان المستقبل ا هـ . ( قوله ثلاث سنين ) صوابه ثلاثين سنة كما هو في المنح وغيرها ، ووجدته كذلك في بعض النسخ مصلحا ( قوله صيانة للأوقاف ) أي من أن يدعي المستأجر ملكيتها لطول المدة وإلا فالوجه يقتضي صحة العقد الأول ; لأنه ناجز وما بعده مضاف ، وفي لزومه تصحيحان كما قدمناه ، ولكن اعتبر عقدا واحدا كما مر لأجل ولهذا قدرها المتأخرون بالسنة أو الثلاث مخالفين لمذهب المتقدمين ( قوله ولو قضى قاض إلخ ) أي مستوفيا شرائط القضاء ولكن هذا في غير القاضي الحنفي ، أما قضاة زماننا الحنفية المأمورون بالحكم بمعتمد المذهب فلا تصح ( قوله قلت وسيجيء ) أي في أواخر هذا الباب هذا تأييد أيضا لما رجحه المصنف .

ووجهه أنه حيث اختلفت الآراء في سراية الفساد وعدمها يرجح ما هو الأنفع للوقف وهو السريان لئلا يقدم مرة أخرى على هذا العقد ( قوله وفي صلح الخانية ) ذكره [ ص: 10 ] المصنف في المنح تأييدا لما رجحه ، ولكن ما في الخانية ذكره في صلح الزوجة عن نصيبها على أن يكون نصيبها من الدين للورثة وفي شمول ذلك لمسألتنا تأمل ، إذ قد مر أنهم جعلوها من الفساد الطارئ وما في الخانية في الفساد المقارن ، نعم ما نقلناه سابقا عن الخانية من قوله والظاهر هو الفساد في الكل يفيد ترجيحه ، وحيث علمت ما مر عن جواهر الفتاوى أنها لا تصح الإجارة الطويلة إذا كانت عقودا مع أن العقد الأول ناجز ، فما ظنك فيما إذا كانت بعقد واحد لفظا ومعنى ; فالظاهر اعتماد ما رجحه المصنف من كلام قارئ الهداية ، فإن له سندا قويا وهو ما في الخانية وجواهر الفتاوى ، هذا ما ظهر للفهم القاصر ، والله تعالى أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية