صفحة جزء
( و ) كما استفتح ( تعوذ ) بلفظ أعوذ على المذهب ( سرا ) قيد للاستفتاح أيضا فهو كالتنازع ( لقراءة ) فلو تذكره بعد الفاتحة تركه ، ولو قبل إكمالها تعوذ ، وينبغي أن يستأنفها ذكره الحلبي . ولا يتعوذ التلميذ إذا قرأ على أستاذه ذخيرة : أي لا يسن ، فليحفظ ( فيأتي به المسبوق عند قيامه لقضاء ما فاته ) لقراءته ( لا المقتدي ) لعدمها ( ويؤخر ) الإمام التعوذ ( عن تكبيرات العيد ) لقراءته بعدها


( قوله بلفظ أعوذ ) أي لا بلفظ أستعيذ وإن مشى عليه في الهداية ، وتمامه في البحر والزيلعي ( قوله فهو كالتنازع ) لأن سرا حال من الثناء والتعوذ فكانا متعلقين به فأشبه التنازع الذي هو تعلق عاملين فأكثر باسم وعدل عن قول النهر فهو من التنازع ، لما في همع الهوامع من أنه يقع في كل معمول إلا المفعول له والتمييز وكذا الحال خلافا لابن معطي أفاده ح ( قوله ذكره الحلبي ) أي في شرح المنية بقوله والتعوذ إنما هو عند افتتاح الصلاة ، فلو نسيه حتى قرأ الفاتحة لا يتعوذ بعد ذلك ، كذا في الخلاصة ، ويفهم منه أنه لو تذكر قبل إكمالها يتعوذ ، وحينئذ ينبغي أن يستأنفها ا هـ .

وهذا الفهم في غير محله لأن قول الخلاصة حتى قرأ الفاتحة معناه شرع في قراءتها ، إذ بالشروع فات محل التعوذ ، وإلا لزم رفض الفرض للسنة ، ولزم أيضا ترك الواجب ، فإن قراءة الفاتحة أو أكثرها مرة ثانية موجبة للسهو . على أنه في شرح المنية أيضا بعد ما مر بنحو ورقة ونصف قال : وذكر الفقيه أبو جعفر في النوادر إن كبر وتعوذ ونسي الثناء لا يعيد ، كذا إن كبر وبدأ بالقراءة ونسي الثناء والتعوذ والتسمية لفوات محلها ، ولا سهو عليه ذكره الزاهدي . ا هـ . فقوله وبدأ بالقراءة إلخ مؤيدا لما قلنا فافهم ( قوله ولا يتعوذ إلخ ) محترز قوله لقراءة . قال في البحر : وقيد بقراءة القرآن للإشارة إلى أن التلميذ لا يتعوذ إذا قرأ على أستاذه كما نقله في الذخيرة . وظاهره أن الاستعاذة لم تشرع إلا عند قراءة القرآن أو في الصلاة ، وفيه نظر ظاهر . ا هـ . قال في النهر : وأقول ليس ما في الذخيرة في المشروعية وعدمها بل في الاستنان وعدمه ا هـ أي فتسن لقراءة القرآن فقط وإن كانت تشرع في غيرها في جميع ما يخشى فيه الوسوسة ، وإلى هذا أشار الشارح بقوله أي لا يسن ، لكن في هذا الجواب نظر فإنها تسن أيضا قبل دخول الخلاء لكن بلفظ أعوذ بالله من الخبث والخبائث تأمل . ثم إن عبارة الذخيرة هكذا إذا قال الرجل - بسم الله الرحمن الرحيم - فإن أراد به قراءة القرآن يتعوذ قبله للآية .

وإن أراد افتتاح الكلام كما يقرأ التلميذ على الأستاذ لا يتعوذ قبله لأنه لا يريد به قراءة القرآن ; ألا يرى لو أن رجلا أراد أن يشكر فيقول - الحمد لله رب العالمين - لا يحتاج إلى التعوذ قبله ، وعلى هذا ، الجنب إن أراد بذلك القراءة لم يجز أو افتتاح الكلام جاز . ا هـ . ملخصا . وحاصله أنه إذا أراد أن يأتي بشيء من القرآن كالبسملة والحمدلة ، فإن قصد به القراءة تعوذ قبله وإلا فلا ، وكما لو أتى بالبسملة في افتتاح الكلام كالتلميذ حين يبسمل في أول درسه للعلم فلا يتعوذ ، وكما لو قصد بالحمدلة الشكر ، وكذا إذا تكلم بغير ما هو من القرآن فلا يسن التعوذ بالأولى فكلام الذخيرة في التعوذ قبل الكلام لا في غيره من الأفعال ، فلا ينافي استنانه قبل الخلاء فافهم ( قوله فيأتي به المسبوق إلخ ) فذكر المصنف ثلاث مسائل [ ص: 490 ] تفريعا على قوله لقراءة بناء على قول أبي حنيفة ومحمد أن التعوذ تبع للقراءة . أما عند أبي يوسف فهو تبع للثناء ، فعنده يأتي به المسبوق بعد الثناء مرتين حال اقتدائه وعند قيامه للقضاء ; ويأتي به المقتدي المدرك لأنه يثني كما يأتي به الإمام والمنفرد ، ويأتي به الإمام والمقتدي في العيد بعد الثناء قبل التكبيرات ، ومشى عليه في المنية ، وفي الخلاصة أنه الأصح ، لكن مختار قاضي خان والهداية وشروحها والكافي والاختيار وأكثر الكتب هو قولهما إنه تبع للقراءة وبه نأخذ شرح المنية .

التالي السابق


الخدمات العلمية