صفحة جزء
[ فرع ] في وقف الأشباه : تخلية البعيد باطلة ، فلو استأجر قرية وهو بالمصر لم يصح تخليتها على الأصح ، فينبغي للمتولي أن يذهب إلى القرية مع المستأجر أو غيره ، فيخلي بينه وبينها أو يرسل وكيله أو رسوله إحياء لمال الوقف فليحفظ .

قلت : لكن نقل محشيها ابن المصنف في زواهر الجواهر عن بيوع فتاوى قارئ الهداية أنه متى مضى مدة يتمكن من الذهاب إليها والدخول فيها كان قابضا وإلا فلا فتنبه ا هـ .


( قوله أو غيره ) كوكيله وليس موجودا في عبارة الأشباه . ( قوله إحياء لمال الوقف ) ; لأنه بدون التسليم لا تلزم الأجرة ، لكن لا يخفى أن التسليم ليس شرطا لصحة العقد ، وقد تقدم أنه إذا كانت الإجارة صحيحة وتمكن من الانتفاع يجب الأجر ، أما في الفاسدة فلا يجب إلا بحقيقة الانتفاع ، وتقدم أيضا أن ظاهر الإسعاف إخراج الوقف فتجب أجرته في الفاسدة بالتمكن ، فينبغي حمل كلامه هنا على ما إذا لم يتمكن منه فتأمل . ( قوله عن بيوع فتاوى قارئ الهداية ) ونصها : سئل عن شخص اشترى من آخر دارا ببلدة وهما ببلدة أخرى وبين البلدتين مسافة يومين ولم يقبضها ، بل خلى البائع بين المشترى والمبيع التخلية الشرعية ليتسلم ، فهل يصح ذلك وتكون التخلية كالتسليم .

أجاب : إذا لم تكن الدار بحضرتهما وقال البائع : سلمتها لك ، وقال المشتري تسلمت لا يكون ذلك قبضا ما لم تكن الدار قريبة منهما بحيث يقدر المشتري على الدخول فيها والإغلاق فحينئذ يصير قابضا ، وفي مسألتنا ما لم تمض مدة يتمكن من الذهاب إليها والدخول فيها لم يكن قابضا ا هـ .

مطلب في تخلية البعيد

وفي حاشية الحموي قال بعض الفضلاء : ما ذكره المصنف من أن تخلية البعيد باطلة مخالف لما في المحيط كما هو في شرح الكنز وفي ابن الهمام قبيل باب خيار الشرط ، وقد أطنبنا فيه ا هـ . ( قوله والدخول فيها ) أقول : فائدة ذكره حصول التمكن من الانتفاع ، إذ لو لم يتمكن من الدخول فيها لوجود غاصب ونحوه لا يجب الأجر كما مر ، وليس المراد أن الدخول نفسه شرط فافهم ، والله - تعالى - أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية