صفحة جزء
( وأمن ) بمد وقصر وإمالة ولا تفسد بمد مع تشديد أو حذف ياء بل بقصر مع أحدهما أو بمد معهما ، وهذا مما تفردت بتحريره ( الإمام سرا كمأموم ومنفرد ) ولو في السرية إذا سمعه [ ص: 493 ] ولو من مثله في نحو جمعة وعيد . وأما حديث { إذا أمن الإمام فأمنوا } فمن التعليق بمعلوم الوجود ، فلا يتوقف على سماعه منه ، بل يحصل بتمام الفاتحة بدليل { إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين }


( قوله وأمن ) هو سنة للحديث الآتي المتفق عليه كما في شرح المنية وغيره . واتفقوا على أنه ليس من القرآن كما في البحر ( قوله بمد ) هي أشهرها وأفصحها وقصر وهي مشهورة ، ومعناه استجب ط ( قوله وإمالة ) أي في المد لعدم تأتيها في القصر ح ، وحقيقة الإمالة أن ينحي بالفتحة نحو الكسر فتميل الألف إن كان بعدها ألف نحو الياء أشموني ( قوله ولا تفسد إلخ ) أشار به إلى أن الكلام في نفي الفساد لا في تحصيل السنة ، فإن السنة لا تحصل إلا بالثلاثة الأول كما أفاده ط ( قوله بمد مع تشديد أو حذف ياء ) أي حالة كون المد مصاحبا لأحدهما لا لكل منهما ، ففيه صورتان :

الأولى : المد ، مع التشديد بلا حذف ، فلا يفسد على المفتى به عندنا لأنه لغة فيها حكاها الواحدي ولأنه موجود في القرآن ولأن له وجها ، كما قال الحلواني : إن معناه ندعوك قاصدين إجابتك لأن معنى آمين قاصدين . وأنكر جماعة من مشايخنا كونها لغة وحكم بفساد الصلاة بحر .

والصورة الثانية : المد مع حذف الياء بلا تشديد لوجوده في قوله تعالى { ويلك آمن } كما في الإمداد ، فأوفى كلامه لمنع الجمع فقط لأنه لو أتى بالمد جامعا بين التشديد والحذف تفسد كما نبه عليه بعد ، ولو كانت لمنع الخلو أيضا بأن أتى بالمد خاليا عن التشديد والحذف لزم التكرار لأنه اللغة الفصحى المتقدمة فافهم ( قوله بل يقصر مع أحدهما ) أي مع التشديد بلا حذف الياء وهو آمين لعدم وجوده في القرآن أو مع حذف الياء بلا تشديد وهو أمن ، وفيه نظر لوجوده في قوله تعالى { - فإن أمن - } ح أي ولذلك لم يذكره في البحر والنهر . هذا . وذكر في الحلية الأول . لغة ضعيفة فقال : وقصرها وتشديد الميم حكاها بعضهم عن ابن الأنباري واستضعفت ، ويظهر أن الأشبه فساد الصلاة بها ا هـ . ( قوله أو بمد معهما ) أي مع التشديد وحذف الياء وهو آمن فإنه مفسد لعدم وجوده في القرآن . وحاصل ما ذكره ثمانية أوجه : خمسة صحيحة ، وثلاثة مفسدة ، وبقي تاسع وهو أمن بالقصر مع التشديد والحذف ، وهو مفسد لعدم وجوده في القرآن ، ولو قال الشارح وبمد أو قصر معهما لاستوفى ح . قلت : وقد ذكر هذا التاسع مع الثامن في البحر ، وقال : ولا يبعد فساد الصلاة فيهما ( قوله الإمام سرا ) أشار بالأول إلى خلاف مالك في تخصيص المؤتم بالتأمين دون الإمام .

وهو رواية الحسن عن الإمام ، وبالثاني إلى خلاف الشافعي أنه يأتي بها كل منهما جهرا ، وقوله كمأموم ومنفرد محل اتفاق فلذا أتى بالكاف ( قوله ولو في السرية ) [ ص: 493 ] أي لإطلاق الأمر في الحديث الآتي ، وهذا راجع إلى المأموم ، وكان ينبغي ذكره عقبه ، وقيل لا يؤمن المأموم في السرية ولو سمع الإمام لأن ذلك الجهر لا عبرة به ( قوله ولو من مثله ) أي من مقتد مثله ، بأن كان مثله قريبا من الإمام يسمع قراءته فأمن ذلك المقتدي تأمين مثله القريب من الإمام فيؤمن لأن المناط العلم بتأمين الإمام ( قوله في نحو جمعة وعيد ) أشار بنحو إلى أن التقييد بالجمعة والعيد كما وقع في الجوهرة غير قيد كما بحثه في الشرنبلالية بقوله ينبغي أن لا يختص بهما بل الحكم في الجماعة الكثيرة كذلك ( قوله أما حديث إلخ ) هو ما رواه الشيخان { إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه } وهو مفيد تأمينهما ، لكن في حق الإمام بالإشارة لأن النص لم يسق له ، وفي حق المأموم بالعبارة لأنه سيق لأجله بحر ، ثم مراد الشارح الجواب عن قول الشافعي : إن الحديث دليل على جهر الإمام بالتأمين لأنه علق تأمينهم بتأمينه . والجواب أن موضع التأمين معلوم فإذا سمع لفظة - { ولا الضالين } - كفى لأن الشارع طلب من الإمام التأمين بعده ، فصار من التعليق بمعلوم الوجود ، وتمام الأدلة في المطولات .

ويظهر من هذا أن من كان بعيدا عن الإمام لا يسمع قراءته أصلا لا يؤمن كما في البحر : أي لعدم سماعه موضع التأمين ، اللهم إلا أن يسمع من مثله كما مر في السرية ( قوله فقولوا آمين ) تمام الحديث { فإن الملائكة تقول آمين ، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه } رواه عبد الرزاق والنسائي وابن حبان حلية . وفي شرح مسلم للنووي : الصحيح الصواب أن المراد الموافقة للملائكة في وقت التأمين ، وقيل في الصفة والخشوع والإخلاص ، ثم قيل هم الحفظة ، وقيل غيرهم لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر { فوافق قوله قول أهل السماء }

التالي السابق


الخدمات العلمية