صفحة جزء
( و ) المكاتب ( إذا مات وله مال ) يفي بالبدل ( لم تفسخ ، وتؤدى كتابته من ماله وحكم بعتقه في آخر ) جزء من أجزاء ( حياته ، كما يحكم بعتق أولاده ) المولودين في كتابته لا قبلها ( والباقي من ماله ميراث لورثته ، ولو ) لم يترك مالا و ( ترك ولدا ) ولد ( في كتابته ولا وفاء بقيت كتابته [ ص: 114 ] وسعى ) الابن في كتابة أبيه ( على نجومه ) المقسطة ( فإذا أدى حكم بعتق أبيه قبل موته وبعتقه تبعا ولو ترك ولدا اشتراه ) في كتابته ( أدى البدل حالا أو رد إلى حاله رقيقا ) وسويا بينهما وأما الأبوان فيردان للرق كما مات وقالا : إن أديا حالا عتقا وإلا لا .


( قوله : وله مال لم تفسخ ) لأنه عقد معاوضة ، وفيه إشعار بأنه إذا لم يترك وفاء تنفسخ ، حتى لو تبرع أحد بالبدل لا يقبل منه وهذا قول أبي بكر الإسكاف . وذهب الفقيه أبو الليث إلى أنه لا ينفسخ بدون الحاكم كما في الصغرى قهستاني . ( قوله : وتؤدى كتابته من ماله ) فلو عليه ديون للمولى ولأجنبي ففي البدائع يبدأ بدين الأجنبي ثم ينظر ، فإن كان في التركة وفاء بدين المولى وبالكتابة بدئ بدين المولى وإلا فبالكتابة ، ويستوفي المولى الدين إذا ظهر له مال . أما لو بدئ به صار عاجزا ، ولا يجب للمولى على عبده القن دين . ( قوله : كما يحكم بعتق أولاده إلخ ) هذا يقتضي أنه لا يحكم بعتق أصوله وفروعه الذين اشتراهم في كتابته مع أنه يحكم بعتقهم ، فالصواب أن يقال : كما يحكم بعتق من دخل في كتابته ح . وفي الغرر : وحكم بعتق بنيه ، سواء ولدوا في كتابته أو شراهم حال كتابته أو كوتب هو وابنه صغيرا أو كبيرا بمرة أي بكتابة واحدة ، فإن كلا منهم يتبعه في الكتابة وبعتقه عتقوا ا هـ ط . ( قوله : المولودين في كتابته ) أي من أمته بالتسري وإن حرم لعدم منافاتها ثبوت النسب كما قدمناه عن الشرنبلالية ، وسنذكر صورتين عن البدائع غير هذه . ( قوله : لورثته ) أي لأولاده الأحرار ، بأن ولدوا من امرأة حرة ، وكذا المولودون في الكتابة والذين اشتراهم فيها ووالداه يعتقهم بعتقه ، وكذا ولده المكاتب معه بمرة لا المكاتب على حدة لأنه يموت حرا وولده مكاتب والمكاتب لا يرث بدائع ، فإن لم يكن له وارث من القرابة فلسيده بالولاء . ( قوله : ولو لم يترك مالا ) لا حاجة إلى هذا التقدير مع قول المتن ولا وفاء له ح . ( قوله : ولد في كتابته ) بأن تزوج أمة بإذن مولاه فولدت منه ثم اشتراها المكاتب وولدها ، أو المكاتبة ولدت من [ ص: 114 ] غير مولاها بدائع . ( قوله : وسعى ) ظاهره أنه لا بد أن يكون قادرا على السعي وليس كذلك .

قال في الكافي : لو كانت أمته على أنه بالخيار ثلاثة أيام فولدت في مدة الخيار ، وماتت وبقي الولد يبقى خياره وعقد الكتابة عند الإمام والثاني ، وله أن يجيزه . وإذا أجاز يسعى الولد على نجوم الأم ، وإن أدى عتقت الأم في آخر جزء من أجزاء حياتها وهذا استحسان ، وعند الثالث تبطل الكتابة ، ولا تصح إجازة المولى وهو القياس ا هـ طوري وظاهره أنه ينتظر قدرته على السعي ، وتوقف فيه الشرنبلالي ، ونقل عنه أنه أجاب في هامش حاشيته بأن القاضي ينصب له شخصا وصيا فيجمع له مالا وتنفك رقبته ، ومثل الصغير المقعد والزمن والمجنون ا هـ والله تعالى أعلم . ( قوله : على نجومه ) فلا يرد إلى الرق إلا إذا أخل بنجم أو نجمين على الاختلاف بدائع . ( قوله : حكم بعتق أبيه قبل موته وبعتقه ) كذا جعل العتق مستندا صاحب الهداية والكنز وغيرهما . قال في الشرنبلالية : ويخالفه ما في الظهيرية من أنه لا يستند بل يقتصر على وقت الأداء . ( قوله : أدى البدل حالا أو رد إلخ ) هذا قول الإمام ، لأن الأجل يثبت بالشرط في العقد فيثبت في حق من دخل تحت الكتابة والمشترى لم يدخل لأنه لم يضف إليه العقد ولم يسر حكمه إليه لكونه منفصلا وقت الكتابة .

وأورد عليه أنه قد مر في فصل تصرفات المكاتب أنه إذا اشترى أباه أو ابنه دخل في كتابته . وأيضا لو لم يسر حكمه إليه لما عتق عنده بأداء البدل حالا ، وأجيب بأن المراد بدخول المشترى ليس لسراية حكم العقد الجاري بين المكاتب والمولى إليه ، بل يجعل المكاتب مكاتبا لولده باشترائه إياه تحقيقا للصلة ، وبأن عتق الولد المشترى عنده بالأداء حالا ليس لأجل السراية أيضا بل بصيرورة المكاتب كأنه مات عن وفاء كما أفصح عنه في الكافي طوري ملخصا . ( قوله : وسويا بينهما ) فيسعى على نجوم أبيه عندهما ، وكذا كل ذي رحم محرم منه اشتراهم أتقاني . ( قوله : فيردان للرق ) هذا على رواية الأصل . وفي إملاء رواية أبي سليمان جعله كالولد المشترى في الكتابة ، فعن أبي حنيفة روايتان كما في التتارخانية ، ونقل في غاية البيان الثانية عن شرح الكافي للبزدوي ، وعليها اقتصر في البدائع ، ثم هذا إذا لم يكن للمكاتب أحد من أولاده . قال في الجوهرة : فإن ترك مع المولود في الكتابة أبويه وولدا آخر مشترى في الكتابة فهم موقوفون على أداء بدل الكتابة من المولود في الكتابة ، وليس للمولى بيعهم ولا أن يستسعيهم ، فإذا أدى المولود فيها بدلها عتق وعتقوا جميعا ، وإن عجز ورد في الرق رد هؤلاء معه إلا أن يقولوا نحن نؤدي المال الساعة فيقبل ذلك منهم قبل قضاء القاضي بعجز المولود في الكتابة . ( قوله : كما مات ) أي بمجرد موته ، ولا يقبل منهما بدل حال ولا مؤجل عند الإمام ح . ( قوله : وقالا : إن أديا حالا عتقا وإلا لا ) المصرح به في شرح المجمع والشرنبلالية أن الأصول كالفروع عندهما في السعي على النجوم ، فلينظر من أين أخذ الشارح هذا الكلام ح .

أقول : الذي أوقعه في ذلك الشرنبلالي ، فإنه ذكر في فصل تصرفات المكاتب أن الوالدين يردان للرق كما [ ص: 115 ] مات وعزاه للتبيين والعناية . ثم قال : ويخالفه ما في البدائع : إذا مات المكاتب من غير مال يقال للولد المشترى وللوالدين إما أن تؤدوا الكتابة حالا وإلا رددناكم في الرق ، بخلاف الولد المولود في الكتابة ا هـ ، لكن تنتفي المخالفة بحمل ما في البدائع على قول الصاحبين : ويحمل غيره على قول الإمام كما صرح به في مختصر الظهيرية ، وسنذكره ا هـ كلام الشرنبلالي ، ثم نقل في هذا الباب عن مختصر الظهيرية أن الوالدين ليسا كالولد فيباعان كسائر أكسابه ، وهذا عند أبي حنيفة . وعندهما إذا ترك ولدا مشترى أو أبا أو أما يسعى على نجوم المكاتب كالمولود في الكتابة ا هـ . فحمله ما في البدائع - من أن الوالدين كالمشترى في الكتابة على قول الصاحبين - هو عين ما قاله الشارح وهو غير صحيح ، بل ما في البدائع هو رواية الإملاء عن أبي حنيفة كما قدمناه عن التتارخانية ، وما استند إليه في الحمل المذكور من كلام مختصر الظهيرية لا يفيده بوجه من الوجوه ، فإنه مصرح بأن الأبوين عندهما كالمولود في الكتابة لا كالمشترى .

والحاصل أن الوالدين والولد المشترى في الكتابة وكذا كل ذي رحم محرم اشتري فيها يسعون على نجوم المكاتب عند الصاحبين كالمولود فيها بلا فرق بين الجميع . وأما عند الإمام فلكل حكم يخصه بينه المصنف والشارح سوى المحارم لعدم دخولهم عنده في كتابته كما مر في محله ، وهذا على رواية الأصل . وعلى رواية الإملاء : الوالدان كالولد المشترى عنده ، وهي ما مشى عليه في البدائع ، فاغتنم هذا التحرير بعون الملك القدير .

التالي السابق


الخدمات العلمية