صفحة جزء
( فإن ترك ) المكاتب ( ولدا من حرة ) أي معتقة ( وترك دينا يفي ببدلها فجنى الولد فقضي به ) بما جنى ( على عاقلة أمه ) ضرورة أن الأب لم يعتق بعد ( لم يكن ذلك ) القضاء ( تعجيزا لأبيه ) لعدم المنافاة ولا رجوع ، [ ص: 116 ] قيد بالدين لأن في العين لا يتأتى القضاء بالإلحاق بالأم لإمكان الوفاء في الحال .

( ولو قضي به ) بالولاء ( لقوم أمه بعد خصومتهم مع قوم الأب في ولائه فهو ) أي القضاء بما ذكر ( تعجيز ) لأنه في فصل مجتهد فيه ( وطاب لسيده وإن لم يكن مصرفا ) للصدقة ( ما أدى إليه من الصدقات فعجز ) لتبدل الملك ، وأصله حديث بريرة { هي لك صدقة ولنا هدية } ( كما في وارث ) شخص ( فقير مات عن صدقة أخذها وارثه الغني " و ) كما في ( ابن سبيل أخذها ثم وصل إلى ماله وهي في يده ) أي الزكاة ، وكفقير استغنى ، وهي في يده فإنها تطيب له ، بخلاف فقير أباح لغني أو هاشمي عين زكاة أخذها لا يحل لأن الملك لم يتبدل .


( قوله : أي معتقة ) فسر الحرة بذلك ، أخذا من قوله : ولو قضى به : أي بالولاء لقوم أمه فإن حرة الأصل لا ولاء لأحد على ولدها كما سيذكره الشارح قبيل فصل ولاء الموالاة . ( قوله : ضرورة أن الأب إلخ ) علة للقضاء على عاقلة الأم ح . ( قوله : لم يعتق بعد ) لأنه - وإن ترك مالا وهو الدين - لا يحكم بعتقه إلا عند الأداء . ( قوله : لعدم المنافاة ) أي لعدم منافاة القضاء على عاقلة الأم للكتابة ، بل قال في الهداية : إن هذا القضاء يقرر حكم الكتابة لأن من قضيتها إلحاق الولد بموالي الأم وإيجاب العقل عليهم ، لكن على وجه يحتمل أن يعتق فينجز الولاء إلى موالي الأب ، والقضاء بما يقرر حكمه لا يكون تعجيزا . ( قوله : ولا رجوع ) فيه طي والتقدير كما في غاية البيان : فإن خرج الدين وأديت الكتابة رجع ولاء الولد إلى موالي الأب ولا رجوع لموالي الأم بما عقلوا عنه بعد وفاته ا هـ لكن يخالفه قول الطوري : وكانوا مضطرين فيما عقلوا فلهم الرجوع على موالي الأب ا هـ . نعم ذكر في النهاية والمعراج تفصيلا يدفع المخالفة ، وهو أنهم لا يرجعون بما عقلوا من جناية الولد في حياة المكاتب على موالي الأب ، لأنه إنما حكم بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته فلا يستند عتقه إلى أول عقد الكتابة ، أما لو عقلوا عن جنايته بعد موت الأب قبل أداء البدل رجعوا لأن عتق الأب استند إلى حال حياته فتبين أن ولاءه كان لموالي الأب من ذلك الوقت ، وموالي الأم كانوا مجبورين على الأداء ا هـ . ومثله في حاشية [ ص: 116 ] أبي السعود عن تكملة فتح القدير للعلامة الديري ، وبه ظهر أن قول الشارح " ولا رجوع " في غير محله لأن فرض المسألة في كلام المصنف كالكنز فيما إذا جنى الولد بعد موت المكاتب ولهذا اقتصر الطوري على قوله فلهم الرجوع . ( قوله : قيد بالدين إلخ ) قال الزيلعي : هذا كله فيما إذا مات المكاتب عن وفاء فأديت الكتابة أو عن ولد فأداها ، فأما إذا مات لا عن وفاء ولا عن ولد فاختلفوا في بقاء الكتابة .

قال الإسكاف : تنفسخ ، حتى لو تطوع إنسان بأداء البدل لا يقبل منه . وقال أبو الليث : لا تنفسخ ما لم يقض بعجزه ا هـ ، ومقتضاه أن الدين ليس بقيد وأن أداء الولد : أي المولود في الكتابة أو المشترى فيها كخروج الدين . ( قوله : لأن في العين ) يعني الموفي بالبدل لتعليله بإمكان الوفاء في الحال شرنبلالية . قال ط : والمراد بالعين ما يعم النقود الموجودة في التركة ا هـ . ( قوله : لإمكان الوفاء في الحال ) إن قلت : إنه قد يمكن الوفاء من الدين في الحال بأن يكون المديون حاضرا ساعة موت المكاتب فيطالب بما عليه فيدفع حالا قلت : المراد الإمكان القريب ، وهذا إمكان بعيد ط . ( قوله : ولو قضى به إلخ ) يعني اختصموا بعد موت الولد في إرثه بالولاء قبل أداء البدل فقضى القاضي بالولاء لقوم الأم يكون قضاء بعجز المكاتب وموته عبدا ، لأن من ضرورة كون الولاء لقوم الأم موت المكاتب عبدا لأنه لو مات حرا لانجر الولاء من قوم الأم كفاية . ( قوله : لأنه في فصل مجتهد فيه ) علة لما تضمنه قوله : فهو تعجيز من نفاذ القضاء . قال في الهداية : فهو قضاء بالعجز لأن هذا اختلاف في الولاء مقصود وذلك يبتنى على بقاء الكتابة وانتقاضها ، فإنها إذا فسخت مات عبدا واستقر الولاء على موالي الأم ، وإذا بقيت واتصل بها الأداء مات حرا وانتقل الولاء إلى موالي الأب وهذا فصل مجتهد فيه فينفذ ما يلاقيه ا هـ .

وحاصله أن ثبوت التعجيز للقضاء بالولاء لموالي الأم فالتعجيز ثابت ضمنا ، وإنما نفذ هذا القضاء لأن المكاتب عند بعض الصحابة يموت عبدا وإن ترك وفاء ، فكان قضاء في فصل مجتهد فيه وهو نافذ إجماعا فتجب رعايته وإن لزم منه بطلان الكتابة لأنها مختلف فيها فصيانته أولى . ( قوله : ما أدى ) أي المكاتب إليه : أي إلى المولى . ( قوله : فعجز ) وكذا لو عجز قبل الأداء إلى المولى ، وهذا عند محمد ظاهر لأنه بالعجز يتبدل الملك ، وكذا عند أبي يوسف وإن كان بالعجز تقرر ملك المولى عنده ; لأنه لا خبث في نفس الصدقة وإنما الخبث في فعل الأخذ لكونه إذلالا به ، ولا يجوز ذلك للغني من غير حاجة ولا للهاشمي لزيادة حرمته ، والأخذ لم يوجد من المولى هداية . ( قوله : لتبدل الملك ) فإن العبد يتملكه صدقة والمولى عوضا عن العتق . ( قوله : وأصله حديث بريرة ) يوهم أنها أهدت إليه صلى الله عليه وسلم بعدما عجزت مع أنها أهدت إليه وهي مكاتبة كما في العنايةح . ( قوله : هي لك ) الذي في الهداية وشروطها " لها " بضمير الغائبة . ( قوله : فإنها تطيب له ) لما مر أن الخبث في فعل الأخذ . ( قوله : لأن الملك لم يتبدل ) لأن المباح له يتناوله على ملك المبيح . ونظيره المشتري شراء فاسدا إذا أباح لغيره لا يطيب له ، [ ص: 117 ] ولو ملكه يطيب هداية .

التالي السابق


الخدمات العلمية