صفحة جزء
فصل .

( بلوغ الغلام بالاحتلام والإحبال والإنزال ) والأصل هو الإنزال ( والجارية بالاحتلام والحيض والحبل ) ولم يذكر الإنزال صريحا لأنه قلما يعلم منها ( فإن لم يوجد فيهما ) شيء ( فحتى يتم لكل منهما خمس عشرة سنة به يفتى ) لقصر أعمار أهل زماننا [ ص: 154 ] ( وأدنى مدته له اثنتا عشرة سنة ولها تسع سنين ) هو المختار كما في أحكام الصغار ( فإن راهقا ) بأن بلغا هذا السن ( فقالا : بلغنا ; صدقا إن لم يكذبهما الظاهر ) كذا قيده في العمادية وغيرها فبعد ثنتي عشرة سنة يشترط شرط آخر لصحة إقراره بالبلوغ وهو أن يكون بحال يحتلم مثله وإلا لا يقبل قوله شرح وهبانية ( وهما ) حينئذ ( كبالغ حكما ) فلا يقبل جحوده البلوغ بعد إقراره مع احتمال حاله فلا تنقض قسمته ولا بيعه وفي الشرنبلالية : يقبل قول المراهقين " قد بلغنا " مع تفسير كل بماذا بلغ بلا يمين . وفي الخزانة أقر بالبلوغ فقبل اثنتي عشرة سنة لا تصح البينة وبعده تصح ا هـ .


فصل : بلوغ الغلام بالاحتلام إلخ

بتنوين " فصل " و " بلوغ " مبتدأ وما بعده خبر ومعطوف عليه و " الجارية " مجرور عطفا على " الغلام " أو مرفوع على تقدير مضاف محذوف ، وإنابته منابه ، والبلوغ لغة : الوصول ، واصطلاحا انتهاء حد الصغر ولما كان الصغر أحد أسباب الحجر وكان له نهاية ذكر هذا الفصل لبيانها ، والغلام كما قال عياض يطلق على الصبي من حين يولد إلى أن يبلغ وعلى الرجل باعتبار ما كان . ( قوله : بالاحتلام ) قال في المعدن : الاحتلام جعل اسما لما يراه النائم من الجماع ، فيحدث معه إنزال المني غالبا فغلب لفظ الاحتلام في هذا دون غيره من أنواع المنام لكثرة الاستعمال ا هـ ط . ( قوله : والإنزال ) بأي سبب كان . ( قوله : والأصل هو الإنزال ) فإن الاحتلام لا يعتبر إلا معه والإحبال لا يتأتى إلا به . ( قوله : والجارية ) هي أنثى الغلام . ( قوله : صريحا ) قيد به لأنه مذكور ضمنا في الاحتلام والحبل . ( قوله : فإن لم يوجد فيهما ) أي في الغلام والجارية شيء مما ذكر إلخ مفاده : أنه لا اعتبار لنبات العانة خلافا للشافعي ، ورواية عن أبي يوسف ، ولا اللحية ، وأما نهود الثدي فذكر الحموي أنه لا يحكم به في ظاهر الرواية ، وكذا ثقل الصوت كما في شرح النظم الهاملي أبو السعود وكذا شعر الساق والإبط والشارب . ( قوله : به يفتى ) هذا عندهما وهو رواية عن الإمام وبه قالت الأئمة الثلاثة ، وعند الإمام حتى يتم له ثماني عشرة سنة ولها سبع عشرة سنة . ( قوله : لقصر أعمار أهل زماننا ) ولأن { ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد [ ص: 154 ] وسنه أربعة عشر فرده ، ثم يوم الخندق وسنه خمسة عشر فقبله } ولأنها العادة الغالبة على أهل زماننا ، وغيرهما احتياط فلا خلاف في الحقيقة والعادة إحدى الحجج الشرعية فيما لا نص فيه نص عليه الشمني وغيره در منتقى . ( قوله : وأدنى مدته ) أي مدة البلوغ والضمير في له للغلام وفي لها للجارية . ( قوله : كما في أحكام الصغار ) هو اسم كتاب للأسروشني . ( قوله : فإن راهقا ) يقال رهقه أي دنا منه رهقا ، ومنه إذا { صلى أحدكم إلى سترة فليرهقها } ، وصبي مراهق مدان للحلم مغرب . ( قوله : إن لم يكذبهما الظاهر ) هو معنى قوله الآتي ، وهو أن يكون بحال يحتلم مثله .

وفي المنح عن الخانية : صبي أقر أنه بالغ وقاسم وصي الميت قال ابن الفضل إن كان مراهقا ويحتلم يقبل قوله : وتجوز قسمته وإن كان مراهقا ويعلم أن مثله لا يحتلم لا تجوز قسمته ولا يقبل قوله : لأنه يكذب ظاهرا وتبين بهذا أن بعد اثنتي عشرة سنة إذا كان بحال لا يحتلم مثله إذا أقر البلوغ لا يقبل ا هـ . ( قوله : فبعد ثنتي عشرة سنة ) ادعى صاحب جامع الفصولين أن الصواب إبدال بعد بقبل زعما منه أنه شرط لغير المراهق ورده في نور العين ونسبه إلى الوهم وقلة الفهم . ( قوله : وفي الشرنبلالية ) وعبارتها يعني وقد فسرا ما به علما بلوغهما وليس عليهما يمين ا هـ قال أبو السعود : والظاهر أن هذا هو المراد مما نقله الحموي عن شرح درر البحار من أنه يشترط لقبول قولهما أن يبينا كيفية المراهقة حين السؤال عنه ا هـ .

قلت : وفي جامع الفصولين عن فتاوى النسفي عن القاضي محمود السمرقندي أن مراهقا أقر في مجلسه ببلوغه فقال بماذا بلغت ؟ قال : باحتلام قال : فماذا رأيت بعدما انتبهت ؟ قال : الماء قال : أي ماء ؟ فإن الماء مختلف قال : المني قال : ما المني ؟ قال : ماء الرجل الذي يكون منه الولد قال : على ماذا احتلمت على ابن أو بنت أو أتان قال : على ابن فقال القاضي : لا بد من الاستقصاء فقد يلقن الإقرار بالبلوغ كذبا قال شيخ الإسلام : هذا من باب الاحتياط وإنما يقبل قوله مع التفسير وكذا جارية أقرت بحيض ا هـ والظاهر أن المراد بقوله وإنما يقبل مع التفسير أي تفسير ما بلغ به من احتلام أو إحبال فقط بلا هذا الاستقصاء . ( قوله : لا تصح البينة ) صوابه ألبتة من البت وهو القطع كما جاء في جامع الفصولين وقد وجد كذلك في بعض النسخ أو يقول : لا يصح الإقرار .

التالي السابق


الخدمات العلمية