صفحة جزء
( ولو ترك سورة أوليي العشاء ) مثلا ولو عمدا ( قرأها وجوبا ) وقيل ندبا [ ص: 536 ] ( مع الفاتحة جهرا في الأخريين ) لأن الجمع بين جهر ومخافتة في ركعة شنيع ، ولو تذكرها في ركوعه قرأها وأعاد الركوع ( ولو ترك الفاتحة ) في الأوليين ( لا ) يقضيها في الأخريين للزوم تكرارها ، [ ص: 537 ] ولو تذكرها قبل الركوع قرأها وأعاد السورة


( قوله مثلا ) زاده ليعم ما لو تركها في ركعة واحدة ، وهل يأتي بها في الثالثة أو الرابعة ؟ يحرر ، وليعم غير العشاء كالمغرب فإنه لو تركها في إحدى أولييها يأتي بها في الثالثة ، ولو فيهما معا أتى في الثالثة بفاتحة وسورة وفاتت الأخرى ، ويسجد للسهو لو ساهيا ; وليعم الرباعية السرية فإنه يأتي بها في الأخريين أيضا أفاده ط ، وإنما خص المصنف العشاء بالذكر لمكان قوله جهرا في الأخريين لا للاحتراز عن غيره ، فلذا أشار الشارح إلى التعميم فافهم .

( قوله ولو عمدا ) هذا ظاهر إطلاق المتون ، وبه صرح في النهر ، ولم يعزه إلى أحد ، كأنه أخذه من الإطلاق ، وإلا فصنيع الفتاوى والشروح يقتضي أن وضع المسألة في النسيان تأمل ، أفاده الخير الرملي ( قوله وجوبا وقيل ندبا ) أشار إلى أن الأصح الوجوب ، وذلك لأن محمدا أشار إليه في الجامع الصغير ، حيث عبر بقوله قرأها بلفظ الخبر ، وهو آكد من الأمر في الوجوب ، وصرح في الأصل بالاستحباب . قال في غاية البيان : والأصح ما في الجامع الصغير لأنه آخر التصنيفين . ورده في الفتح بأن ما في الأصل أصرح فيجب التعويل عليه في الرواية ، وكون الإخبار آكد رده في البحر بأنه في إخبار الشارع لا في غيره ، فكان المذهب الاستحباب . قال في النهر : ولا يخفى أن أمر المجتهد ناشئ عن أمر الشارع فكذا إخباره ، نعم قال في الحواشي السعدية إنما يكون دليلا إذا كان مستعملا في الأمر الإيجابي وهو ممنوع . وأقول : لم [ ص: 536 ] لا يجوز أن يكون المراد الاستحباب وتكون القرينة عليه ما في الأصل كما أريد بما مر من قوله افترش رجله اليسرى ووضع يديه على فخذيه وأمثال ذلك . ا هـ . والحاصل أن اختيار صاحب الفتح والبحر والنهر الندب لأنه صريح كلام محمد ( قوله مع الفاتحة ) أشار به إلى شيئين :

الأول أنه يقدم الفاتحة لأن مع تدخل على المتبوع وهو أحد قولين وينبغي ترجيحه : والثاني أن الفاتحة واجبة أيضا ، وفيه قولان أيضا ، وينبغي ترجيح عدم الوجوب كما هو الأصل فيها ، أفاده في البحر والنهر ( قوله لأن الجمع إلخ ) أشار به إلى أن قول المصنف جهرا راجع إلى الفاتحة والسورة معا ، وجعله الزيلعي ظاهر الرواية وصححه في الهداية لما ذكره الشارح وصحح التمرتاشي أنه يجهر بالسورة فقط ، وجعله شيخ الإسلام الظاهر من الجواب وفخر الإسلام الصواب ، ولا يلزم الجمع الشنيع لأن السورة تلتحق بموضعها تقديرا بحر ، ومفاده أن الجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة مكروه اتفاقا إذا كانت القراءة في محلها غير ملتحقة بما قبلها . ويرد عليه ما قدمناه من الفروع أول الفصل فتأمل . مطلب تحقيق مهم فيما لو تذكر في ركوعه أنه لم يقرأ فعاد تقع القراءة فرضا وفي معنى كون القراءة فرضا وواجبا وسنة

( قوله ولو تذكرها ) أي السورة ( قوله قرأها ) أي بعد عوده إلى القيام ( قوله وأعاد الركوع ) لأن ما يقع من القراءة في الصلاة يكون فرضا فيرتفض الركوع ويلزمه إعادته لأن الترتيب بين القراءة والركوع فرض كما مر بيانه في الواجبات ، حتى لو لم يعده تفسد صلاته ، بل لو قام لأجل القراءة ثم بدا له فسجد ولم يقرأ ولم يعد الركوع ، قيل تفسد ، وقيل لا .

والفرق بين القراءة وبين القنوت حيث لا يعود لأجله لو تذكره في ركوعه ، ولو عاد لا يرتفض هو ما ذكرنا من أن القراءة تقع فرضا ، أما القنوت إذا أعيد يقع واجبا .

وبيان ذلك أن القراءة وإن انقسمت إلى فرض وواجب وسنة إلا أنه مهما أطال يقع فرضا ، وكذا إذا أطال الركوع والسجود على ما هو قول الأكثر والأصح لأن قوله تعالى { - فاقرءوا ما تيسر - } لوجوب أحد الأمرين الآية ، فما فوقها مطلقا ، لصدق ما تيسر على كل فرض ، فمهما قرأ يكون الفرض ، ومعنى الأقسام المذكورة أن جعل الفرض مقدار كذا واجب ، وجعله دون ذلك مكروه ، وجعله فوق ذلك إلى حد كذا سنة ، لا أنه يقع أول آية يقرؤها فرضا وما بعدها إلى حد كذا واجبا وما بعد ذلك إلى حد كذا سنة . لأنا إن اعتبرنا الواجب ما بعد الآية الأولى منضما إليها انقلب الفرض واجبا ، وإن اعتبرناه منفردا كان الواجب بعض الفاتحة . وقالوا : الفاتحة واجب ، وكذا الكلام فيما بعد الواجب إلى حد السنة فليتأمل ، كذا في شرح المنية من باب سجود السهو ، ونحوه في الفتح ، وهو تحقيق دقيق فاغتنمه ( قوله للزوم تكرارها ) أي وهو غير مشروع ، وهذا لو قرأها مرتين ، فلو مرة لا تكون قضاء كما في النهاية لأنها في محلها ، لكن كتب على ما في النهاية شيخ الإسلام المفتي أبو السعود .

قلت : لا يخفى أن قراءة الفاتحة في الشفع الثاني ليست بواجبة ، بل ذاك على وجه الدعاء في ظاهر الرواية وإن كانت واجبة على رواية الحسن بن زياد ، فعلى هذا إذا قرأ الفاتحة مرة لم يتعين انصرافها إلى تلك الركعة ; [ ص: 537 ] وأنت خبير بأن بناء ظاهر الرواية : أي الذي هو عدم إعادة الفاتحة في مسألتنا على رواية الحسن غير حسن ا هـ أي بخلاف السورة فإن الشفع ليس بمحل لأداء السورة ، فجاز أن يكون محلا للقضاء ، وتمامه في شرح الشيخ إسماعيل ( قوله ولو تذكرها ) أي الفاتحة ( قوله قبل الركوع ) الظاهر أنه ليس بقيد ، حتى لو تذكرها في الركوع فكذلك لأنه قدم أنه لو تذكر السورة في الركوع أعادها وأعاد الركوع فالفاتحة أولى لأنها آكد رحمتي ( قول وأعاد السورة ) لأنها شرعت تابعة للفاتحة رحمتي

التالي السابق


الخدمات العلمية