صفحة جزء
( والجماعة سنة مؤكدة للرجال ) قال الزاهدي : أرادوا بالتأكيد الوجوب إلا في جمعة وعيد فشرط . وفي التراويح سنة كفاية ، وفي وتر رمضان مستحبة على قول . وفي وتر غيره وتطوع على سبيل التداعي مكروهة ، وسنحققه . ويكره تكرار الجماعة بأذان وإقامة في مسجد محلة لا في مسجد طريق أو مسجد لا إمام له ولا مؤذن


( قوله قال الزاهدي إلخ ) توفيق بين القول بالسنية والقول بالوجوب الآتي ، وبيان أن المراد بهما واحد أخذا من استدلالهم بالأخبار الواردة بالوعيد الشديد بترك الجماعة . وفي النهر عن المفيد : الجماعة واجبة ، وسنة لوجوبها بالسنة ا هـ وهذا كجوابهم عن رواية سنية الوتر بأن وجوبها ثبت بالسنة قال في النهر : إلا أن هذا يقتضي الاتفاق على أن تركها مرة بلا عذر يوجب إثما مع أنه قول العراقيين . والخراسانيون ن على أنه يأثم إذا اعتاد الترك كما في القنية . ا هـ .

وقال في شرح المنية : والأحكام تدل على الوجوب ، من أن تاركها بلا عذر يعزر وترد شهادته ، ويأثم الجيران بالسكوت عنه ، وقد يوفق بأن ذلك مقيد بالمداومة على الترك كما هو ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم " { لا يشهدون الصلاة } " وفي الحديث الآخر " { يصلون في بيوتهم } " كما يعطيه ظاهر إسناد المضارع نحو بنو فلان يأكلون البر : أي عادتهم ، فالواجب الحضور أحيانا ، والسنة المؤكدة التي تقرب منه المواظبة . ا هـ . ويرد عليه ما مر عن النهر ، إلا أن يجاب بأن قول العراقيين يأثم بتركها مرة مبني على القول بأنها فرض عين عند بعض مشايخنا كما نقله الزيلعي وغيره ، أو على القول بأنها فرض كفاية كما نقله في القنية عن الطحاوي والكرخي وجماعة ، فإذا تركها الكل مرة بلا عذر أثموا فتأمل ( قوله فشرط ) بناء على القول بوجوب العيد ; أما على القول بسنيتها فتسن الجماعة فيها كما في الحلية والبحر ; ثم قال في البحر : ولا يخفى أن الجماعة شرط الصحة على كل من القولين ا هـ أي شرط لصحة وقوعها واجبة أو سنة فافهم ( قوله سنة كفاية ) أي على كل أهل محلة ، لما في منية المصلي من بحث التراويح ، من أن إقامتها بالجماعة سنة على سبيل الكفاية حتى لو ترك أهل محلة ، كلهم الجماعة فقد تركوا السنة وأساءوا في ذلك ، وإن تخلف من أفراد الناس وصلى في بيته فقد ترك الفضيلة ا هـ ( قوله على قول ) وغير مستحبة على قول آخر بل يصليها وحده في بيته ، وهما قولان مصححان وسيأتي قبيل إدراك الفريضة ترجيح الثاني بأنه المذهب ( قوله وفي وتر غيره إلخ ) كراهة الجماعة فيه هو المشهور ، وذكره القدوري في مختصره ، وذكر في غيره عدم الكراهة ، ووفق في الحلية بحمل الأول على المواظبة والثاني على الفعل أحيانا ، وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى ( قوله على سبيل التداعي ) بأن يقتدي أربعة فأكثر بواحد ( قوله وسنحققه ) أي قبيل إدراك الفريضة . [ تتمة ]

قال في الحلية : وأما الجماعة في صلاة الخسوف ظاهر كلام الجم الغفير من أهل المذهب كراهتها . وفي شرح الزاهدي : وقيل جائزة عندنا لكنها ليست بسنة . ا هـ . مطلب في تكرار الجماعة في المسجد

( قوله ويكره ) أي تحريما لقول الكافي لا يجوز والمجمع لا يباح وشرح الجامع الصغير إنه بدعة كما في رسالة السندي ( قوله بأذان وإقامة إلخ ) عبارته في الخزائن : أجمع مما هنا ونصها : يكره تكرار الجماعة في مسجد محلة [ ص: 553 ] بأذان وإقامة ، إلا إذا صلى بهما فيه أولا غير أهله ، لو أهله لكن بمخافتة الأذان ، ولو كرر أهله بدونهما أو كان مسجد طريق جاز إجماعا ; كما في مسجد ليس له إمام ولا مؤذن ويصلي الناس فيه فوجا فوجا ، فإن الأفضل أن يصلي كل فريق بأذان وإقامة على حدة كما في أمالي قاضي خان ا هـ ونحوه في الدرر ، والمراد بمسجد المحلة ما له إمام وجماعة معلومون كما في الدرر وغيرها . قال في المنبع : والتقييد بالمسجد المختص بالمحلة احتراز من الشارع ، وبالأذان الثاني احترازا عما إذا صلى في مسجد المحلة جماعة بغير أذان حيث يباح إجماعا . ا هـ . ثم قال في الاستدلال على الإمام الشافعي النافي للكراهة ما نصه : ولنا { أنه عليه الصلاة والسلام كان خرج ليصلح بين قوم فعاد إلى المسجد وقد صلى أهل المسجد فرجع إلى منزله فجمع أهله وصلى } " ولو جاز ذلك لما اختار الصلاة في بيته على الجماعة في المسجد ولأن في الإطلاق هكذا تقليل الجماعة معنى ، فإنهم لا يجتمعون إذا علموا أنهم لا تفوتهم .

وأما مسجد الشارع فالناس فيه سواء لا اختصاص له بفريق دون فريق ا هـ ومثله في البدائع وغيرها ، ومقتضى هذا الاستدلال كراهة التكرار في مسجد المحلة ولو بدون أذان ; ويؤيده ما في الظهيرية : لو دخل جماعة المسجد بعد ما صلى فيه أهله يصلون وحدانا وهو ظاهر الرواية ا هـ وهذا مخالف لحكاية الإجماع المارة ، وعن هذا ذكر العلامة الشيخ السندي تلميذ المحقق ابن الهمام في رسالته أن ما يفعله أهل الحرمين من الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة مكروه اتفاقا . ونقل عن بعض مشايخنا إنكاره صريحا حين حضر الموسم بمكة سنة 551 منهم الشريف الغزنوي . وذكر أنه أفتى بعض المالكية بعدم جواز ذلك على مذهب العلماء الأربعة . ونقل إنكار ذلك أيضا عن جماعة من الحنفية والشافعية والمالكية حضروا الموسم سنة 551 ا هـ وأقره الرملي في حاشية البحر ، لكن يشكل عليه أن نحو المسجد المكي والمدني ليس له جماعة معلومون ، فلا يصدق عليه أنه مسجد محلة ، بل هو كمسجد شارع ، وقد مر أنه لا كراهة في تكرار الجماعة فيه إجماعا فليتأمل ،

هذا وقدمنا في باب الأذان عن آخر شرح المنية عن أبي يوسف أنه إذا لم تكن الجماعة على الهيئة الأولى لا تكره وإلا تكره ، وهو الصحيح ، وبالعدول عن المحراب تختلف الهيئة كذا في البزازية انتهى . وفي التتارخانية عن الولوالجية : وبه نأخذ

التالي السابق


الخدمات العلمية