صفحة جزء
[ ص: 332 ] نذر عشر أضحيات لزمه ثنتان لمجيء الأثر بها خانية ، والأصح وجوب الكل لإيجابه ما لله من جنسه إيجاب شرح وهبانية .

قلت : ومفاده لزوم النذر بما ضمن جنسه واجب اعتقادي أو اصطلاحي قاله المصنف فليحفظ .


( قوله لزمه ثنتان ) عبارة الخانية قالوا : لزمه ثنتان ( قوله مجيء الأمر بهما ) الذي في الخانية وغيرها الأثر بالثاء المثلثة ، وهو كذلك في بعض النسخ والمراد به ما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين } قال الشرنبلالي في شرحه : قد يقال لما بين عليه الصلاة والسلام أن أحدهما عنه وعن آله والآخر عن أمته لم يقض بثنتين على شخص بالسنية ( قوله والأصح وجوب الكل ) كذا صححه في الظهيرية . ونقل في التتارخانية عن الصدر الشهيد أنه الظاهر وسيأتي في النظم ، فيلزمه أن يضحي بالعشر في أيام النحر وبعدها يتصدق بها حية لو كانت معينة كما يؤخذ مما مر متنا . قال الشرنبلالي في شرحه : وأقول في صحة إلزامه بثنتين أو بعشر تأمل . والذي يظهر لي أنه مثل إلزامه على نفسه الظهر عشرا فلا يلزمه غير ما أوجبه تعالى ، لأن نذر ذات الواجب وتعدده ليس صحيحا نعم نذر مثله كقوله نذرت ذبح عشر شياه وقت كذا يصح ويلغو ذكر الوقت ، وتقدم في الحج : لو قال لله تعالى علي حجة الإسلام مرتين لا يلزمه شيء غير المشروع مع أن الحج نفلا مشروع ولكن لا يسمى حجة الإسلام ، وكذلك الأضحية لم تشرع لازمة إلا واحدة فنذر تعددها إلزام غير المشروع وجوبا فلا يلزم فليتأمل ا هـ . أقول وبالله تعالى التوفيق إن كتب المذهب طافحة بصحة النذر بالأضحية من الغني والفقير ، وقدمنا أن الغني إذا قصد بالنذر الإخبار عن الواجب عليه وكان في أيام النحر لزمه واحدة وإلا فثنتان .

ثم لا يخفى أن الأضحية اسم لشاة مثلا تذبح في أيام النحر واجبة كانت أو تطوعا ، فإذا نذر أضحية لم تنصرف إلى الواجبة عليه ما لم ينو بالنذر الإخبار ، كما إذا قال لله علي حجة ، وعليه حجة الإسلام ، قال الزيلعي : يلزمه أخرى إلا إذا عني به الواجب عليه ا هـ ، فإذا نذر عشر أضحيات لم يحتمل الإخبار عن الواجب أصلا كما قدمناه عن البدائع من أن الغني لو نذر قبل أيام النحر أن يضحي شاة لزمه شاتان إحداهما بالنذر والأخرى بالغنى لعدم [ ص: 333 ] احتمال الصيغة الإخبار عن الواجب إذ لا وجوب قبل الوقت ، وكذا لو نذر وهو فقير ثم استغنى وهنا كذلك لعدم وجوب العشر فتلزمه العشر لأنها عبادة من جنسها واجب ، بخلاف ما لو قال : لله علي حجة الإسلام مرتين لأن حجة الإسلام اسم للفعل المخصوص على سبيل الفرضية فإذا قال مرة أو مرتين لا يلزمه لأن المرة لازمة قبل النذر والثانية لا يمكن جعلها حجة الإسلام التي هي فرض العمر ، ومثله نذر رمضان مرة أو مرتين ، فالفرق بين الأضحية التي تطلق على الواجب والتطوع كالصوم والصلاة والحج وبين حجة الإسلام كصوم رمضان وصلاة الظهر أظهر من الشمس ، وحيث علمت أن الأضحية اسم لما يذبح في وقت مخصوص لم يكن فيها إلغاء الوقت ، فإذا نذرها يلزم فعلها فيه وإلا لم يكن آتيا بالمنذور لأنها بعدها لا تسمى أضحية ولذا يتصدق بها حية إذا خرج وقتها كما قدمناه ، بخلاف ما إذا نذر ذبح شاة في وقت كذا يلغو ذكر الوقت لأنه وصف زائد على مسمى الشاة ولذا ألغى علماؤنا تعيين الزمان والمكان ، بخلاف الأضحية فإن الوقت قد جعل جزءا من مفهومها فلزم اعتباره ، ونظير ذلك ما لو نذر هدي شاة فإنهم قالوا إنما يخرجه عن العهدة ذبحها في الحرم والتصدق بها هناك مع أنهم قالوا لو نذر التصدق بدرهم على فقراء مكة له التصدق على غيرهم ، وما ذاك إلا لكون الهدي اسما لما يهدى إلى مكة ويتصدق به فيها

فقد جعل المكان جزءا من مفهومه كالزمان في الأضحية فإذا تصدق به في غير مكة لم يأت بما نذره ، بخلاف ما لو نذر التصدق بالدرهم فيها فإن المكان لم يجعل جزءا من مفهوم الدرهم فإن الدرهم درهم سواء تصدق به في مكة أو غيرها بخلاف الهدي ، فقد ظهر وجه تصحيح العشر ووجه لزوم ذبحها في أيام النحر فاغتنم هذه الفائدة الجليلة ، التي هي من نتائج فكرتي العليلة ; فإني لم أرها في كتاب ، والحمد لله الملك الوهاب

التالي السابق


الخدمات العلمية