صفحة جزء
وفيها أراد التضحية فوضع يده مع يد القصاب في الذبح وأعانه على الذبح سمى كل وجوبا ، فلو تركها أحدهما أو ظن أن تسمية أحدهما تكفي حرمت ، وهي تصلح لغزا فيقال : أي شاة لا تحل بالتسمية مرة بل لا بد أن يسمى عليها مرتين ؟ وقد نظمه شيخنا الخير الرملي فقال : أي ذبح لا بد للحل فيه أن يثنى بذكر ذي التنزيه     فأجب عنه بالقريض فإنا
لا نراه نثرا ولا نرتضيه فقلت في الجواب :     خذ جوابا نظما كما نبتغيه
من فقيه يرويه عن فقيه     هي شاة في ذبحها اشترك اثنان
فتكرار الذكر شرط كما ترويه     ذاك ذبح قصابه وضع اليد
مع الصاحب الذي يرتجيه     فعلى كل واحد منهما أن
يذكر الله جل عن تشبيه وفي الوهبانية وشرحها قال :     ولو ذبحا شاة معا ثم واحد
أخل ببسم الله فالشاة تهجر      [ ص: 335 ] وإن يشتري منها ثلاثا ثلاثة
وأشكل فالتوكيل بالذبح يذكر     وكيل شراء الشاة للعنز إن شرى
يصح خلاف العكس والقود يخسر     ولو قال سوداء فغير صح لا
إذا كان في قرناء عينا يغير     بثنتين ممن ينذر العشر ألزموا
وتصحيح إيجاب الجميع محرر     وعن ميت بالأمر الزم تصدقا
وإلا فكل منها وهذا المخبر     ومن مال طفل فالصحيح سقوطها
وعن أبه في حقه وهو أظهر     وواهب شاة راجع بعد ذبحها
فيجزئ من ضحى عليها ويؤجر


( قوله فلو تركها ) أي التسمية المفهومة من سمى ( قوله وقد نظمه شيخنا إلخ ) قد نظمه أيضا المصنف في منحه سؤالا وجوابا لكنه ارتكب فيه ضرورات لا ترتكب مع ما فيه من اختلال النظم في بعض الأبيات ( قوله أن يثنى ) مبني للمجهول والجار والمجرور نائب الفاعل ( قوله بالقريض ) أي الشعر ( قوله فقلت في الجواب إلخ ) الشطر الأول والبيت الثاني بتمامه من نظم صاحب المنح ، والباقي من نظم الخير الرملي ، فإنه قال بعد نظمه السؤال السابق وقلت في الجواب : خذ جوابا لا نقد يوجد فيه من فقيه مرويه عن فقيه     ذاك ذبح قصابه وضع اليد
مع الصاحب الذي يرتجيه ( قوله فعلى كل واحد إلخ ) وبه ظهر أن الشارح ليس له من الجواب سوى التلفيق من كلام المصنف وكلام شيخه إن لم يكن من المواردة ( قوله هي شاة إلخ ) يوجد في بعض النسخ بعد هذا البيت بيت آخر وهو ذاك ذبح إلى آخر البيت المار عن الرملي ، ولو اقتصر عليه لكان أنسب ، لأن قوله هي شاة إلخ غير موزون ، ولئلا يستدرك قوله فعلى كل واحد إلخ لأنه لم يفد شيئا زائدا على ما أفاده

( قوله هي شاة إلخ ) بل لو اقتصر الشارح في الجواب على البيت الأول والثاني وأبدل قوله شرط كما نرويه الذي اختل به النظم بقوله شرط نعيه أو شرط فيه لاستقام الوزن وأغناه عما بعده ، وكأنه قصد ذكر الجواب مرتين ، لأن البيت الأول مع الثاني جواب والبيت الثالث الذي في بعض النسخ مع الرابع جواب أيضا ( قوله وفي الوهبانية وشرحها ) ليس في هذه الأبيات من نظم ابن وهبان بلا تغيير سوى البيت الثاني والأخير ، وما عداهما تصرف فيه ابن الشحنة وأصلحه [ ص: 335 ] قوله وإن يشتري ) بإثبات حرف العلة للضرورة ( قوله منها ) أي من الشاة أو الأضاحي ( قوله وأشكل ) بأن اختلطت ولم يتميز ما لكل ( قوله فالتوكيل إلخ ) قال ابن الفضل : ينبغي أن يوكل كل واحد أصحابه بالذبح ; حتى لو ذبح شاة نفسه جاز ، ولو ذبح عن غيره بأمره جاز أيضا ا هـ شارح ( قوله يذكر ) الذي في الوهبانية يحسر بالحاء المهملة ، ويجوز فيه الفتح والضم ، من حسر عن ذراعيه إذا كشف ا هـ شارح

( قوله للعنز ) اللام للتقوية وهي الداخلة على معمول تقدم على عامله وهو هنا شرى ، مثل - { إن كنتم للرؤيا تعبرون } - ( قوله يصح ) لأن الشاة اسم جنس يتناول الضأن والمعز شارح عن الظهيرية ( قوله خلاف العكس ) أي ولو وكله بشراء عنز فاشترى شاة من الضأن لا يلزم الآمر شارح عن الخانية ( قوله والقود يخسر ) أي لو استأجر الوكيل بشراء الأضحية من يقودها بدرهم لم يلزم الآمر ظهيرية ا هـ ط ( قوله ولو قال سوداء ) بالمد والتنوين للضرورة ، والضمير في كان للقول ، وقرناء بالمد وعينا بالقصر . والأقرن : العظيم القرن . والأعين : ما عظم سواد عينيه في سعة . قال في الشرنبلالي : والبيت من الظهيرية . وكله بشراء بقرة سوداء للأضحية فاشترى بيضاء أو حمراء أو بلقاء وهي التي اجتمع فيها السواد والبياض لزم الآمر وإن وكله بشراء كبش أقرن أعين للأضحية فاشترى أجم ليس أعين لا يلزم الآمر ; لأن هذا مما يرغب للأضحية فخالف أمره .

قال الناظم : ينبغي أنه إذا أمره بشراء بيضاء فاشترى سوداء أن لا يقع للآمر . قلت : وهذا هو الصواب وقد أسقط الكاتب لا النافية من نسخة المصنف وتبعه الشارح ابن الشحنة يرشد إليه قول الناظم لأن لون أضحية رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبيض ولأنه أحسن الألوان فينبغي أن يكون أفضل ، ولما روي عن مولاة ورقة بنت سعد أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { دم عفراء أزكى عند الله من دم سوداء } وقال أبو هريرة رضي الله عنه : دم بيضاء أزكى عند الله من دم سوداء ا هـ فالدليل يخالف مدعاه بإسقاط لا النافية لأن البياض أزكى من غيره ، والعفراء أزكى من السوداء فكيف يلزم بالآمر مع المخالفة ا هـ ملخصا ( قوله بثنتين ) متعلق بألزموا ، وقدمنا الكلام عليه في الفروع ( قوله وعن ميت ) أي لو ضحى عن ميت وارثه بأمره ألزمه بالتصدق بها وعدم الأكل منها ، وإن تبرع بها عنه له الأكل لأنه يقع على ملك الذابح والثواب للميت ، ولهذا لو كان على الذابح واحدة سقطت عنه أضحيته كما في الأجناس . قال الشرنبلالي : لكن في سقوط الأضحية عنه تأمل ا هـ . أقول : صرح في فتح القدير في الحج عن الغير بلا أمر أنه يقع عن الفاعل فيسقط به الفرض عنه وللآخر الثواب فراجعه ( قوله وهذا المخير ) أي المختار كما قدمناه عن البزازية سابقا ( قوله ومن مال طفل إلخ ) حاصله أن الصحيح عدم وجوبها في مال الطفل ، ولا يجب على الأب في حق طفله أن يضحي عنه من مال نفسه في ظاهر الرواية كما مر مبسوطا ، وقوله وعن أبه بلا ياء على لغة النقص ( قوله وواهب شاة إلخ ) أي لو وهبه شاة فضحى [ ص: 336 ] بها ثم رجع الواهب صح الرجوع في ظاهر الرواية وأجزأت الذابح شارح .

[ خاتمة ]

يستحب لمن ولد له ولد أن يسميه يوم أسبوعه ويحلق رأسه ويتصدق عند الأئمة الثلاثة بزنة شعره فضة أو ذهبا ثم يعق عند الحلق عقيقة إباحة على ما في الجامع المحبوبي ، أو تطوعا على ما في شرح الطحاوي ، وهي شاة تصلح للأضحية تذبح للذكر والأنثى سواء فرق لحمها نيئا أو طبخه بحموضة أو بدونها مع كسر عظمها أو لا واتخاذ دعوة أو لا ، وبه قال مالك . وسنها الشافعي وأحمد سنة مؤكدة شاتان عن الغلام وشاة عن الجارية غرر الأفكار ملخصا ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية