صفحة جزء
( والأحق بالإمامة ) تقديما بل نصبا مجمع الأنهر ( الأعلم بأحكام الصلاة ) فقط صحة وفسادا بشرط اجتنابه للفواحش الظاهرة ، وحفظه قدر فرض ، وقيل واجب ، وقيل سنة ( ثم الأحسن تلاوة ) وتجويدا ( للقراءة ، ثم الأورع ) أي الأكثر اتقاء للشبهات . والتقوى : اتقاء المحرمات ( ثم الأسن ) أي الأقدم إسلاما ، فيقدم شاب على شيخ أسلم ، وقالوا : يقدم الأقدم ورعا . وفي النهر عن الزاد : وعليه يقاس سائر الخصال ، فيقال : يقدم أقدمهم علما ونحوه ، وحينئذ فقلما يحتاج للقرعة ( ثم الأحسن خلقا ) بالضم ألفة بالناس ( ثم الأحسن وجها ) أي أكثرهم تهجدا ; زاد في الزاد : [ ص: 558 ] ثم أصبحهم : أي أسمحهم وجها ، ثم أكثرهم حسبا ( ثم الأشرف نسبا ) زاد في البرهان : ثم الأحسن صوتا . وفي الأشباه قبيل ثمن المثل : ثم الأحسن زوجة . ثم الأكثر مالا ، ثم الأكثر جاها ( ثم الأنظف ثوبا ) ثم الأكبر رأسا والأصغر عضوا ، ثم المقيم على المسافر ، ثم الحر الأصلي على العتيق . ثم المتيمم عن حدث على المتيمم عن جنابة .

[ فائدة ] لا يقدم أحد في التزاحم إلا بمرجح ، ومنه السبق إلى الدرس والإفتاء والدعوى ، فإن استووا في المجيء أقرع بينهم ا هـ كلام الأشباه . وفي الفصل الثاني والثلاثين من حظر التتارخانية : وفي طلبة العلم يقدم السابق ; فإن اختلفوا وثمة بينة فيها ، وإلا أقرع كمجيئهم معا كما في الحرقى والغرقى إذا لم يعرف الأول ويجعل كأنهم ماتوا معا . ا هـ . وفي محاسن القراء لابن وهبان : و قيل إن لم يكن للشيخ معلوم جاز أن يقدم من شاء ، وأكثر مشايخنا على تقديم الأسبق ، وأول من سنه ابن كثير ( فإن استووا يقرع ) بين المستويين ( أو الخيار إلى القوم ) فإن اختلفوا [ ص: 559 ] اعتبر أكثرهم ; ولو قدموا غير الأولى أساءوا بلا إثم .


( قوله تقديما ) أي على من حضر معه ( قوله بل نصبا ) أي للإمام الراتب ( قوله بأحكام الصلاة فقط ) أي وإن كان غير متبحر في بقية العلوم ، وهو أولى من المتبحر ، كذا في زاد الفقير عن شرح الإرشاد ( قوله بشرط اجتنابه إلخ ) كذا في الدراية عن المجتبى . وعبارة الكافي وغيره : الأعلم بالسنة أولى ، إلا أن يطعن عليه في دينه لأن الناس لا يرغبون في الاقتداء به ( قوله قدر فرض ) أخذه تبعا للبحر من قول الكافي قدر ما تجوز به الصلاة ، بناء على أن تجوز بمعنى تصح لا بمعنى تحل .

( قوله وقيل واجب ) ذكره في البحر بحثا لكن يمكن أخذه من كلام الكافي لأن الجواز يطلق بمعنى الحل ; بل قال الشيخ إسماعيل : ينبغي حمل الجواز المذكور على ما يشمل عدم الكراهة ، وحينئذ فيرجع إلى القول الثالث ( قوله وقيل سنة ) قائله الزيلعي ، وهو ظاهر المبسوط كما في النهر ; ومشى عليه في الفتح . قال : وهو الأظهر لأن هذا التقديم على سبيل الأولوية ; فالأنسب له مراعاة السنة ( قوله ثم الأحسن تلاوة وتجويدا ) أفاد بذلك أن معنى قولهم أقرأ : أي أجود ، لا أكثرهم حفظا وإن جعله في البحر متبادرا ، ومعنى الحسن في التلاوة أن يكون عالما بكيفية الحروف والوقف وما يتعلق بها قهستاني ( قوله أي الأكثر اتقاء للشبهات ) الشبهة : ما اشتبه حله وحرمته ، ويلزم من الورع التقوى بلا عكس . والزهد : ترك شيء من الحلال خوف الوقوع في الشبهة ، فهو أخص من الورع ، وليس في السنة ذكر الورع ، بل الهجرة عن الوطن . فلما نسخت أريد بها هجرة المعاصي بالورع ، فلا تجب هجرة إلا على من أسلم في دار الحرب ، كما في المعراج ط ( قوله أي الأقدم إسلاما ) استنبطه صاحب البحر وتبعه في النهر من تعليل البدائع ، بأن من امتد عمره في الإسلام كان أكثر طاعة . أقول : بل الظاهر أن المراد بالأسن الأكبر سنا كما هو في بعض روايات الحديث " { فأكبرهم سنا } " وهو المفهوم من أكثر الكتب فيكون الكلام في المسلم الأصلي ، نعم أخرج الجماعة إلا البخاري " { فأقدمهم إسلاما } " وعليه فيكون ذلك سببا آخر للترجيح فيمن عرض إسلامه فيقدم شاب نشأ في الإسلام على شيخ أسلم ، أما لو كانا مسلمين من الأصل أو أسلما معا يقدم الأكبر سنا ، لما في الزيلعي من أن الأكبر سنا يكون أخشع قلبا عادة وأعظم حرمة ورغبة الناس في الاقتداء به أكثر فيكون في تقديمه تكثير الجماعة . ا هـ .

هذا : وما مشى عليه المصنف من تقديم الأورع على الأسن هو المذكور في المتون وكثير من الكتب ، وعكس في المحيط ( قوله عن الزاد ) أي زاد الفقير لابن الهمام ( قوله بالضم ) أي ضم الخاء ، أما بفتحها فهو المراد بما بعده ( قوله أكثرهم تهجدا ) تفسير بالملزوم فإنه يلزم من كثرة التهجد حسن الوجه ، لحديث " { من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار } " وإن كان ضعيفا عند المحدثين قال في البدائع : لا حاجة إلى هذا التكلف ، بل يبقى على ظاهره لأن صباحة الوجه سبب لكثرة الجماعة كما في البحر ح ( قوله زاد في الزاد إلخ ) أقول : ليس فيه [ ص: 558 ] زيادة . ونص عبارة الزاد بعد الخلق هكذا : فإن تساووا فأصبحهم وجها . وقيده في الكافي بمن يصلي بالليل ، فإن تساووا فأشرفهم نسبا إلخ ( قوله أي أسمحهم وجها ) عبارة عن بشاشته في وجه من يلقاه وابتسامه له ، وهذا يغاير الحسن الذي هو تناسب الأعضاء أفاده ح ( قوله ثم أكثرهم حسبا ) الظاهر أن [ الحسب ] بالباء الموحدة لا بالنون ، وهو الذي كتب عليه ابن عبد الرزاق في شرحه . قال في البحر : وقدم في الفتح الحسب على صباحة الوجه . ا هـ . وفي القاموس : الحسب ما تعده من مفاخر آبائك ، أو المال ، أو الدين ، أو الكرم ، أو الشرف في الفعل إلخ .

( قوله ثم الأحسن زوجة ) لأنه غالبا يكون أحب لها وأعف لعدم تعلقه بغيرها . وهذا مما يعلم بين الأصحاب أو الأرحام أو الجيران ، إذ ليس المراد أن يذكر كل منهم أوصاف زوجته حتى يعلم من هو أحسن زوجة ( قوله ثم الأكثر مالا ) إذ بكثرته مع ما تقدم من الأوصاف يحصل له القناعة والعفة فيرغب الناس فيه أكثر ( قوله ثم الأكبر رأسا إلخ ) لأنه يدل على كبر العقل يعني مع مناسبة الأعضاء له ، وإلا فلو فحش الرأس كبرا والأعضاء صغرا كان دلالة على اختلال تركيب مزاجه المستلزم لعدم اعتدال عقله ا هـ ح . وفي حاشية أبي السعود ; وقد نقل عن بعضهم في هذا المقام ما لا يليق أن يذكر فضلا عن أن يكتب ا هـ وكأنه يشير إلى ما قيل أن المراد بالعضو الذكر ( قوله ثم المقيم على المسافر ) وقيل هما سواء بحر . وظاهره ولو كان الجماعة مسافرين فليتأمل ، وهذا ما دام الوقت باقيا وإلا فلا يصح اقتداء المسافر بالمقيم في الرباعية كما يأتي ( قوله ثم المتيمم عن حدث على المتيمم عن جنابة ) كذا أجاب به الحلواني كما في التتمة ، وجزم به في الفيض وجامع الفتاوى . كذا في الأحكام للشيخ إسماعيل ، ومثله في التتارخانية ، ولعل وجهه أن الحدث أخف من الجنابة ، لكن في منية المفتي : المتيمم عن الجنابة أولى بالإمامة من المتيمم عن حدث .

ونقله في النهر عنها مقتصرا عليه ، ولعل وجهه أن طهارته أقوى لأنها بمنزلة الغسل لا يبطلها الحدث ( قوله ومنه ) أي من المرجح ( قوله والإفتاء ) الأولى والاستفتاء ( قوله والدعوى ) أي بين يدي القاضي ( قوله أقرع بينهم ) أي إذا تنازعوا . والظاهر أن هذا على سبيل الأولوية ( قوله كما في الحرقى والغرقى ) التشبيه في أن الترتيب إذا لم يعلم كان كالمعية لا في القرعة أيضا ، فإنها لا تتأتى في الحرقى والغرقى ح ( قوله معلوم ) أي وظيفة من جهة الواقف أو من الطلبة أفاده ح ( قوله جاز أن يقدم من شاء ) لأنه له أن لا يقرئهم أصلاح ( قوله وأول من سنه ابن كثير ) قال السمهودي في جوهر العقدين . روي " { أن أنصاريا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله . وجاء رجل من ثقيف ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أخا ثقيف إن الأنصاري قد سبقك بالمسألة فاجلس كيما نبدأ بحاجة الأنصاري قبل حاجتك } " ا هـ فعلم منه أنه سنة النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 559 ] وابن كثير تابع في ذلك ، وأنه لا فرق بين من له معلوم وغيره ، نعم يمكن الفرق بين ذي المعلوم وغيره فيما إذا حضرا معا رحمتي : أي فيقرع لو له معلوم وإلا يقدم من شاء تأمل ( قوله اعتبر أكثرهم ) لا يظهر هذا إلا في المنصب ، و إلا فكل يصلي خلف من يختاره ط لكن فيه تكرار الجماعة وقد مر ما فيه .

( قوله أساءوا بلا إثم ) قال في التتارخانية : ولو أن رجلين في الفقه والصلاح سواء إلا أن أحدهما أقرأ فقدم القوم الآخر فقد أساءوا وتركوا السنة ولكن لا يأثمون ، لأنهم قدموا رجلا صالحا ، وكذا الحكم في الإمارة والحكومة ، أما الخلافة وهي الإمامة الكبرى فلا يجوز أن يتركوا الأفضل ، وعليه إجماع الأمة ا هـ فافهم

التالي السابق


الخدمات العلمية