صفحة جزء
( وإن أكل الكلب ) ونحوه ( لا ) يؤكل مطلقا عندنا ( كأكله منه ) أي كما لا يؤكل الصيد الذي أكل الكلب منه ( بعد تركه ) للأكل ( ثلاث مرات ) لأنه علامة الجهل ( وكذا ) لا يأكل ( ما صاد بعده حتى يتعلم ) ثانيا بترك الأكل ثلاثا ( أو ) ما صاده ( قبله لو بقي في ملكه ) فإن ما أتلفه من الصيد لا تظهر فيه الحرمة اتفاقا لفوات المحل ، وفيه إشكال ذكره القهستاني [ ص: 468 ] ( كصقر فر من صاحبه فمكث حينا ثم رجع إليه فأرسله ) فصاد لم يؤكل لتركه ما صار به معلما فيكون كالكلب إذا أكل .


( قوله مطلقا عندنا ) أي سواء كان نادرا أو معتادا وللشافعي قولان فيما إذا كان نادرا ; ففي قول يحرم ، وفي قول يحل وبه قال مالك وتمامه في المنح ( قوله بعد تركه للأكل ) اللام للتقوية وهي الداخلة على معمول عامل ضعف بالتأخير أو فرعيته عن غيره نحو - { لربهم يرهبون } - { فعال لما يريد } - ( قوله ثلاث مرات ) أي عندهما وبرأي الصائد عنده ط ( قوله ما صاد بعده ) أي بعد الأكل المذكور الذي هو بعد تركه له ثلاث مرات وكذا الضمير في قبله ( قوله لو بقي في ملكه ) قيد لقوله أو قبله ، وشمل ما لم يحرز بأن كان في المفازة بعد والحرمة فيه بالاتفاق أو أحرزه في بيته عند أبي حنيفة ، وعندهما لا يحرم ، وتمامه في الزيلعي . والحاصل أن الإمام حكم بجهل الكلب مستندا وهما بالاقتصار على ما أكل ، والأول أقرب إلى الاحتياط عناية وهو الصحيح قهستاني عن الزاد ( قوله فإن ما أتلفه ) أي بالأكل ونحوه ، وهذا مفهوم قوله لو بقي في ملكه . وفي التتارخانية : وأما ما باعه فلا شك أن على قولهما لا ينقض البيع ، فأما على قوله فينبغي أن ينقض إذا تصادق مع المشتري على جهل الكلب ( قوله وفيه إشكال ذكره القهستاني ) حيث قال : وهاهنا إشكال فإن الحكم بالشيء لا يقتضي الوجود ، ألا ترى أنا نحكم بحرية الأمة الميتة عند دعوى الولد حريتها ا هـ . وصورتها فيما ظهر لي أن امرأة ولدت بنكاح فادعى رجل بعد موتها أنها أمته زوجها من أبي الولد فأثبت الولد حريتها تثبت ويندفع عنه الرق تأمل . وعليه فلا يظهر ما أجاب به بعض الفضلاء من أن الحكم عليها بالحرية إنما سرى إليها بواسطة الولد لأنه الأصل في دعوى النسب فيعتق فتتبعه أم الولد ، وكم من شيء يثبت ضمنا لا قصدا ا هـ ملخصا . [ ص: 468 ] نعم يظهر ذلك فيما لو ادعى المولى أنه ابنه من أمته الميتة تأمل . وقد يجاب عن الإشكال بأنه لا ثمرة يترتب على ثبوت الحرمة ، وما قيل الثمرة بطلان البيع لو باعه والرجوع بالثمن لأنه ميتة أو لزوم التوبة ، ففيه أن الكلام في الفائت بنحو الأكل ، ومسألة البيع خلافية كما مر ، وهذه وفاقية ولم يكن الأكل معصية قبل العلم بذلك حتى تلزم التوبة تأمل ( قوله كصقر فر من صاحبه ) بأن صار لا يجيب إذا دعاه كما يفيده التعليل ( قوله فيكون كالكلب إذا أكل ) فلا يحل صيده حتى يتعلم ثانيا بأن يجيب صاحبه ثلاث مرات على الولاء كما قدمناه عن التتارخانية

التالي السابق


الخدمات العلمية