صفحة جزء
كتاب الرهن مناسبته أن كلا من الرهن والصيد سبب لتحصيل المال . ( هو ) لغة : حبس الشيء . وشرعا ( حبس شيء مالي ) أي جعله محبوسا لأن الحابس هو المرتهن [ ص: 478 ] بحق يمكن استيفاؤه ) أي أخذه ( منه ) كلا أو بعضا كأن كان قيمة المرهون أقل من الدين ( كالدين ) كاف الاستقصاء لأن العين لا يمكن استيفاؤها من الرهن إلا إذا صار دينا حكما كما سيجيء ( حقيقة ) وهو دين واجب ظاهرا وباطنا أو ظاهرا فقط كثمن عبد أو خل وجد حرا أو خمرا ( أو حكما ) كالأعيان ( المضمونة بالمثل أو القيمة )

( كما سيجيء ) كونه .


كتاب الرهن هو مشروع ، لقوله تعالى - { فرهان مقبوضة } - وبما روي { أنه عليه الصلاة والسلام اشترى من يهودي طعاما ورهنه به درعه } وانعقد عليه الإجماع .

ومن محاسنه النظر لجانب الدائن بأمن حقه عن التوى ، ولجانب المديون بتقليل خصام الدائن له وبقدرته على الوفاء منه إذا عجز .

وركنه الإيجاب فقط أو هو والقبول كما يجيء .

وشروطه تأتي .

وحكمه ثبوت يد الاستيفاء .

وسببه تعلق البقاء المقدر ، وإنما خص بالسفر في الآية ، لأن الغالب أنه لا يتمكن فيه من الكتابة والاستشهاد فيستوثق بالرهن ( قوله هو لغة حبس الشيء ) أي بأي سبب كان .

قال تعالى - { كل نفس بما كسبت رهينة } - أي محبوسة ، ويطلق على المرهون تسمية للمفعول بالمصدر ، يقال رهنت الرجل شيئا ورهنته عنده وأرهنته لغة فيه والجمع رهان ورهون ورهن .

والرهين والرهينة الرهن أيضا ، والتركيب دال على الثبات والدوام .

والراهن : المالك ، والمرتهن : آخذ الرهن ( قوله أي جعله محبوسا ) قال في إيضاح الإصلاح : هو جعل الشيء محبوسا بحق ، لم يقل حبس الشيء بحق لأن الحابس هو المرتهن لا الراهن ، بخلاف الجاعل إياه محبوسا ا هـ ح وهذا تعريف للرهن التام أو اللازم ، وإلا ففي انعقاد الرهن لا يلزم الحبس بل ذلك بالقبض ا هـ سعدي . قال القهستاني : والمتبادر أن يكون الحبس على وجه التبرع ، فلو أكره المالك بالدفع إليه [ ص: 478 ] لم يكن رهنا كما في الكبرى فلا عليه ذكر الإذن كما ظن ا هـ .

وسيأتي آخر الباب الآتي أنه لو أخذ عمامة المديون تكون رهنا إن رضي بتركها ( قوله بحق ) أي بسبب حق مالي ولو مجهولا .

واحترز به عن نحو القصاص والحد واليمين قهستاني ، ودخل فيه بدل الكتابة فإن الرهن به جائز وإن لم تجز به الكفالة كما في المعراج عن الحانية ( قوله يمكن استيفاؤه ) أي استيفاء هذا الحق منه : أي من الرهن بمعنى المرهون : واحترز به عما يفسد كالثلج ، وعن نحو الأمانة والمدبر وأم الولد والمكاتب .

قال في الشرنبلالية : وأما الخمر فهو مال أيضا .

ويمكن الاستيفاء منه بتوكيل ذمي يبيعه أو بنفسه إن كان المرتهن والراهن من أهل الذمة ا هـ لكنه ليس بمال متقوم في حق المسلم ، فلا يجوز له رهنه ولا ارتهانه من مسلم أو ذمي وإن ضمنه للذمي كما يأتي في الباب الآتي ( قوله كلا أو بعضا ) تمييزان من هاء استيفاؤه الراجعة إلى الحق الذي هو الدين ا هـ ح فهما محولان عن المضاف إليه المفعول في المعنى إذ الأصل استيفاء كله أو بعضه ، وفيما ذكره الشارح جواب عن القهستاني لا يتناول ما كان أقل من الدين فافهم . ( قوله كالدين ) تمثيل للحق ( قوله كاف الاستقصاء ) خبر مبتدأ محذوف ، يعني أنها ليست للتمثيل ببعض الأفراد إذ ليس المراد هنا سوى الدين ، والداعي إلى هذا جعل المصنف الدين شاملا للعين ، أما لو أطلقه أمكن جعل الكاف للتمثيل ، بأن يراد بالدين الدين حقيقة ( قوله كما سيجيء ) أي قريبا في قوله أو حكما ( قوله وجد حرا أو خمرا ) لف ونشر مرتب ; وكثمن ذبيحة وبدل صلح عن إنكار وإن وجدت ميتة أو تصادقا على أن لا دين ، لأن الدين وجب ظاهرا ، وهو كاف لأنه آكد من دين موعود كما سيأتي درر أي فالرهن مضمون .

وذكر القدوري أنه لا شيء بهلاكه : كما لو رهن بالحر والخمر ابتداء .

ونص محمد في المبسوط والجامع أن المقبوض بحكم رهن فاسد مضمون بالأكل من قيمته ومن الدين .

والمختار قول محمد كما في الاختيار أبو السعود ملخصا ( قوله كالأعيان المضمونة بالمثل أو القيمة ) ويقال لها المضمونة بنفسها لقيام المثل أو القيمة مقامها كالمغصوب ونحوه مما سيجيء .

واحترز به عن المضمونة بغيرها كمبيع في يد البائع فإنه مضمون بغيره وهو الثمن ، وعن غير المضمونة أصلا كالأمانات .

فالرهن بهذين باطل وسماها دينا حكما لأن الموجب الأصلي فيها هو القيمة أو المثل ، ورد العين مخلص إن أمكن ردها على ما عليه الجمهور وذلك دين .

وأما على ما عليه البعض فإنه وإن كانت القيمة لا تجب إلا بعد الهلاك ولكنها تجب عند الهلاك بالقبض السابق ، وتمامه في الهداية والزيلعي ( قوله كما سيجيء ) أي في الباب الآتي

التالي السابق


الخدمات العلمية