صفحة جزء
( وإذا اقتدى أمي وقارئ بأمي ) تفسد صلاة الكل للقدرة على القراءة بالاقتداء بالقارئ سواء علم به أو لا نواه أو لا على المذهب ( أو استخلف الإمام أميا في الأخريين ) ولو في التشهد أما بعده فتصح لخروجه بصنعه ( تفسد صلاتهم ) لأن كل ركعة صلاة [ ص: 593 ] فلا تخلو عن القراءة ولو تقديرا ( وصحت لو صلى كل من الأمي والقارئ وحده ) في الصحيح ( بخلاف حضور الأمي بعد افتتاح القارئ إذا لم يقتد به وصلى منفردا فإنها تفسد في الأصح ) لما مر .


( قوله تفسد صلاة الكل ) أي عنده . وعندهما صلاة القارئ فقط لأنه تارك فرض القراءة مع القدرة ، وله أن الأميين أيضا تركاها مع القدوة عليها ، إذ كانا قادرين على تقديم القارئ حيث حصل الاتفاق في الصلاة والرغبة في الجماعة شرح المنية وأشار بقوله تفسد إلى ما قيل إن القارئ صح شروعه في صلاة الإمام ، وإذا جاء أوان القراءة تفسد وصحح في الذخيرة عدمه فلا تنتقض طهارته بالقهقهة ، وتمامه في الزيلعي والبحر ( قوله على المذهب ) وجهه أن الفرائض لا يختلف فيها الحال بين العلم والجهل بحر ، وإذا لم يشترط العلم فالنية أولى زيلعي ( قوله في الأخريين ) أي سواء قرأ في الأوليين أو في إحداهما أو لا ولا .

وفي الأولى خلاف زفر ، ورواية عن أبي يوسف والأخيرتان اتفاقا كما لو استخلفه في الأوليين ذكره ح في الباب الآتي ( قوله لخروجه بصنعه ) وهو الاستخلاف وهو الصحيح ، [ ص: 593 ] تفسد عنده ، وهي من الاثني عشرية ح عن العناية ( قوله ولو تقديرا ) أي ولا تقدير في حق الأمي لانعدام الأهلية فقد استخلف من لا يصلح للإمامة ففسدت صلاتهم . أما صلاة الإمام فلأنه عمل كثير وصلاة القوم مبنية عليها بحر ( قوله وصحت إلخ ) محترز قوله وإذا اقتدى إلخ ، واحترز بالصحيح عن قول أبي حازم : لا تجوز صلاة الأمي قياسا على المسألة الأولى لقدرته على القراءة بالاقتداء بالقارئ وصحح في الهداية الأول وقال لأنه لم يظهر منهما رغبة في الجماعة . ا هـ . وحاصله أنه إنما تعتبر قدرته على القراءة بالاقتداء حيث ظهرت منهما رغبة في الجماعة كما أشار إليه في الكفاية .

وظاهره أنه لا بد من الرغبة من كل منهما ، حتى لو حصلت من أحدهما لا تكفي ، وبه اندفع ما في ح من أن ما ذكر عن الهداية يقتضي أنه لو اقتدى أمي بمثله وصلى قارئ وحده لا تصح صلاة الأميين لظهور رغبتهما في الجماعة ا هـ ويدفعه أيضا ما في الفتح عن الكافي : إذا كان بجواره قارئ ليس عليه طلبه وانتظاره لأنه لا ولاية له عليه ليلزمه وإنما تثبت القدرة إذا صادفه حاضرا مطاوعا . ا هـ . وفي شرح المنية عن المحيط : إذا كان القارئ على باب المسجد أو بجوار المسجد والأمي في المسجد يصلي وحده جازت بلا خلاف ، وكذا إذا كان القارئ في صلاة غير صلاة الأمي جازت ، ولا ينتظر فراغ القارئ بالاتفاق أما لو كان كل منهما في ناحية من المسجد وصلاتهما متوافقة ، فذكر القاضي أبو حازم أنه لا يجوز . وفي رواية يجوز لأنه لم يظهر من القارئ رغبة في أداء الصلاة بالجماعة ا هـ فإذا رغب الأمي في الجماعة دون القارئ لا يلزمه طلبه فيصلي وحده أو يقتدي بأمي آخر راغب لأنه لا بد من رغبة القارئ أيضا على هذه الرواية الثانية ، وهي التي مر تصحيحها عن الهداية فافهم .

واعلم أن ما صححه الشارح هنا مخالف لما مر له في الألثغ من أنه متى أمكنه الاقتداء لزمه فتأمل ( قوله فإنها تفسد في الأصح لما مر ) أي من قوله للقدرة على القراءة بالاقتداء بالقارئ ، وتصحيح هذه المسألة ذكره في النهاية ، وهو مخالف لما قبله الذي صححه في الهداية ، فإن ما قبله شامل لما إذا شرعا معا أو افتتح الأمي أولا ثم القارئ أو بالعكس . ووفق في الفتح بحمل ما في الهداية على الصورة الأولى والثانية من هذه الثلاث ، وفيه نظر ، فإن تعليل الهداية بعدم ظهور الرغبة في الجماعة يشمل صورة العكس أيضا فيخالف ما في النهاية المبني عن اعتبار القدرة على القراءة بالاقتداء وإن لم تظهر منهما الرغبة في الجماعة . ويظهر لي أن هذا مبني على قول القاضي أبي حازم : وذكر العلامة نوح أفندي بعد كلام . أقول : الذي تحصل لنا من هذا كله أن بعض العلماء ذهبوا إلى أن الموجب لفساد صلاة الأمي ترك القراءة مع القدرة عليها بعد ظهور الرغبة في الجماعة ، وإليه جنح صاحب الهداية ومن حذا حذوه ، وأن بعضهم ذهبوا إلى أن الموجب لفسادها ترك القراءة مع القدرة عليها بالاقتداء بالقارئ سواء ظهرت الرغبة في صلاة الجماعة أو لا ، وإليه مال صاحب النهاية ومن نحا نحوه . مطلب الأخذ بالصحيح أولى من الأصح

والتحقيق الأول الذي في الهداية ، ولهذا انحط كلام أكثر العلماء عليه ، ثم أيده بما مر في صدر الكتاب عن شرح المنية من أن الأخذ بالصحيح أولى من الأصح لأن مقابل الأول فاسد ، ومقابل الثاني صحيح ، فقائل [ ص: 594 ] الأصح موافق قائل الصحيح دون العكس ، والأخذ بما اتفقا على أنه صحيح أولى . [ تتمة ]

تقدم أنه لا يصح اقتداء أمي بأخرس لقدرة الأمي على التحريمة ويصح عكسه ، فالأخرس أسوأ حالا من الأمي ، فتجري فيه الأحكام المذكورة . [ فرع ]

سئل العلامة قاسم في فتاواه عن رجل أخرس أدرك بعض صلاة الإمام وفاته البعض . فأجاب بأن صلاته فاسدة عند الإمام ، جائزة عند أبي يوسف ، وقول الإمام هو الصحيح ا هـ ثم رأيت المسألة في الذخيرة وفرضها في الأمي

التالي السابق


الخدمات العلمية