صفحة جزء
( وصح استعارة شيء ليرهنه فيرهن بما شاء ) إذا أطلق ولم يقيد بشيء ( وإن قيده بقدر أو جنس أو مرتهن أو بلد تقيد به ) وحينئذ ( فإن خالف ) ما قيده به المعير - [ ص: 514 ] ضمن ) المعير ( المستعير أو المرتهن ) لتعدي كل منهما ( إلا إذا خالف إلى خير بأن عين له أكثر من قيمته فرهنه بأقل من ذلك ) لم يضمن لمخالفته إلى خير ( فإن ضمن ) المعير ( المستعير تم عقد الرهن ) لتملكه بالضمان ( وإن ضمن المرتهن يرجع بما ضمن وبالدين على الراهن ) كما مر في الاستحقاق ( فإن وافق وهلك عند المرتهن صار ) المرتهن ( مستوفيا لدينه ووجب مثله ) أي مثل الدين ( للمعير على المستعير ) وهو الراهن لقضاء دينه به ( إن كان كله مضمونا وإلا ) يكن كله مضمونا ( ضمن قدر المضمون والباقي أمانة ) وكذا لو تعيب فيذهب من الدين بحسابه [ ص: 515 ] ويجب مثله للمعير .


( قوله وصح استعارة شيء ليرهنه ) لأن المالك رضي بتعلق دين المستعير بماله وهو يملك ذلك كما يملك تعلقه بذمته بالكفالة ط ( قوله فيرهن بما شاء ) أي بأي جنس أو قدر ، وكذا عند أي مرتهن وفي أي بلد شاء كما في القهستاني ( قوله إذا أطلق ) أي المعير لأن الإطلاق واجب الاعتبار خصوصا في الإعارة لأن الجهالة فيها لا تفضي إلى المنازعة هداية لأن مبناها على المسامحة معراج ( قوله تقيد به ) فليس له أن يزيد عليه ولا ينقص ، أما الزيادة فلأنه ربما احتاج إلى فكاك الرهن فيؤدي قدر الدين وما رضي بأداء القدر الزائد أو لأنه يتعسر عليه ذلك فيتضرر به ، وأما النقصان فلأن الزائد على الدين يكون أمانة وما رضي إلا أن يكون مضمونا كله فكان التعيين مفيدا وكذلك التقييد بالحبس وبالمرتهن وبالبلد ، لأن كل ذلك مفيد لتيسر البعض بالإضافة إلى البعض وتفاوت الأشخاص في الأمانة والحفظ ا هـ من الهداية والاختيار . [ ص: 514 ]

[ تنبيه ] أفتى في الحامدية فيما لو قيد العارية بمدة معلومة ومضت المدة بأن للمعير أخذها من المستعير ، قال : وبه أفتي في الخيرية والإسماعيلية ، ومثله في فتاوى ابن نجيم قائلا وليس له مطالبته بالرهن قبل مضي المدة فإذا مضت وامتنع من خلاصه من المرتهن أجبر عليه ا هـ .

أقول ولا يخالفه ما في الذخيرة استعاره ليرهنه بدينه فرهنه بمائة إلى سنة فللمعير طلبه منه وإن أعلمه أنه يرهنه إلى سنة ا هـ لأن الرهن هنا فاسد لتأجيله كما مر وكلامنا في تأجيل العارية تأمل . ( قوله ضمن المعير المستعير أو المرتهن إلخ ) أي يضمنه قيمة الرهن إن هلك في يد المرتهن لأنه تصرف في ملكه على وجه لم يؤذن له فيه فصار غاصبا ، وللمعير أن يأخذه من المرتهن ويفسخ الرهن جوهرة ( قوله فرهنه بأقل من ذلك ) أي بأقل مما عين له لكن بشرط أن لا ينقص عن قيمة الرهن بل إما بمثلها أو بأكثر كما أفاده الزيلعي .

وفي الذخيرة وغيرها : لو سمى له شيئا فرهنه بأقل أو بأكثر فهو على ثلاثة أوجه : الأول أن تكون قيمة الثوب مثل الدين المسمى ، الثاني أن تكون أكثر منه ، وفيها إذا رهن بأكثر من الدين أو بأقل يضمن قيمته ، الثالث أن تكون أقل منه ، فإن زاد على المسمى ضمن القيمة ، وإن نقص فإن كان النقصان إلى تمام قيمة الثوب لا يضمن وإن إلى أقل ضمن قيمته ا هـ ملخصا ; ونقله في النهاية .

ثم قال وبه يعلم أن المعير لا يضمن المستعير أكثر من القيمة في صورة من الصور ، وكذا لا يضمنه جميع قيمة الثوب إذا كانت أكثر من الدين وإنما يضمنه قدر الدين والزائد يهلك أمانة ا هـ ( قوله لتملكه بالضمان ) فتبين أنه رهنه ملك نفسه ا هـ تبيين ، قال قارئ الهداية : ولي فيه نظر لأن الملك فيه لم يستند إلى وقت القبض إذا القبض بإذن المالك ; وإنما يستند إلى وقت المخالفة وهو التسليم إلى المرتهن وعقد الرهن كان قبله فيقتصر ملكه على وقت التسليم فلم يتبين أنه رهن ملكه لأن ملكه بعد عقد الرهن ا هـ أبو السعود وط عن الشلبي .

أقول قد يجاب بأن الرهن لا يلزم إلا بالتسليم ولذا كان للمرتهن الرجوع عنه قبله كما مر أول الرهن ، فإذا توقف العقد على التسليم لم يعتبر سابقا عليه فكأنهما وجدا معا عند التسليم الذي هو وقت المخالفة فلم يكن ملكه بعد عقد الرهن ، هذا ما ظهر لي من فيض الفتاح العليم فاغتنمه ( قوله وإن ضمن المرتهن ) لأنه متعد بقبض مال غيره بلا إذنه فهو كغاصب الغاصب ( قوله كما مر في الاستحقاق ) أي قبيل هذا الباب ( قوله صار المرتهن مستوفيا لدينه ) أي إن كانت قيمة الرهن مثل الدين أو أكثر وإن كانت أقل صار مستوفيا لقدره ويرجع بالفضل على الراهن ا هـ مسكين ( قوله أي مثل الدين ) كذا في الدرر والأصوب أن يقال أي مثل الرهن أي صورة ومعنى إن كان مثليا ومعنى فقط وهو قيمته إن كان قيميا لئلا يلزم تشتيت الضمائر بعده رحمتي ملخصا ; ومثله في شرح الطوري ( قوله لقضاء دينه به ) أي لأن الراهن صار قاضيا دينه بمال المعير وهو الرهن ( قوله إن كان كله ) أي الرهن مضمونا بأن كان مثل الدين أو أقل ( قوله وإلا إلخ ) أي بأن كان أكثر من الدين ( قوله بحسابه ) أي بقدر حصة العيب [ ص: 515 ] إتقاني ( قوله ويجب مثله ) أي ويجب للمعير على المستعير مثل ما ذهب من الدين بالعيب

التالي السابق


الخدمات العلمية