صفحة جزء
( فيقتل الحر بالحر وبالعبد ) غير الوقف كما مر خلافا للشافعي . ولنا إطلاق قوله تعالى { - أن النفس بالنفس - } فإنه ناسخ { - الحر بالحر - } الآية كما رواه السيوطي في الدر المنثور عن النحاس عن ابن عباس : على أنه تخصيص بالذكر فلا ينفي ما عداه . كيف ولو دل لوجب أن لا يقتل الذكر بالأنثى ولا قائل به . قيل ولا الحر بالعبد ورد بدخوله بالأولى : ولأبي الفتح البستي نظما قوله : خذوا بدمي هذا الغزال فإنه رماني بسهمي مقلتيه على عمد     ولا تقتلوه إنني أنا عبده
ولم أر حرا قط يقتل بالعبد فأجابه بعض الحنفية رادا عليه بقوله :     خذوا بدمي من رام قتلي بلحظه
ولم يخش بطش الله في قاتل العمد     وقودوا به جبرا وإن كنت عبده
ليعلم أن الحر يقتل بالعبد


( قوله خلافا للشافعي ) فعنده لا يقتل الحر بالعبد ( قوله أن النفس ) بفتح الهمزة ; لأنه معمول { - وكتبنا عليهم فيها - } ( قوله على أنه تخصيص بالذكر إلخ ) الاقتصار في الآية على الحر وهو بعض ما شمله قوله تعالى { - أن النفس بالنفس - } لا يقتضي نفي الحكم عن العبد فهو كالمقابلة في قوله تعالى { - والأنثى بالأنثى - } ولم يمنع قتل الذكر بالأنثى . قال الزيلعي : وفي مقابلة الأنثى بالأنثى دليل على جريان القصاص بين الحرة والأمة ( قوله قيل ولا الحر بالعبد ) صوابه ولا العبد بالحر كما هو في المنح ا هـ ح ، يعني أنه قيل في الإيراد على الشافعي : لو دل قوله تعالى { - الحر بالحر والعبد بالعبد - } على أن الحر لا يقتل بالعبد للتخصيص بالذكر لوجب أن لا يقتل العبد بالحر ( قوله ورد ) أي هذا القيل ; لأنه إذا قتل الحر بالحر بعبارة النص يقتل العبد به بدلالة الأولى ; لأنه دونه كما دلت حرمة التأفيف على حرمة الضرب وأصل الإيراد لصدر الشريعة والراد عليه منلا خسرو وابن الكمال ( قوله ولأبي الفتح إلخ ) ساقط من بعض النسخ ( قوله خذوا بدمي إلخ ) لا يخفى ما فيه من عدم صدق المحبة ( قوله ولا تقتلوه إلخ ) فيه منافاة لما قبله فإن الأخذ بالدم يقتضي القتل ولا يصح أن يحمل على الدية ; لأن العبد لا تجب ديته على مولاه ط ( قوله ولم أر حرا قط يقتل بالعبد ) في بعض النسخ وفي مذهبي لا يقتل الحر بالعبد ( قوله ليعلم إلخ ) فيه أن الحر لا يقتل بعبد نفسه فإن أراد عبد غيره لا يناسب قوله وإن كنت عبده ا هـ ح . [ ص: 534 ] أقول : المراد إظهار الحكم بأسلوب لطيف ، فلا يدقق عليه بمثل ذلك وإلا لزم أن يعترض بأنه قال من رام ولم يصرح بالقتل ، وبأن القتل بمجرد اللحظ لا يقاد به إذ لا يصدق عليه تعريف العمد ، وقد نظمت ذلك خاليا عن الطعن مع الأدب ومراعاة ما للحبيب على من أحب فقلت :

دعوا من برمح القد قد قد مهجتي وصارم لحظ سله لي على عمد     فلا قود في قتل مولى لعبده
وإن كان شرعا يقتل الحر بالعبد



التالي السابق


الخدمات العلمية