صفحة جزء
فصل في الفعلين ( قطع يد رجل ثم قتله أخذ بالأمرين ) أي بالقطع والقتل .

( ولو كانا عمدين أو ) كانا ( خطأين أو ) كانا ( مختلفين ) أي أحدهما عمد والآخر خطأ تخلل بينهما برء أو لا فيؤخذ بالأمرين في الكل بلا تداخل ( إلا في الخطأين لم يتخلل بينهما برء ) فإنهما يتداخلان ( فيجب فيهما دية واحدة ) وإن تخلل برء لم يتداخلا كما علمت . فالحاصل أن القطع إما عمد أو خطأ والقتل كذلك صار أربعة ، ثم إما أن يكون بينهما برء أو لا صار ثمانية وقد علم حكم كل منها ( كمن ضربه مائة سوط فبرأ من تسعين ولم يبق أثرها ) أي أثر الجراحة ( ومات من عشرة ) ففيه دية واحدة ، لأنه لما برأ من تسعين لم تبق معتبرة إلا في حق التعزير ، وكذلك كل جراحة اندملت ولم يبق لها أثر عند أبي حنيفة . وعن أبي يوسف في مثله حكومة عدل ، وعن محمد تجب أجرة الطبيب وثمن الأدوية درر وصدر شريعة وهداية وغيرها .

( وتجب حكومة ) عدل [ ص: 562 ] مع دية النفس ( في مائة سوط جرحته وبقي أثرها ) بالإجماع لبقاء الأثر ووجوب الأرش باعتبار الأثر هداية وغيرها

وفي جواهر الفتاوى : رجل جرح رجلا فعجز المجروح عن الكسب يجب على الجارح النفقة والمداواة .

وفيها : رجل جاء بعوان إلى رجل فضربه العوان فعجز عن الكسب فمداواة المضروب ونفقته على الذي جاء بالعوان ا هـ . قال المصنف : وظاهر أنه مفرع على قول محمد .

قلت : وقدمناه معزيا للمجتبى أبي يوسف ونحوه ، وسنحققه في الشجاج .


فصل في الفعلين أخره ; لأنه بمنزلة المركب من المفرد ( قوله ولو كانا عمدين ) الصواب إسقاط الواو لتكون لو شرطية ; لأنها مع الواو تكون وصلية فتفيد أنه يؤخذ بالأمرين في جميع الصور فيناقض قوله إلا في الخطأين إلخ تأمل ( قوله فيؤخذ بالأمرين في الكل ) قال في الكفاية ، اعلم أنه لا يخلو القطع والقتل من أن يتخلل بينهما برء أو لا ، فإن تخلل يعتبر كل فعلا . ويؤخذ بموجبهما ; لأن الموجب الأول تقرر بالبرء فلا يدخل أحدهما في الآخر حتى لو كانا عمدين فللولي القطع والقتل ، ولو خطأين يجب دية ونصف دية ، ولو القطع عمدا والقتل خطأ ففي اليد القود وفي النفس الدية ، ولو بالعكس ففي اليد نصف الدية وفي النفس القود ، وإن لم يتخلل برء فلو أحدهما عمدا والآخر خطأ اعتبر كل على حدة ، ففي الخطإ الدية ، وفي العمد القود ، ولو خطأين فالكل جناية واحدة اتفاقا فتجب دية واحدة ، ولو عمدين ، فعندهما يقتل ولا يقطع . وعنده إن شاء الولي قطع وقتل ، إن شاء قتل ، ولا يعتبر اتحاد المجلس وهو الظاهر .

وروي عن نصر بن سلام أنه كان يقول الخلاف فيما إذا قطع يده في مجلس وقتله في آخر ، فلو في مجلس واحد يقتل ولا يقطع عندهم ا هـ ملخصا ( قوله إلا في الخطأين ) استثناء من قوله أخذ بالأمرين طوري ( قوله فتجب فيهما دية واحدة ) أي دية القتل ، ; لأن دية القطع إنما تجب عند استحكام أثر الفعل وهو أن يعلم عدم السراية ، وتمامه في ابن كمال ( قوله صار ثمانية ) وكل منهما إما من شخص واحد أو شخصين صار ستة عشر ، فإن كانا من شخصين يفعل بكل واحد منهما موجب فعله من القصاص وأخذ الأرش مطلقا ; لأن التداخل إنما يكون عند اتحاد المحل لا غير عناية ( قوله فبرئ من تسعين إلخ ) هذا إذا ضرب عشرة في موضع وتسعين في موضع آخر فبرئ موضع التسعين وسرى موضع العشرة ، وإلا لا يمكن الفرق بين سراية العشرة وبرء التسعين معراج ( قوله وعن أبي يوسف في مثله حكومة عدل ) أي مع الدية رملي ( قوله وتجب حكومة عدل ) تفسيرها أنه لو كان عبدا مجروحا بهذا كم قيمته وبدون الجراحة كم قيمته ، فيضمن التفاوت الذي [ ص: 562 ] بينهما في الحر من الدية وفي العبد من القيمة كفاية ( قوله مع دية النفس ) فيه أن المسألة مفروضة فيما إذا بقي أثر الجراحة ولا يكون ذلك إلا بعد البرء ولذا قيد المسألة في الملتقى بقوله ولم يمت ( قوله فعجز المجروح عن الكسب ) أي مدة الجرح .

وانظر ما لو عجز عن الكسب أصلا . والظاهر أنه بعد الحكم بموجبه من الأرش أو حكومة العدل لا يجب شيء ط ( قول جاء بعوان ) المراد به الواحد من أتباع الظلمة ، والأولى التعبير بالعون فإنه كما في القاموس الظهير للواحد والجمع والمؤنث ويكسر أعوانا ا هـ ; لأنه يظاهر الظالم ويعينه . وفي البزازية : أفتوا بأن قتل الأعونة والسعاة جائز في أيام الفتنة ط ملخصا ( قوله والظاهر أنه ) أي أن ما في جواهر الفتاوى مفرع على قول محمد أي على ما روي عن محمد كما تقدم من أن الجراحة التي لم يبق لها أثر تجب فيها أجرة الطبيب وثمن الأدوية أفاده الرملي ، فافهم ، هذا .

وفي الفتاوى النعمية لشيخ مشايخنا السائحاني : إذا ضرب يد غيره فكسرها وعجز عن الكسب فعلى الضارب المداواة والنفقة إلى أن يبرأ ، وإذا برئ وتعطلت يده وشلت وجبت ديتها ، والظاهر أنه يحسب المصروف من الدية ا هـ .

وفيها : المجروح إذا صح وزال الأثر فعلى الجارح ما لحقه من أجرة الطبيب وثمن الأدوية ، وهو قولهما والاستحسان ذكره الصدر ا هـ ملخصا تأمل ، ويأتي في الشجاج إن شاء الله تعالى ( قوله وقدمنا ) أي في الباب السابق ( قوله نحوه ) أي نحو ما عن محمد ( قوله وسنحققه في الشجاج ) أي في آخر بابها وحاصله أن قول أبي يوسف عليه أرش الألم هو المراد من قول محمد المتقدم

التالي السابق


الخدمات العلمية