صفحة جزء
( ومن قطع ) أي عمدا أو خطأ بدليل ما يأتي ، وبه صرح في البرهان كما في الشرنبلالية ، لكن في القهستاني عن شرح الطحاوي أن الدية على العاقلة في الخطإ ، ومن ظن أنها على القاطع في الخطأ فقد أخطأ وكذا لو شج أو جرح ( فعفا عن قطعه ) أو شجته أو جراحته ( فمات منه [ ص: 563 ] ضمن قاطعه الدية ) في ماله خلافا لهما . قلنا إنه عفا عن القطع وهو غير القتل . ( ولو عفا عن الجناية أو عن القطع وما يحدث منه فهو عفو عن النفس ) فلا يضمن شيئا ، وحينئذ ( فالخطأ يعتبر من ثلث ماله ) فإن خرج من الثلث فيها وإلا فعلى العاقلة ثلثا الدية كما في شرح الطحاوي ، فمن ظن أنها على القاطع فقد أخطأ قطعا ، ومفاده أن عفو الصحيح لا يعتبر من الثلث ذكره القهستاني ( والعمد من كله ) لتعلق حق الورثة بالدية لا بالقود لأنه ليس بمال ( والشجة مثله ) أي مثل القطع حكما وخلافا .


( قوله ومن قطع إلخ ) بالبناء للمجهول ، وحاصله أن العفو إما عن عمد أو خطإ ، وعلى كل فإما عن القطع وحده أو عن الجناية أو عن القطع وما يحدث منه فإن كانت الجناية عمدا وعفا عن القطع لا يكون عفوا عن السراية خلافا لهما ، وإن عفا عن الجناية أو عن القطع وما يحدث منه يبرأ عن القطع والسراية ، وإذا كانت خطأ فعفا عن القطع ثم سرى فعلى الخلاف ، ولو عفا عن القطع وما يحدث منه أو عن الجناية صح عن الكل ، والعمد من جميع المال ، والخطأ من الثلث ( قوله بدليل ما يأتي ) حيث فصل في المسألة الآتية بين العمد والخطإ وأطلق هنا ( قوله لكن في القهستاني إلخ ) استدراك على الإطلاق فإنه يفيد اشتراك العمد والخطأ في جميع أحكام القطع مع أنه سيأتي أن الدية تجب في مال القاطع فيتعين كون المراد العمد فقط ; لأن الصواب أن الدية في الخطإ على العاقلة .

وأجاب في الكفاية بأن قوله في ماله بيان لأحد النوعين أي عليه الدية في ماله إن كان عمدا ا هـ لكن المصنف لم يقيد بقوله في ماله فلا يرد عليه ذلك ( قوله وكذا لو شج ) مستغنى عنه بقول المصنف الآتي والشجة مثله ط ( قوله فعفا عن قطع إلخ ) أي ولم يقل وما يحدث منه [ ص: 563 ] ولم يقل عن الجناية ( قوله ضمن قاطعه ) وكذا شاجه أو جارحه ( قوله في ماله ) ; لأن العاقلة لا تتحمل العمد ( قوله خلافا لهما ) حيث قالا هو عفو عن النفس أيضا ; لأنه يراد به العفو عن موجبه ( قوله وهو غير القتل ) وكان ينبغي أن يجب القصاص وهو القياس ; لأنه هو الموجب للعمد إلا أن في الاستحسان تجب الدية ; لأن صورة العفو أورثت شبهة ، وهي دارئة للقود هداية ( قوله ولو عفا عن الجناية ) أي الواقعة عمدا أو خطأ سواء ذكر معها ما يحدث منها أو لم يذكر قهستاني ( قوله فهو عفو عن النفس ) ; لأن الجناية تشمل الساري منها وغيره ، وعفوه عن القطع وما يحدث منه صريح في ذلك بخلاف القطع وحده فإنه غير القتل كما قدمه فلا يشمل الساري ( قوله فلا يضمن شيئا ) أي من الدية ، وهذا ظاهر في العمد ، وكذا في الخطأ لو خرج من الثلث ، وإلا فعلى عاقلته بقدره كما أفاده في الشرنبلالية .

( قوله فالخطأ إلخ ) أي العفو في الخطأ يعتبر من الثلث . قال في المحيط : ويكون هذا وصية للعاقلة سواء كان القاتل واحدا منهم أو لا ; لأن الوصية للقاتل إذا لم تصح للقاتل تصح للعاقلة كمن أوصى لحي وميت فالوصية كلها للحي ا هـ ، وبه ظهر فساد ما اعترض أن الوصية للقاتل لا تصح وبأنه كواحد من العاقلة فكيف جازت بجميع الثلث فتأمل طوري ( قوله من ثلث ماله ) ; لأن الخطأ موجبه المال ويتعلق به حق الورثة فيعتبر من الثلث هداية ( قوله وإلا فعلى العاقلة ثلثا الدية ) أي إن لم يكن للعافي مال غيرها ، فإن كان فبحسابه ، فلو قال وإلا فعلى العاقلة بقدره لكان أخصر وأظهر ( قوله ومفاده ) أي مفاد اعتبار العفو من الثلث أن العافي لو كان صحيحا أي في حكم الصحيح ، بأن لم يصر صاحب فراش ، وفسره في التتارخانية بأن كان يخرج ويجيء ويذهب بعد الجناية لا يعتبر من الثلث بل يعتبر من جميع المال ، وهذا قول بعض المشايخ . قال في التتارخانية : وذكر في المنتقى أنه من الثلث ( قوله والعمد من كله ) اعترض بأن الموجب هنا هو القود وهو ليس بمال فلا وجه للقول بأنه من كل المال ا هـ .

وقد يجاب بأن القود هنا سقط بالعفو ، لكن لما كان للعافي أن يصالح على الدية كان مظنة أن يتوهم أن في عفوه إبطالا لحق الورثة فيها فقال : إنه من جميع المال ; لأن الموجب الأصلي هو القود ، وحقهم إنما يتعلق بالمال تأمل ( قوله والشجة مثله ) وكذا الجراحة كما قدمه فالعفو عن الشجة أو الجراحة كالعفو عن القطع في ضمان الدية بالسراية خلافا لهما ، والعفو عنهما مع ما يحدث منهما كالعفو عن القطع وما يحدث منه

التالي السابق


الخدمات العلمية