صفحة جزء
( قطعت امرأة يد رجل عمدا ) أي أو خطأ لما يأتي ; فلو أطلق كما سبق وكالملتقى وغيره كان أولى فتأمل ( فنكحها ) المقطوع يده ( على يده ثم مات ) فلو لم يمت من السراية فمهرها الأرش ، ولو عمدا إجماعا ( يجب ) [ ص: 564 ] عند أبي حنيفة ( مهر مثلها والدية في مالها إن تعمدت ) وتقع المقاصة بين المهر والدية إن تساويا وإلا ترادا الفضل ( وعلى عاقلتها إن أخطأت ) في قطع يده ولا يتقاصان لأن الدية على العاقلة في الخطإ ، بخلاف العمد فإن الدية عليها ، والمهر على الزوج فيتقاصان .

قلت : وقال صاحب الدرر : ينبغي أن تقع المقاصة في الخطإ أيضا لأنها عليها دون العاقلة على القول المختار في الدية ، لكنه ليس على إطلاقه بل في العجم ولعله أطلقه لإحالته لمحله فليحفظ .

( وإن نكحها على اليد وما يحدث منها أو على الجناية ثم مات منه وجب لها في العمد مهر المثل ولا شيء عليها ) لرضاه بالسقوط [ ص: 565 ] ( لو خطأ رفع عن العاقلة مهر مثلها والباقي وصية لهم ) أي للعاقلة ( فإن خرج من الثلث سقط وإلا سقط ثلث المال ) فقط .


( قوله قطعت امرأة إلخ ) هذه المسألة مفرعة على المسألة السابقة كما في التتارخانية ( قوله لما يأتي ) أي من بيان حكم العمد والخطإ ( قوله فلو أطلق ) أي لم يقيد بالعمد كما فعل في المسألة السابقة ( قوله على يده ) أي موجب يده معراج ( قوله من السراية ) أي سراية القطع إلى الهلاك ، وقيد به ليشمل ما إذا لم يمت أصلا أو مات من غيره ( قوله فمهرها الأرش ) وهو خمسة آلاف درهم كفاية ( قوله ولو عمدا ) وسواء تزوجها على القطع أو على القطع وما يحدث منه أو على الجناية [ ص: 564 ] ; لأنه لما برئ تبين أن موجبها الأرش دون القصاص ; لأن القصاص لا يجري في الأطراف بين الرجل والمرأة والأرش يصلح صداقا كفاية ( قوله عند أبي حنيفة ) أصله ما مر في المسألة المتقدمة أن العفو عن القتل أو الشجة أو اليد إذا سرى إلى النفس ليس بعفو عن النفس عنده . وعندهما عفو عنها أتقاني . فعندهما الحكم هنا كالحكم الأتي فيما إذا نكحها على اليد وما يحدث منها ( قوله إن تعمدت ) قيد لقوله والدية في مالها . أما وجوب مهر المثل فهو مطلق ; لأن القطع إن كان عمدا يكون تزوجا على القصاص في الطرف وهو ليس بمال فلا يصلح مهرا فيجب لها مهر المثل .

لا يقال : القصاص لا يجري بين الرجل والمرأة في الطرف فكيف يكون تزوجا عليه ; لأنا نقول الموجب الأصلي للعمد القصاص ، وإنما سقط للتعذر ، ثم عليها الدية في مالها ; لأن التزوج وإن كان يتضمن العفو لكن عن القصاص في الطرف ، وإذا سرى يتبين أنه قتل النفس ولم يتناوله العفو فتجب الدية في مالها ; لأنه عمد وإن كان القطع خطأ يكون هذا تزوجها على أرش اليد ، وإذا سرى إلى النفس تبين أن لا أرش لليد وأن المسمى معدوم فيجب مهر المثل ابن كمال ( قوله وإلا ترادا الفضل ) أي إن كان في الدية فضل ترده على الورثة ، وإن كان في المهر فضل يرده الورثة عليها ابن كمال ( قوله والدية على العاقلة في الخطأ ) أي والمهر للمرأة ، وإنما تكون المقاصة إذا اتحدت الذمة في الوجوب لها وعليها كما في العمد أتقاني ( قوله لكنه إلخ ) هو للشرنبلالي في حاشية الدرر .

وحاصله أن وجوب الدية على القاتل في الخطأ إنما هو في العجم : أي من لا عاقلة له ، فلا تجب على القاتل مطلقا ، وهذا مراد صاحب الدرر ، وإنما لم يقيد بالعجم إحالة إلى محله : أي اعتمادا على ذكره في محله .

وأقول : فيه نظر ، بل مراد صاحب الدرر أنها على القاتل مطلقا ، يوضحه ما في الكفاية حيث قال . مطلب الصحيح أن الوجوب على القاتل ثم تتحمله العاقلة لا يقال : إن الصحيح أنه يجب على القاتل ثم تتحمله العاقلة فيكون أصل الوجوب على القاتل ، واعتبار هذا يوجب جواز المقاصة ; لأنا نقول : عند البعض العاقلة ابتداء . وعند بعضهم تتحمله العاقلة عن القاتل بطريق الحوالة والحوالة توجب البراءة فلا تقع المقاصة ا هـ تأمل ( قوله ثم مات منه ) أي من القطع ( قوله مهر المثل ) ; لأنه نكاح على القصاص لما قدمناه أنه الموجب الأصلي في العمد والقصاص ليس بمال فيجب مهر المثل كما إذا نكحها على خمر أو خنزير ( قوله لرضاه بالسقوط ) ; لأنه لما جعل القصاص مهرا فقد رضي بسقوطه لجهة المهر فيسقط [ ص: 565 ] أصلا ابن كمال ( قوله ولو خطأ رفع عن العاقلة مهر مثلها إلخ ) ; لأن التزوج على اليد وما يحدث منها أو على الجناية تزوج على موجبها وموجبها الدية هنا وهي تصلح مهرا فصحت التسمية إلا أن قدر مهر مثلها يعتبر من جميع المال ; لأنه ليس فيه محاباة . والمريض لا يحجر عليه في التزوج ; لأنه من الحوائج الأصلية فيسقط قدر مهر المثل من جميع المال ، وما زاد على ذلك من الثلث ; لأنه تبرع والدية تجب على عاقلتها وقد صارت مهرا فسقط كلها عنهم إن كان مهر مثلها مثل الدية أو أكثر ، ولا ترجع عليهم بشيء ; لأنهم كانوا يتحملون عنها بسبب جنايتها ، فإذا صار ذلك ملكا لها سقط عنهم قدر مهر مثلها لما ذكرناه . وما زاد على ذلك ينظر ، فإن خرج من الثلث سقط عنهم قدر الثلث وأدوا الزيادة إلى الولي ; لأن الوصية لا نفاذ لها إلا من الثلث ا هـ زيلعي .

قلت : ووجه كونه وصية للعاقلة أنه قد أسقط الدية بمقابلة المهر والدية في الخطأ على العاقلة فيكون قد أسقط لهم ما زاد على المهر تبرعا ، فافهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية