صفحة جزء
( و ) اعلم أنه ( لا تعقل عاقلة جناية عبد ولا عمد ) وإن سقط قوده بشبهة أو قتله ابنه عمدا كما مر ( ولا ما لزم بصلح أو اعتراف ) ولا ما دون نصف عشر الدية لقوله عليه الصلاة والسلام { لا تعقل العواقل وعمدا ولا عبدا [ ص: 644 ] ولا صلحا ولا اعترافا ولا ما دون أرش الموضحة } بل الجاني " ( إلا أن يصدقوه في إقراره أو تقوم حجة ) وإنما قبلت بالبينة هنا مع الإقرار مع أنها لا تعتبر معه لأنها تثبت ما ليس بثابت بإقرار المدعى عليه وهو الوجوب على العاقلة


( قوله جناية عبد ) من إضافة المصدر إلى فاعله وأما إذا جنى حر على نفس عبد فسيأتي ط ( قوله ولا عمد ) أي في النفس أو الطرف فإن العمد لا يوجب التخفيف بتحمل العاقلة فوجب القود به قهستاني . [ تنبيه ]

قال في الأشباه : لا تعقل العاقلة العمد إلا في مسألة ما إذا عفا الأولياء ، وصالح فإن نصيب الباقين ينقلب مالا وتتحمله العاقلة ا هـ .

أقول : وقد قدمنا في باب القود فيما دون النفس عن العلامة قاسم أنه خلاف الرواية ولم يقل به أحد ، والذي في سائر الكتب أنه في مال القاتل فتنبه ( قوله أو قتله ابنه عمدا ) الأولى كقتله كما عبر به فيما مر آنفا ليكون تمثيلا للشبهة ، ومنها ما إذا قتلا رجلا وأحدهما صبي أو معتوه والآخر عاقل بالغ أو أحدهما بحديد والآخر بعصا ( قوله ولا ما لزم بصلح ) أي عن دم عمد أو خطأ ا هـ ط فإنه على القاتل حالا إلا إذا أجل قهستاني ( قوله أو اعتراف ) أي بقتل خطأ فإنه على المقر في ثلاث سنين قهستاني ( قوله ولا ما دون نصف عشر الدية ) أي ما دون أرش الموضحة وهو خمسمائة ، وهذا خاص فيما دون النفس ، أما بدل النفس فتحمله العاقلة وإن قل كما لو قتل مائة رجل حرا فعلى عاقلة كل مائة درهم ، أو قتل رجل عبدا قيمته مائة مثلا لزمت العاقلة لأن بدل النفس ثبت بالنص وجوبه على العاقلة ا هـ ملخصا من العناية والكفاية . [ تنبيه ]

قدم الشارح قبيل فصل الجنين أن الصحيح أن حكومة العدل لا تتحملها العاقلة مطلقا : أي وإن بلغت أرش الموضحة وذكر الأتقاني عن الكرخي ، أن العاقلة لا تعقل جناية وقعت جناية وقعت في دار الحرب فالدية في مال الجاني ( قوله لقوله عليه الصلاة والسلام إلخ ) ذكره فقهاؤنا في كتبهم عن ابن عباس موقوفا ومرفوعا لكن قيل إنه من كلام الشعبي قال في القاموس : وقول الشعبي لا تعقل العاقلة عمدا ولا عبدا وليس بحديث كما توهم الجوهري معناه : أن يجني الحر على العبد لا العبد على حر كما توهم أبو حنيفة لأنه لو كان المعنى على ما توهم ، لكان الكلام لا تعقل العاقلة عن عبد ، ولم يكن ولا تعقل عبدا . قال الأصمعي كلمت في ذلك أبا يوسف بحضرة الرشيد ، فلم يفرق بين عقلته وعقلت عنه حتى فهمته ا هـ أي لأنه يقال عقلت القتيل إذا أعطيت ديته وعقلت عن فلان إذا لزمته دية فأعطيتها عنه ، وأجيب بأن عقلته يستعمل بمعنى عقلت عنه ، ويدل عليه السياق ، وهو قوله عمدا وكذا السياق ، وهو ولا صلحا ولا اعترافا لأن معناه عن عمد ، وعن صلح وعن اعتراف تأمل . والأحسن أن يجاب بأنه من الحذف والإيصال ، والأصل عن عبد . [ ص: 644 ] وأقوى دليل على ذلك ما رواه الإمام محمد في موطئه بقوله : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبد الله بن عتبة بن مسعود ; عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : لا تعقل العاقلة عمدا ولا صلحا ولا اعترافا ولا ما جنى المملوك ا هـ فقد جعل الجاني مملوكا ( قوله بل الجاني ) ليس من لفظ الحديث ، وإنما هو عطف على جملة قوله : واعلم أنه لا تعقل عاقلة جناية عبد إلخ أي بل يتحمل ذلك الجاني وحده : أي ولو حكما كمولى العبد كما أفاده القهستاني ، أو هو عطف على قوله : ولا ما لزم بصلح أو اعتراف وأتى به ليربط قول المصنف إلا أن يصدقوه بما قبله من المتن ( قوله أو تقوم حجة ) هذا إذا أقامها قبل أن يقضي بها القاضي أي بالدية على المقر ، أما لو قضى بها في ماله ثم أقامها ليحولها إلى العاقلة لم يكن له ذلك ، لأن المال قد وجب عليه بقضاء القاضي فلا يكون له أن يبطل قضاءه ببينته صرح به في المبسوط ا هـ رملي ( قوله بإقرار المدعى عليه ) متعلق بثابت وضمير وهو عائد على ما

التالي السابق


الخدمات العلمية