صفحة جزء
( وندبت بأقل منه ) ولو ( عند [ ص: 652 ] غنى ورثته أو استغنائهم بحصتهم كتركها ) أي كما ندب تركها ( بلا أحدهما ) أي غنى واستغناء لأنه حينئذ صلة وصدقة


( قوله ولو عند غني ورثته إلخ ) أشار بزيادة لو الوصلية إلى أن الوصية بما دون الثلث عند عدم الغنى أو الاستغناء مستحبة أيضا ، وهو كذلك لما قال في الهداية ، ويستحب أن يوصى بدون الثلث ، سواء كانت الورثة أغنياء أو فقراء ، لأن في التنقيص صلة القريب بترك ماله عليهم ، بخلاف استكماله الثلث لأنه استيفاء تمام حقه فلا صلة ثم هل الوصية بأقل من الثلث أولى أم تركها ؟ قالوا وإن كانت الورثة فقراء ولا يستغنون بما يرثون فالترك أولى لما فيه من الصدقة ، على القريب ، وقد قال عليه الصلاة والسلام { أفضل [ ص: 652 ] الصدقة على ذي الرحم الكاشح } ; ولأن فيه رعاية حق الفقر والقرابة جميعا ، وإن كانوا أغنياء أو يستغنون بنصيبهم فالوصية أولى ، لأنه يكون صدقة على الأجنبي والترك هبة من القريب ، والأول أولى لأنه يبتغي بها وجه الله تعالى وقد قيل في هذا الوجه يخير لاشتمال كل على فضيلة وهو الصدقة أو الصلة ا هـ كلام الهداية . وحاصله : أنه لا تنبغي الوصية بتمام الثلث بل المستحب التنقيص عنه مطلقا لأنه عليه الصلاة والسلام قد استكثر الثلث بقوله { والثلث كثير } لكن التنقيص عند فقر الورثة وإن كان مستحبا إلا أن ثمة ما هو أولى منه ، وهو الترك أصلا فإن المستحب تتفاوت درجاته ، وكذا المسنون والمكروه وغيرهما ، وبهذا ظهر لك أن إتيان الشارح المحقق بلو الوصلية موافق للهداية فافهم هذا وفي القهستاني : إذا كان المال قليلا لا ينبغي أن يوصى على ما قال أبو حنيفة : وهذا إذا كان الأولاد كبارا فلو صغارا فالترك أفضل مطلقها على ما روي عن الشيخين كما في قاضي خان ا هـ . فالتفصيل إنما هو في الكبار أما الصغار فترك المال لهم أفضل ولو كانوا أغنياء .

[ تنبيه ] قال في الحاوي القدسي من لا وارث له ولا دين عليه فالأولى أن يوصي بجميع ماله بعد التصدق بيده ( قوله أو استغنائهم بحصتهم ) أي صيرورتهم أغنياء بأن يرث كل منهم أربعة آلاف درهم على ما روي عن الإمام أو يرث عشرة آلاف درهم على ما روي عن الفضلي قهستاني عن الظهيرية ، واقتصر الأتقاني على الأول ( قوله أي غنى والاستغناء ) عبر بالواو إشارة إلى أن المراد بقوله بلا إحداهما عدمهما معا إذ لو وجد أحدهما دون الآخر كان المندوب الفعل لا الترك فيناقض ما قبله فتدبر ( قوله لأنه ) أي ترك الوصية

التالي السابق


الخدمات العلمية