صفحة جزء
( ولو ) أوصى ( إلى صبي وعبد غيره وكافر وفاسق بدل ) أي بدلهم القاضي ( بغيرهم ) إتماما للنظر ولفظ بدل يفيد صحة الوصية ، فلو تصرفوا قبل الإخراج جاز سراجية ( فلو بلغ الصبي وعتق العبد وأسلم الكافر ) أو المرتد وتاب الفاسق مجتبى . وفيه : فوض ولاية الوقف لصبي صح استحسانا ( لم يخرجهم القاضي عنها ) أي عن الوصايا لزوال الموجب للعزل إلا أن يكون غير أمين اختيار ( وإلى عبده و ) الحال أن ( ورثته صغار صح ) كإيصائه إلى مكاتبه أو مكاتب غيره ، ثم إن رد في الرق فكالعبد ( وإلا لا ) وقالا لا يصح مطلقا درر . [ ص: 702 ]

( ومن عجز عن القيام بها ) حقيقة لا بمجرد إخباره ( ضم ) القاضي ( إليه غيره ) عارية لحق الموصي والورثة .

( ولو ظهر للقاضي عجزه أصلا استبدل غيره ولو عزله ) أي الموصى المختار ( القاضي مع أهليته لها نفذ عزله وإن جار ) القاضي ( وأثم ) في الأشباه اختلفوا في صحة عزله ، والأكثر على الصحة كما في شرح الوهبانية ، لكن يجب الإفتاء بعدم الصحة كما في الفصولين . وأما عزل الخائن فواجب . انتهى .

قلت : وعبارة جامع الفصولين من الفصل السابع والعشرين : الوصي من الميت لو عدلا كافيا لا ينبغي للقاضي أن يعزله ، فلو عزله قيل ينعزل .

أقول : الصحيح عندي أنه لا ينعزل لأن الموصي أشفق بنفسه من القاضي فكيف ينعزل ، وينبغي أن يفتى به [ ص: 703 ] لفساد قضاة الزمان ا هـ : قال المصنف قال شيخنا : فقد ترجح عدم صحة العزل للوصي فكيف بالوظائف في الأوقاف ( وبطل فعل أحد الوصيين كالمتوليين ) فإنهما في الحكم كالوصيين أشباه ووقف القنية ، ومفاده أنه لو أجر أحدهما أرض الوقف لم تجز بلا رأي الآخر وقد صارت واقعة الفتوى ( ولو ) وصلية ( كان إيصاؤه لكل منهما على الانفراد ) وقيل ينفرد : قال أبو الليث : وهو الأصح وبه نأخذ ، لكن الأول صححه في المبسوط وجزم به في الدرر . وفي القهستاني أنه أقرب إلى الصواب .

قلت : وهذا إذا كانا وصيين أو متوليين من جهة الميت أو الوقف أو قاض واحد ، أما لو كانا من جهة قاضيين من بلدتين فينفرد أحدهما بالتصرف لأن كلا من القاضيين لو تصرف جاز تصرفه فكذا نائبه . [ ص: 704 ]

ولو أراد كل من القاضيين عزل منصوب القاضي الآخر جاز إن رأى فيه المصلحة وإلا لا ، وتمامه في وكالة تنوير البصائر معزيا للملتقطات وغيرها فليحفظ .


( قوله وعبد غيره ) أي ولو بإذن سيده قهستاني والواو فيه وفيما بعده بمعنى أو ( قوله وكافر ) أي ذمي أو حربي أو مستأمن عناية أو مرتد كما يعلم مما يأتي ( قوله وفاسق ) أي مخوف منه على المال قهستاني ( قوله بدل ) أي وجوبا بحر مسلم صالح لأن العبد يحجر ، والكافر عدو ، والفاسق متهم بالخيانة قهستاني ( قوله ولفظ بدل يفيد صحة الوصية ) وعبارة القدوري : أخرجهم القاضي ، قال في الهداية هذا يشير إلى صحة الوصية لأن الإخراج يكون بعد الصحة ا هـ . وقال محمد في الأصل إن الإيصاء باطل .

واختلفوا في معناه ، فقيل إنه سيبطل بإبطال القاضي في جميع هذه الصور ، وقيل سيبطل في غير العبد لعدم ولايته فيكون باطلا ، وقيل سيبطل في الفاسق لأن الكافر كالعبد كما في الكافي قهستاني والأول قول عامة المشايخ كما في العناية .

ثم اعلم أن المصنف زاد على المتون والهداية ذكر الصبي ، ونقل في شرحه على المجتبى : والوصية إلى الصبي جائزة ولكن لا تلزمه العهدة كالوكالة ا هـ وذكره أيضا في الاختيار كما فعل المصنف ، لكن نقل في شرح الوهبانية إذا أوصى إلى عبد أو صبي أخرجهما القاضي لأن الصبي لا يهتدي إلى التصرف ، وهل ينفذ تصرفه قبل الإخراج ؟ قيل نعم ، وقيل لا . وهو الصحيح لأنه لا يمكن إلزام العهدة فيه ، فلو بلغ قبل الإخراج قال أبو حنيفة : لا يكون وصيا وقالا : يكون . ا هـ ملخصا وتمامه فيه فراجعه ( قوله وأسلم الكافر ) أي الأصلي ط ( قوله أي عن الوصايا ) في بعض النسخ الوصاية ( قوله ثم إن رد في الرق ) بأن عجز عن أداء البدل ( قوله فكالعبد ) أي فإن كان مكاتب غيره صحت واستبدله القاضي بغيره ، وإن كان مكاتبه فهي مسألة المصنف الخلافية ط ( قوله وإلا ) أي بأن كان فيهم كبير لم يصح لأن للكبير بيعه أو بيع نصيبه فيعجز عن الوصية لأن المشتري يمنعه فلا يحصل فائدة الوصية اختيار ( قوله وقالا لا يصح مطلقا ) لأن فيه إثبات الولاية للمملوك على المالك وهو قلب المشروع . وله أنه أوصى إلى من [ ص: 702 ] هو أهل فيصح ، كما لو أوصى إلى مكاتب وهذا لأنه مكلف مستبد بالتصرف وليس لأحد عليه ولاية ، فإن الصغار وإن كانوا ملاكا لكن لما أقامه أبوهم مقام نفسه صار مستبدا بالتصرف مثله بلا ولاية لهم ا هـ درر لكن ليس له أن يبيع رقبته ط .

فإن قيل : إن لم يكن لهم ولاية البيع فللقاضي أن يبيعه فيتحقق المنع . وأجيب أنه إذا ثبت الإيصاء لم يبق للقاضي ولاية البيع عناية ( قوله ومن عجز عن القيام بها ) أي وحده بأن احتاج إلى معين بقرينة المسألة الآتية ( قوله حقيقة ) بأن ثبت ذلك بالبينة لأن الثابت بها كالمعاين لا بعلم القاضي ، لأن المفتى به أنه لا يقضي بعلمه رحمتي ( قوله لا بمجرد إخباره ) لأنه قد يكذب تخفيفا على نفسه ، وكذا لو اشتكى الورثة أو بعضهم الوصي إلى القاضي لا ينبغي أن يعزله حتى يظهر له منه خيانة هداية . [ تنبيه ]

يؤخذ مما ذكره أنه ليس للوصي إخراج نفسه بعد القبول وتقدم التصريح به ، والحيلة فيه شيئان كما في الأشباه أحدهما أن يجعله الميت وصيا على أن يعزل نفسه متى شاء . الثاني أن يدعي دينا على الميت فيتهمه القاضي فيخرجه ا هـ . والظاهر أن هذا في وصي الميت . أما وصي القاضي فقدمنا عن البزازية أنه يعزل نفسه بعلم القاضي تأمل . وقوله فيخرجه فيه خلاف ، وفي الهندية عن الخصاف أنه لا يخرجه بل يجعل للميت وصيا في مقدار الدين خاصة ، وبه أخذ المشايخ وعليه الفتوى ( قوله رعاية لحق الموصي ) في إبقائه حيث اختاره وصيا ولحق الورثة في ضم غيره إليه ( قوله استبدل غيره ) في الظهيرية عجز فأقام غيره ثم ، قال الأول بعد أيام صرت قادرا على القيام بها ، قالوا . هو وصي على حاله لأن الحاكم ما أقام الثاني مقامه ليكون نصبه عزلا له ، وإنما ذلك ضم لا عزل ومثله في الخانية وغيرها .

وفي الخلاصة : أقام آخر مقام العاجز ينعزل ، قال الخاصي لأنه لا يقوم مقام الأول إلا بعد العزل ، وللقاضي العزلة بالعجز ا هـ ملخصا من أدب الأوصياء .

أقول . يمكن التوفيق بأن القاضي إذا قال جعلتك وصيا أو ضممتك إلى الأول لا ينعزل الأول ، ولو قال أقمتك مقامه انعزل فتأمل . [ تنبيه ]

في الأدب عن الخانية : لو جن الوصي مطبقا ينبغي للقاضي أن يبدله ، ولو لم يفعل حتى أفاق فهو على وصايته ا هـ ( قوله مع أهليته لها ) بأن كان عدلا كافيا ( قوله نفذ عزله ) قال في القنية . واستبعده ظهير الدين بأنه مقدم إلى القاضي لأنه مختار الميت . قال أستاذنا فإذا كان ينعزل وصي الميت وإن كان عدلا كافيا فكيف وصي القاضي ا هـ ( قوله وأما عزل الخائن فواجب ) بل في عامة الكتب : إذا كان الأب مبذرا متلفا مال ابنه الصغير فالقاضي ينصب وصيا وينزع المال من يده ( قوله من الفصل السابع والعشرين ) وفيه عن المنتقى بالنون ، ولو كافيا لا عدلا يعزله ، ولو عدلا غير كاف يضم إليه كافيا ا هـ زاد في الولوالجية ولو عزله صح ( قوله وينبغي أن يفتى به ) قال في نور العين : لقد أجاد فيما أفاد لكنه أوهم بقوله قبله عندي إنه تفرد به مع أنه مختار كثير [ ص: 703 ] من السلف والخلف ( قوله لفساد قضاة الزمان ) فيكون عزله منهم لغرض دنيوي إذ لا مصلحة لليتيم في عزل الأهل ط . [ تنبيه ]

هذا كله في وصي الميت ، أما وصي القاضي فله عزله ولو عدلا كما سيذكره الشارح في الفروع ، لكن يأتي قريبا تقييده بما إذا رأى المصلحة وإلا فلا ( قوله قال المصنف قال شيخنا ) يعني ابن نجيم صاحب البحر ( قوله فكيف بالوظائف في الأوقاف ) من الوظائف التولية على الوقف . قال في فتاوى خير الدين عن البحر . وأما عزل القاضي الناظر فشرطه أن يكون بجنحة واستدل عليه بما نقله عن الإسعاف وجامع الفصولين . ثم قال فقد أفاد حرمة تولية غيره بلا خيانة ، وعدم صحتها لو فعل ، ثم قال : واستفيد من عدم صحة عزل الناظر بغير جنحة عدمها لصحة وظيفة في وقف ، واستدل عليه بما نقله عن البزازي وغيره ا هـ ط وأفاد بقوله فكيف إلخ أنه لا يصح بالأولى . ووجهه أن فيه إبطال حق محترم وهو ما عين له الواقف ( قوله وبطل فعل أحد الوصيين ) إلا إذا أجازه صاحبه فإنه يجوز ولا يحتاج إلى تجديد العقد كما في المنح ط .

أقول : وكذا الوصي مع الناظر عليه : وفي الحامدية عن الإسماعيلية لو تصرف الوصي بدون علم الناظر في أموال اليتيم فهلكت يضمنها ( قوله ومفاده إلخ ) نص عليه في الإسعاف حيث قال : لا ينفرد أحد الناظرين بالإجازة ، ولو وكل أحدهما صاحبه جازت نقله أبو السعود ط وما ذكره الشارح مأخوذ عن المنح ( قوله لكل منهما ) الأولى إلى كل منهما كما عبر في الغرر ( قوله وقيل ينفرد ) قائله أبو يوسف كما سيصرح به الشارح والأول قولهما ، ثم قيل : الخلاف فيما لو أوصى إليهما متعاقبا ، فلو معا بعقد واحد لا ينفرد أحدهما بالتصرف بالإجماع ، وقيل الخلاف في العقد الواحد ، أما في العقدين فينفرد أحدهما بالإجماع . قال أبو الليث : وهو الأصح . وبه نأخذ وقيل الخلاف في الفصلين جميعا . قال في المبسوط : وهو الأصح ، وبه جزم منلا خسرو منح ملخصا ، وذكر مثله الزيلعي وغيره ( قوله لكن الأول صححه في المبسوط إلخ ) أقول يوهم أنه صحح القول بالانفراد مع أنك علمت أن الكلام في محل الخلاف وأن الذي صححه في المبسوط أن الخلاف في الموضعين ، وليس فيه تصحيح للقول بالانفراد ولا لعدمه ، نعم ما صححه أبو الليث يتضمن تصحيح الانفراد لو بعقدين لأنه ادعى فيه الإجماع فتنبه .

ويمكن أن يقال إن ما في المبسوط متضمن أيضا لتصحيح عدم الانفراد فإنه لما صحح أن الخلاف في الفصلين أثبت أن قول أبي حنيفة ومحمد عدم الانفراد فيهما ; والعمل في الغالب على قول الإمام ، وهو ظاهر إطلاق المتون وصريح عبارة المصنف تأمل ( قوله أنه أقرب إلى الصواب ) لأن وجوب الوصية عند الموت فثبت لهم معا بخلاف الوكالة المتعاقبة ، فإذن ثبت أن الخلاف فيهما زيلعي أي في صورتي الإيصاء لهما معا أو متعاقبا ( قوله وهذا ) أي عدم إفراد أحدهما ( قوله من بلدتين ) الظاهر أنه اتفاقي نظرا إلى الغالب ، حتى لو ولى السلطان قاضيين في بلد واحد وجعل لهما نصب الأوصياء فالحكم كذلك ، ويؤيده ما ذكره من التعليل أفاده ط . [ ص: 704 ] قوله وتمامه إلخ ) الذي ذكره في تنوير البصائر معزيا للملتقطات هو ما تقدم . ثم قال بعده . وفي قوله فكذا نائبه نظر ظاهر ، لما تقرر أن وصي القاضي نائب عن الميت لا عن القاضي حتى تلحقه العهدة ، بخلاف أمين القاضي لأنه نائب عنه فلا تلحقه العهدة ، ومقتضى ما ذكره من أن وصي القاضي نائب عنه أن لا يكون القاضي محجورا عن التصرف في مال اليتيم ، والمنقول أنه محجور عن التصرف مع وجود وصيه ولو منصوبه بخلافه مع أمينه ، ومقتضاه أيضا أن لا يملك القاضي شراء مال اليتيم من وصي نصبه ، كما لو كان أمينه ، والحكم بخلافه كما في غالب كتب المذهب ا هـ

التالي السابق


الخدمات العلمية