صفحة جزء
( والسواك ) سنة مؤكدة كما في الجواهر عند المضمضة ، وقيل : قبلها ، وهو للوضوء عندنا إلا إذا نسيه [ ص: 114 ] فيندب للصلاة ; كما يندب لاصفرار سن وتغير رائحة وقراءة قرآن ; وأقله ثلاث في الأعالي وثلاث في الأسافل ( بمياه ) ثلاثة .


( قوله : : والسواك ) بالكسر : بمعنى العود الذي يستاك به وبمعنى المصدر . قال في الدرر : وهو المراد هاهنا فلا حاجة إلى تقدير استعمال السواك . ا هـ .

فالمراد الاستياك . قال الشيخ إسماعيل : وبه عبر في الفتح ، وصرح به في الغاية وغيرها ، ونقله ابن فارس في مقياس اللغة وهو في المصباح المنير أيضا ، فلا يرد ما قيل : إنه لم يوجد في الكتب المعتبرة ا هـ ونقله نوح أفندي أيضا عن الحافظ ابن حجر والعراقي والكرماني ، قال : وكفى بهم حجة ( قوله : سنة مؤكدة ) خبر لمبتدإ محذوف إن قدر قوله : والسواك معطوفا على ما قبله لا مبتدأ وعلى العطف فهل هو مرفوع أو مجرور ؟ استظهر في البحر تبعا للزيلعي الثاني ليفيد أن الابتداء به سنة أيضا .

واستظهر في النهر الأول لترجيح كونه عند المضمضة . ثم قيل : إنه مستحب لأنه ليس من خصائص الوضوء وصححه الزيلعي وغيره . وقال في الفتح إنه الحق ، لكن في شرح المنية الصغير : وقد عده القدوري والأكثرون من السنن وهو الأصح ا هـ . قلت : وعليه المتون ( قوله : عند المضمضة ) قال في البحر : وعليه الأكثر ، وهو الأولى لأنه أكمل في الإنقاء ( قوله : وهو للوضوء عندنا ) أي سنة للوضوء . وعند الشافعي للصلاة قال في البحر وقالوا : فائدة الخلاف تظهر فيمن صلى بوضوء واحد صلوات يكفيه عندنا لا عنده . وعلله السراج الهندي في شرح الهداية بأنه إذا استاك للصلاة ربما يخرج دم ، وهو نجس بالإجماع وإن لم يكن ناقضا عند الشافعي .

( قوله : إلا إذا نسيه إلخ ) ذكره في الجوهرة ومفاده أنه لو أتى به عند الوضوء لا يسن له أن يأتي به عند الصلاة ، لكن في الفتح عند الغزنوية : ويستحب في خمسة مواضع : اصفرار السن ، وتغير الرائحة ، والقيام من النوم ، والقيام إلى الصلاة ، وعند الوضوء ، لكن قال في البحر : ينافيه ما نقلوه من أنه عندنا للوضوء لا للصلاة ، ووفق في النهر بحمل ما في الغزنوية على ما في الجوهرة أي أنه للوضوء . وإذا نسيه يكون مندوبا للصلاة لا للوضوء ، وهذا ما أشار إليه الشارح ، لكن قال الشيخ إسماعيل : فيه نظر بالنظر إلى تعليل السراج الهندي المتقدم . ا هـ .

أقول : هذا التعليل عليل ; فقد رد بأن ذاك أمر متوهم مع أنه لمن يثابر عليه لا يدمي . ويظهر لي التوفيق ، بأن معنى قولهم : هو للوضوء عندنا بيان ما تحصل به الفضيلة الواردة فيما رواه أحمد من قوله صلى الله عليه وسلم " { : صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك } أي أنها تحصل بالإتيان به عند الوضوء . وعند الشافعي لا تحصل إلا بالإتيان به عند الصلاة . فعندنا كل صلاة صلاها بذلك الوضوء لها هذه الفضيلة خلافا له ، ولا يلزم [ ص: 114 ] من هذا نفي استحبابه عندنا لكل صلاة أيضا حتى يحصل التنافي . وكيف لا يستحب للصلاة التي هي مناجاة الرب تعالى مع أنه يستحب للاجتماع بالناس .

قال في إمداد الفتاح : وليس السواك من خصائص الوضوء ، فإنه يستحب في حالات منها : تغير الفم ، والقيام من النوم وإلى الصلاة ، ودخول البيت ، والاجتماع بالناس ، وقراءة القرآن ; لقول أبي حنيفة : إن السواك من سنن الدين فتستوي فيه الأحوال كلها . ا هـ . وفي القهستاني : ولا يختص بالوضوء كما قيل ، بل سنة على حدة على ما في ظاهر الرواية . وفي حاشية الهداية أنه مستحب في جميع الأوقات ، ويؤكد استحبابه عند قصد التوضؤ فيسن أو يستحب عند كل صلاة ا هـ وممن صرح باستحبابه عند صلاة أيضا الحلبي في شرح المنية الصغير ، وفي هدية ابن عماد أيضا ، وفي التتارخانية عن التتمة : ويستحب السواك عندنا عند كل صلاة ووضوء وكل ما يغير الفم وعند اليقظة . ا هـ . فاغتنم هذا التحرير الفريد ( قوله : وأقله إلخ ) أقول : قال في المعراج : ولا تقدير فيه ، بل يستاك إلى أن يطمئن قلبه بزوال النكهة واصفرار السن ، والمستحب فيه ثلاث بثلاث مياه . ا هـ .

والظاهر أن المراد لا تقدير فيه من حيث تحصيل السنة ، وإنما تحصل باطمئنان القلب ، فلو حصل بأقل من ثلاث فالمستحب إكمالها كما قالوا في الاستنجاء بالحجر ( قوله : في الأعالي ) ويبدأ من الجانب الأيمن ثم الأيسر وفي الأسافل كذلك بحر . ( قوله : بمياه ثلاثة ) بأن يبله في كل مرة

التالي السابق


الخدمات العلمية