صفحة جزء
( ويغرز ) ندبا بدائع [ ص: 637 ] ( الإمام ) وكذا المنفرد ( في الصحراء ) ونحوها ( سترة بقدر ذراع ) طولا ( وغلظ أصبع ) لتبدو للناظر ( بقربه ) دون ثلاثة أذرع ( على ) حذاء ( أحد حاجبيه ) ما بين عينيه والأيمن أفضل ( ولا يكفي الوضع ولا الخط ) وقيل يكفي فيخط طولا ، وقيل كالمحراب ( ويدفعه ) هو رخصة ، فتركه أفضل بدائع .

قال الباقاني : فلو ضربه فمات لا شيء عليه عند الشافعي رضي الله عنه ، خلافا لنا على ما يفهم من كتبنا ( بتسبيح ) [ ص: 638 ] أو جهر بقراءة ( أو إشارة ) ولا يزاد عليها عندنا قهستاني ( لا بهما ) فإنه يكره ، والمرأة تصفق لا ببطن على بطن ، ولو صفق أو سبحت لم تفسد وقد تركا السنة تتارخانية


( قوله ندبا ) لحديث " { إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة ، ولا يدع أحدا يمر بين يديه } " رواه الحاكم وأحمد وغيرهما ، وصرح في المنية بكراهة تركها ، وهي تنزيهية . والصارف للأمر عن حقيقته ما رواه أبو داود عن الفضل والعباس [ ص: 637 ] { رأينا النبي صلى الله عليه وسلم في بادية لنا يصلي في صحراء ليس بين يديه سترة } "

وما رواه أحمد " أن ابن عباس صلى في فضاء ليس بين يديه شيء كما في الشرنبلالي ( قوله وكذا المنفرد ) أما المقتدي فسترة الإمام تكفيه كما يأتي ( قوله ونحوها ) أي من كل موضع يخاف فيه المرور . قال في البحر عن الحلية : إنما قيد بالصحراء لأنها المحل الذي يقع فيه المرور غالبا ، وإلا فالظاهر كراهة ترك السترة فيما يخاف فيه المرور أي موضع كان . ا هـ . ( قوله بقدر ذراع ) بيان لأقلها ط . والظاهر أن المراد به ذراع اليد كما صرح به الشافعية ، وهو شبران ( قوله وغلظ أصبع ) كذا في الهداية ، لكن جعل في البدائع بيان الغلظ قولا ضعيفا ، وأنه لا اعتبار بالعرض . وظاهره أنه المذهب بحر ، ويؤيده ما رواه الحاكم وقال على شرط مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال { يجزي من السترة قدر مؤخرة الرحل ولو بدقة شعرة } " ومؤخرة بضم الميم وهمزة ساكنة وكسر الخاء المعجمة : العود الذي في آخر رحل البعير كما في الحلية .

( قول بقربه ) متعلق بقوله يغرز أو بمحذوف صفة لسترة أو حال منها ( قوله دون ثلاثة أذرع ) الأولى أن يبدل دون بقدر ، لما في البحر عن الحلية : السنة أن لا يزيد ما بينه وبينها على ثلاثة أذرع ح . بقي هل هذا شرط لتحصيل سنة الصلاة إلى السترة ، حتى لو زاد على ثلاثة أذرع تكون صلاته إلى غير سترة أم هو سنة مستقلة ، لم أره ( قوله والأيمن أفضل ) صرح به الزيلعي ( قوله ولا يكفي الوضع ) أي وضع السترة على الأرض إذا لم يمكن غرزها ، وهذا ما اختاره في الهداية ، ونسبه في غاية البيان إلى أبي حنيفة ومحمد وصححه جماعة منهم قاضي خان معللا بأنه لا يفيد المقصود بحر ( قوله ولا الخط ) أي الخط في الأرض إذا لم يجد ما يتخذه سترة ، وهذا على إحدى الروايتين أنه ليس بمسنون ، ومشى عليه كثير من المشايخ واختاره في الهداية لأنه لا يحصل به المقصود إذ لا يظهر من بعيد ( قوله وقيل يكفي ) أي كل من الوضع والخط : أي يحصل به السنة ، فيسن الوضع كما نقله القدوري عن أبي يوسف ، ثم قيل يضعه طولا لا عرضا ليكون على مثال الغرز . ويسن الخط كما هو الرواية الثانية عن محمد لحديث أبي داود { فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا } " وهو ضعيف ، لكنه يجوز العمل به في الفضائل . ولذا قال ابن الهمام : والسنة أولى بالاتباع مع أنه يظهر في الجملة إذ المقصود جمع الخاطر بربط الخيال به كي لا ينتشر ، كذا في البحر وشرح المنية . قال في الحلية : وقد يعارض تضعيفه بتصحيح أحمد وابن حبان وغيرهما له ( قوله فيخط طولا إلخ ) قال في شرح المنية : وقال أبو داود قالوا : الخط بالطول ، وقالوا بالعرض مثل الهلال ا هـ وذكر النووي أن الأول المختار ليصير شبه ظل السترة بحر . [ تنبيه ]

لم يذكروا ما إذا لم يكن معه سترة ومعه ثوب أو كتاب مثلا هل يكفي وضعه بين يديه ؟ والظاهر نعم كما يؤخذ من تعليل ابن الهمام المار آنفا ; وكذا لو بسط ثوبه وصلى عليه ; ثم المفهوم من كلامهم أنه عند إمكان الغرز لا يكفي الوضع ، وعند إمكان الوضع لا يكفي الخط ( قوله ويدفعه ) أي إذا مر بين يديه ولم تكن له سترة ، أو كانت ومر بينه وبينها كما في الحلية والبحر ، ومفاده إثم المار وإن لم تكن سترة كما قدمناه . وفي التتارخانية : وإذا دفعه رجل آخر لا بأس به سواء كان في الصلاة أو لا ( قوله فلو ضربه إلخ ) أي إذا لم يمكن دفعه إلا بذلك ، لأن الشافعية صرحوا بأنه يلزم الدافع تحري الأسهل كما في دفع الصائل ( قوله خلافا لنا إلخ ) أي أن المفهوم من [ ص: 638 ]

كتب مذهبنا أن ما يقوله الشافعي خلاف قولنا ، فإنهم صرحوا في كتبنا بأنه رخصة ، والعزيمة عدم التعرض له ، فحيث كان رخصة يتقيد بوصف السلامة ، أفاده الرحمتي بل قولهم : ولا يزاد على الإشارة صريح في أن الرخصة هي الإشارة ، وأن المقاتلة غير مأذون بها أصلا . وأما الأمر بها في حديث " { فليقاتله فإنه شيطان } " فهو منسوخ ، لما في الزيلعي عن السرخسي أن الأمر بها محمول على الابتداء حين كان العمل في الصلاة مباحا ا هـ فإذا كانت المقاتلة غير مأذون بها عندنا كان قتله جناية يلزمه موجبها من دية أو قود فافهم .

( قوله أو جهر بقراءة ) خصه في البحر بحثا بالصلاة الجهرية وبما يجهر فيه منها ، وعليه فالمراد زيادة رفع الصوت عن أصل جهره ، والظاهر شمول السرية لأن هذا الجهر مأذون فيه فلا يكره . على أن الجهر اليسير عفو ، والمكروه قدر ما تجوز به الصلاة في الأصح كما في سهو البحر ، فإذا جهر في السرية بكلمة أو كلمتين حصل المقصود ولم يلزم المحذور فتدبر ( قوله أو إشارة ) أي باليد أو الرأس أو العين بحر ( قوله ولا يزاد عليها ) أي على الإشارة بما ذكر ، فلا يدرأ بأخذ الثوب ولا بالضرب الوجيع كما في القهستاني عن التمرتاشي . ويؤخذ منه فساد الصلاة لو بعمل كثير ، بخلاف قتل الحية على أحد القولين فيه كما يأتي ( قوله لا بهما ) أي لا يجمع بين التسبيح والإشارة لأن بأحدهما كفاية فيكره كما في الهداية جازما به خلافا لما في الشرنبلالية فإنه تحريف لما في الهداية كما أفاده الشارح في هامش الخزائن ( قوله لا ببطن على بطن ) أي بل بظهر أصابع اليمنى على صفحة كف اليسرى كما في البحر وغيره عن غاية البيان ، لكن لم يظهر وجهه إذ ببطن اليمنى على ظهر اليسرى أقل عملا ، فكأن هذا حمل الشارح على تغيير العبارة والتنصيص على محل الكراهة وهو الضرب ببطن على بطن رحمتي

التالي السابق


الخدمات العلمية