صفحة جزء
( والتثاؤب ) ولو خارجها ذكره مسكين لأنه من الشيطان والأنبياء محفوظون منه


[ ص: 645 ] قوله والتثاؤب ) في المصباح : التثاؤب بالمد وبالواو عامي . وفي مختار الصحاح : تثاءبت بالمد ولا تقل تثاوبت ، وهو كما في الحلية والبحر : التنفس الذي ينفتح منه الفم لدفع البخارات المنفخة في عضلات الفك ، وهو ينشأ من امتلاء المعدة وثقل البدن . ا هـ .

قلت : ولهذا السبب كان من الشيطان كما في حديث الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال { التثاؤب من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع } " وفي رواية لمسلم " { فليمسك بيده على فيه ، فإن الشيطان يدخله } وألحق باليد الكم ، وهذا إذا لم يمكنه كظمه : أي رده وحبسه ، فقد صرح في الخلاصة بأنه إن أمكنه عند التثاؤب أن يأخذ شفته بسنه فلم يفعل وغطى فاه بيده أو بثوبه يكره ، وكذا روي عن أبي حنيفة . قال في البحر : ووجهه أن تغطية الفم منهي عنها كما رواه أبو داود وغيره ، وإنما أبيحت للضرورة ، ولا ضرورة إذا أمكنه الدفع ، ثم في المجتبى : يغطي فاه بيمينه ، وقيل بيمينه في القيام وفي غيره بيساره ا هـ .

قلت : ووجه القيل أظهر لأنه لدفع الشيطان كما مر ، فهو كإزالة الخبث وهي باليسار أولى ، لكن في حالة القيام لما كان يلزم من دفعه باليسار كثرة العمل بتحريك اليدين كانت اليمنى أولى وقدمنا في آداب الصلاة عن الضياء أنه بظهر اليسرى . وفي الحلية عن بعضهم أنه مخير بينهما وأنه إن سد باليمنى يخير فيه بظاهرها أو باطنها ، وإن باليسرى فبظاهرها . ا هـ . ولم أر من تعرض للكراهة هنا هل هي تحريمية أو تنزيهية إلا أنه تقدم في آداب الصلاة أنه يندب كظم فمه عند التثاؤب ، وحينئذ فترك الكظم مندوب .

وأما التثاؤب نفسه فإن نشأ من طبيعته بلا صنعه فلا بأس ، وإن تعمده ينبغي أن يكره تحريما لأنه عبث وقد مر أن العبث مكروه تحريما في الصلاة تنزيها خارجها ( قوله ولو خارجها ) أي لإطلاق الحديث المار ، وتقييده في بعض الروايات بالصلاة لكون الكراهة فيها أشد فلا تنافي بينهما تأمل ( قوله والأنبياء محفوظون منه ) قدمنا في آداب الصلاة أن إخطار ذلك بباله مجرب في دفع التثاؤب

التالي السابق


الخدمات العلمية