صفحة جزء
( وصح الاقتداء فيه ) ففي غيره أولى إن لم يتحقق منه ما يفسدها في الأصح كما بسطه في البحر [ ص: 8 ] ( بشافعي ) مثلا ( لم يفصله بسلام ) لا إن فصله ( على الأصح ) فيهما للاتحاد وإن اختلف الاعتقاد ( و ) لذا ( ينوب الوتر لا الوتر الواجب كما في العيدين ) للاختلاف ( ويأتي المأموم بقنوت الوتر ) ولو بشافعي يقنت بعد الركوع [ ص: 9 ] لأنه مجتهد فيه ( لا الفجر ) لأنه منسوخ ( بل يقف ساكتا على الأظهر ) مرسلا يديه .


( قوله ففي غيره أولى ) وجه الأولوية أن النية متحدة في الفرض والنفل ، بخلاف الوتر ، فهي فيه مختلفة ط أي لأن إمامه ينويه سنة .

( قوله إن لم يتحقق إلخ ) فلو رآه احتجم ثم غاب فالأصح أنه يصح الاقتداء به لأنه يجوز أن يتوضأ احتياطا وحسن الظن به أولى بحر عن الزاهدي .

( قوله كما بسطه في البحر ) حيث ذكر أن الحاصل أنه إن علم الاحتياط منه في مذهبنا فلا كراهة في الاقتداء به وإن علم عدمه فلا صحة ، وإن لم يعلم شيئا كره .

مطلب الاقتداء بالشافعي

ثم قال : ظاهر الهداية أن الاعتبار لاعتقاد المقتدي ولا اعتبار لاعتقاد الإمام ; حتى لو اقتدى بشافعي رآه مس امرأة ولم يتوضأ فالأكثر على الجواز وهو الأصح كما في الفتح وغيره . وقال الهندواني وجماعة : لا يجوز ورجحه [ ص: 8 ] في النهاية بأنه أقيس لأن الإمام ليس بمصل في زعمه وهو الأصل فلا يصح الاقتداء به . ورد بأن المعتبر في حق المقتدي رأي نفسه لا غيره ، وأنه ينبغي حمل حال الإمام على التقليد لئلا تلزم الحرمة بصلاته بلا طهارة في زعمه إن قصد ذلك . ا هـ . قال في النهر : وعلى قول الهندواني يصح الاقتداء وإن لم يحتط . ا هـ . وظاهره الجواز وإن ترك بعض الشروط عندنا ، لكن ذكر العلامة نوح أفندي أن اعتبار رأي المقتدي في الجواز وعدمه متفق عليه ، وإنما الخلاف المار في اعتبار رأي الإمام أيضا ; فالحنفي إذا رأى في ثوب إمام شافعي منيا لا يجوز اقتداؤه به اتفاقا ، وإن رأى نجاسة قليلة جاز عند الجمهور لا عند البعض لأنها مانعة على رأي الإمام ، والمعتبر رأيهما ا هـ وفيه نظر يظهر قريبا . هذا وقد بسطنا بقية أبحاث الاقتداء بالمخالف في باب الإمامة .

( قوله بشافعي مثلا ) دخل فيه من يعتقد قول الصاحبين ، وكذا كل من يقول بسنيته .

( قول على الأصح فيهما ) أي في جواز أصل الاقتداء فيه بشافعي وفي اشتراط عدم فصله ، خلافا لما في الإرشاد من أنه لا يجوز أصلا بإجماع أصحابنا لأنه اقتداء المفترض بالمتنفل ، وخلافا لما قاله الرازي من أنه يصح وإن فصله ويصلي معه بقية الوتر لأن إمامه لم يخرج بسلامه عنده وهو مجتهد فيه كما لو اقتدى بإمام قد رعف .

قلت : ومعنى كونه لم يخرج بسلامه أن سلامه لم يفسد وتره لأن ما بعده يحسب من الوتر ، فكأنه لم يخرج منه ، وهذا بناء على قول الهندواني بقرينة قوله كما لو اقتدى إلخ ، ومقتضاه أن المعتبر رأي الإمام فقط ، وهذا يخالف ما قدمناه آنفا عن نوح أفندي .

( قوله للاتحاد إلخ ) علة لصحة الاقتداء . ورد على ما مر عن الإرشاد بما نقله أصحاب الفتاوى عن ابن الفضل أنه يصح الاقتداء لأن كلا يحتاج إلى نية الوتر ، فأهدر اختلاف الاعتقاد في صفة الصلاة ، واعتبر مجرد اتحاد النية . ا هـ .

واستشكله في الفتح بأنه اقتداء المفترض بالمتنفل وإن لم يخطر بخاطره عند النية صفة السنية أو غيرها ، بل مجرد الوتر كما هو ظاهر إطلاق التجنيس لتقرر النفلية في اعتقاده . ورده في البحر بما صرح به في التجنيس أيضا من أن الإمام إن نوى الوتر وهو يراه سنة جاز الاقتداء كمن صلى الظهر خلف من يرى أن الركوع سنة ، وإن نواه بنية التطوع لا يصح الاقتداء لأنه يصير اقتداء المفترض بالمتنفل ا هـ ولم يذكر الشارح تعليل اشتراط عدم الفصل بسلام اكتفاء بما أشار إليه قبله من أن الأصح اعتبار اعتقاد المقتدي ، والسلام قاطع في اعتقاده فيفسد اقتداؤه وإن صح شروعه معه إذ لا مانع منه في الابتداء كما أفاده ح .

( قوله ولذا ينوي ) أي لأجل الاختلاف المفهوم من قوله وإن اختلف الاعتقاد ط .

( قوله لا الوتر الواجب ) الذي ينبغي أن يفهم من قولهم إنه لا ينوي أنه واجب أنه لا يلزمه تعيين الوجوب لا منعه من ذلك لأنه إن كان حنفيا ينبغي أن ينويه ليطابق اعتقاده ، وإن كان غيره فلا تضره تلك النية بحر .

( قوله للاختلاف ) أي في الوجوب والسنية ، وهو علة للعيدين فقط ، وعلة الوتر قدمها بقوله ولذا لو حذف هذا ما ضر لفهمه من الكاف ط .

( قوله ويأتي المأموم إلخ ) هذا من المسائل الخمس الآتية التي يفعلها المؤتم إن فعلها الإمام ، وما مشى عليه المصنف تبعا للكنز هو المختار كما في البحر عن المحيط . وعبارة المحيط كما في الحلية قال أبو يوسف : يسن أن يقرأ المقتدي أيضا ، وهو المختار ، لأنه دعاء كسائر الأدعية . وقال محمد : لا يقرأ بل يؤمن لأن له شبهة القرآن احتياطا ا هـ . وهو صريح في أنه سنة للمقتدي لا واجب ، إلا أن يكون مبنيا على ما مر عن البحر من أن القنوت سنة عندهما .

( قوله ولو بشافعي إلخ ) أي ويقنت بدعاء الاستعانة لا دعاء الهداية الذي يدعو به إمامه [ ص: 9 ] لأن المتابعة في مطلق القنوت لا في خصوص الدعاء كما حرره الشيخ أبو السعود عن الشيخ عبد الحي وإن توقف فيه في الشرنبلالية ( قوله لأنه مجتهد فيه ) قدمنا معنى هذا عند قوله في آخر واجبات الصلاة ومتابعة الإمام ، يعني في المجتهد فيه لا في المقطوع بنسخه أو بعدم سنيته كقنوت فجر . ا هـ . وقدمنا هناك من أمثلة المجتهد فيه سجدتا السهو قبل السلام ، وما زاد على الثلاث في تكبيرات العيد وقنوت الوتر بعد الركوع . والظاهر أن المراد من وجوب المتابعة في قنوت الوتر بعد الركوع المتابعة في القيام فيه لا في الدعاء إن قلنا إنه سنة للمقتدي لا واجب ( قوله لأنه منسوخ ) فصار كما لو كبر خمسا في الجنازة حيث لا يتابعه في الخامسة بحر .

( قوله بل يقف ) وقيل يقعد ، وقيل يطيل الركوع ، وقيل يسجد إلى أن يدركه فيه شرنبلالية ( قوله مرسلا يديه ) لأن الوضع سنة قيام طويل فيه مسنون ، وهذا الذكر ليس بمسنون عندنا . [ تنبيه ]

قال في الهداية : دلت المسألة على جواز الاقتداء بالشافعية ، وإذا علم المقتدى منه ما يزعم به فساد صلاته كالفصد وغيره لا يجزيه انتهى . ووجه دلالتها أنه لو لم يصح الاقتداء لم يصح اختلاف علمائنا في أنه يسكت أو يتابعه بحر .

التالي السابق


الخدمات العلمية