صفحة جزء
فصل . لا تكره القراءة على القبر وفي المقبرة ، نص عليه ، اختاره أبو بكر والقاضي وجماعة ، وهو المذهب ( و ش ) وعليه العمل عند مشايخ الحنفية ، فقيل : تباح ، وقيل : تستحب ، قال ابن تميم : نص عليه ( م 2 ) كالسلام والذكر والدعاء والاستغفار ، وعنه : لا تكره وقت دفنه ، وعنه : تكره ، اختاره عبد الوهاب الوراق وأبو حفص ( و هـ م ) قال شيخنا : نقلها الجماعة ، وهو قول جمهور السلف ، وعليها قدماء أصحابه ، وسمى المروذي ، وعلله أبو الوفاء وأبو المعالي بأنها مدفن النجاسة ، كالحش ، قال ابن عقيل : أبو حفص يغلب الحظر ، كذا قال ، وصح عن ابن عمر أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها [ ص: 305 ] فلهذا رجع أحمد عن الكراهة .

وقال الخلال وصاحبه : المذهب رواية واحدة لا يكره .

وقال صاحب المحرر على رواية الكراهة : شدد أحمد حتى قال : لا يقرأ فيها في صلاة جنازة ، ونقل المروذي فيمن نذر أن يقرأ عند قبر أبيه : يكفر عن يمينه ولا يقرأ ، ويتوجه : يقرأ عند القبر ، وله نظائر في المذهب ، كنذر الطواف على أربع ، وذكر غير واحد فيمن نذر طاعة على صفة لا تتعين ، يأتي بالطاعة ، وفي الكفارة لترك الصفة وجهان ، فتشمل هذه المسألة ، ودلت رواية المروذي على إلغاء الموصوف لإلغاء صفته في النذر ، وهو غريب ، وعنه : بدعة ; لأنه ليس من فعله عليه السلام وفعل أصحابه ، فعلم أنه محدث ، وسأله عبد الله : يحمل مصحفا إلى القبر فيقرأ فيه عليه ؟ قال : بدعة ، قال شيخنا : ولم يقل أحد من العلماء المعتبرين : إن القراءة عند القبر أفضل ، ولا رخص في اتخاذه عيدا كاعتياد القراءة عنده في وقت معلوم ، أو الذكر أو الصيام ، قال : واتخاذ المصاحف عندها ولو للقراءة فيه بدعة ، ولو نفع الميت لفعله السلف ، بل هو كالقراءة في المساجد عند السلف ، ولا أجر للميت بالقراءة عنده ، كمستمع .

وقال أيضا : من قال : إنه ينتفع بسماعها دون ما إذا بعد القارئ فقوله باطل ، مخالف للإجماع ، كذا قال ، ويتأذى الميت بالمنكر عنده ، نص عليه ، وذكره أبو المعالي ، واحتج أبو المعالي بخبر ابن عباس { جنبوه جار السوء } وبخبر عائشة { الميت يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته } ولا يصحان ، ولكن قد سبق : يستحب [ ص: 306 ] الدفن عند الصالح لتناله بركته ، ويسن ما يخفف عنه ، وإذا تأذى بالمنكر انتفع بالخير ، وصرح به جماعة ، وظاهره ولو بجعل جريدة رطبة في القبر ، للخبر ، وأوصى به بريدة ، ذكره البخاري ، وفي معناه غرس غيرها ، وأنكر ذلك جماعة من العلماء ، وكره الحنفية قلع الحشيش الرطب منها ، قالوا : لأنه يسبح فربما يأنس الميت بتسبيحه .

وفي شرح مسلم أن العلماء استحبوا القراءة عند القبر لخبر الجريدة ; لأنه إذا رجا التخفيف لتسبيحها فالقراءة أولى ، وعن جابر مرفوعا { إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجد فليجعل لبيته نصيبا من صلاته ، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا } وعن أبي موسى مرفوعا { مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت } رواهما مسلم .

وقال البراء : { كان رجل يقرأ سورة الكهف ، وعنده فرس مربوط ، فغشيته سحابة ، فجعلت تدور وتدنو ، وجعل فرسه ينفر منها ، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك ، فقال تلك السكينة تنزلت للقرآن أو تنزلت عند القرآن } متفق عليه ، .


[ ص: 304 ] ( مسألة 2 ) قوله : لا تكره القراءة على القبر وفي المقبرة ، نص عليه ، وهو المذهب ، فقيل : تباح ، وقيل : تستحب ، قال ابن تميم : نص عليه ، انتهى .

أحدهما يستحب ، قال في الفائق : تستحب القراءة على القبر ، نص عليه أخيرا ، انتهى ، وتقدم كلام ابن تميم في نقل المصنف ، والقول الثاني : يباح ، قال في الرعاية الكبرى : وتباح القراءة على القبر ، نص عليه ، قال في المغني والشرح وشرح ابن رزين لا بأس بالقراءة عند القبر ، وقدم الإباحة في الرعاية الصغرى والحاويين ( قلت ) : وهو الصواب [ ص: 306 ]

( تنبيه ) .

قوله : " يسن يخفف " كذا في النسخ ، قال شيخنا : لعله يسن ما يخفف عنه ، فهاتان مسألتان في هذا الباب

التالي السابق


الخدمات العلمية