صفحة جزء
وفي دعوى غلط ممكن من الخارص ، فإن فحش فقيل : يرد قوله ، وقيل : ضمانا كانت أو أمانة [ ص: 432 ] يرد في الفاحش فقط ( م 15 ) ظاهر كلامهم : كما لو ادعى كذبه عمدا [ ص: 433 ] لم يقبل ، وجزم به غير واحد ، وإن قال إنما حصل بيدي [ كذا ] قبل منه ، ويكلف بينة في دعواه جائحة ظاهرة تظهر عادة ( و ) ثم يصدق في التلف ( و ) وأطلق بعضهم ، وجزم به في الرعاية أنه يصدق في جائحة ، وقدمه ابن تميم ، ثم حكى الأول عن ابن عقيل ، وأنه إن ادعى ما يخالف العادة لم يقبل ، والظاهر أن هذا من تتمة قول ابن عقيل ، وسبق قريبا بما يستقر الوجوب .


[ ص: 431 ] تنبيه ) قوله : ضمانا كانت أو أمانة . الضمان أن يختار التصرف ويضمن قدر الزكاة . والأمانة : أن يختار حفظهما إلى وقت الجفاف من غير تصرف ، ويخرج عن المتحصل . إذا علم ذلك فيحتمل أن مراده بالقول الأول إذا اختار أن يكون عنده أمانة ، ويحتمل أن يكون مراده إذا اختار أن يكون عنده ضمانا ، فعلى الأول يلزم منه أنه يرد قوله إذا قلنا إنها عنده أمانة إذا فحش على القولين ، ولا يرد إذا كانت ضمانا على القول الأول ، وهو بعيد ، ويلزم على الثاني أن يرد قوله إذا كانت ضمانا على القولين ، ولا يرد إذا كانت أمانة على القول الأول ، وهو أولى ، لأن الأمير يقبل قوله .

ثم ظهر لي أن القول الأول فيما إذا ادعى غلطا فاحشا يرد قوله مطلقا ، بحيث إنه يؤخذ منه زكاة ما قاله الخارص بأجمعه ، والقول الثاني يرد قوله في الفاحش فقط ، بحيث إنه يسقط عنه زكاة ما دون الفاحش مما يقبل قوله فيه إذا ادعاه ، ويؤخذ منه الزائد على ذلك ، وهذا والله أعلم هو الصواب ، وفي كلامه ما يدل على ذلك ، فإنه قال في القول الثاني : ترد في الفاحش فقط ، فقيده بذلك ، وفي القول الأول قال : يرد قوله ، من غير تقييد ، أي مطلقا ، يعني في الفاحش وغيره ، ويقرب من ذلك ما قاله الأصحاب فيما إذا وكله في بيع فباع بدون ثمن المثل ، فإن كان مما لا يتغابن الناس بمثله فهو معفو عنه ، وإن كان مما يتغابن الناس بمثله صح وضمن .

وفي قدره وجهان أحدهما هو بين ما باع به وثمن المثل ، والثاني هو بين ما يتغابن به الناس وما لا يتغابنون ، وما قاله الزركشي في خيار العيب فيما إذا كسره [ ص: 432 ] كسرا يمكنه الاستعلام بدونه ، فالقول الأول في مسألة المصنف موافق للوجه الأول في مسألة الوكالة ، والصحيح الوجه الأول ، على ما يأتي في كلام المصنف في الوكالة ، فإنه أطلق الخلاف فيها ، فكذا يكون في هذه ، وهو الصواب ، وعموم كلام ، الأصحاب المتقدم يدل عليه . والله أعلم .

( مسألة 15 ) قوله ويصدق في دعوى غلط ممكن من الخارص ، فإن فحش ، فقيل : يرد قوله ، وقيل ضمانا كانت أو أمانة يرد في الفاحش فقط ، انتهى ، لم يظهر لي الآن تحرير محل الخلاف في هذه المسألة ، وسيأتي ما فيه في التنبيه الآتي بعد هذا ، قال ابن تميم : وإن ادعى في الخرص غلطا يقع مثله عادة ، كالسدس ونحوه ، قبل منه ، وإن كثر كالثلث ونحوه لم يقبل ، لكن إن قال : ما حصل في يدي غير كذا ، قبل ، انتهى .

وقال في الرعاية الكبرى : فإن ادعى ربه غلطه ولم يبينه ببينة لم يسمع قوله ، وإن قال : غلط بالسدس ونحوه ، صدق ، فإن ادعى أكثر منه كنصف وثلث فلا ، وقيل : إن ادعى غلطا محتملا قبل قوله بلا يمين ، وإلا فلا ، انتهى وقال في الحاوي الكبير : فإن ادعى غلطا في السدس ونحوه صدق ، وقيل : إن ادعى محتملا قبل بلا يمين .

وقاله أيضا في التلخيص والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم .

وقال في المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم : وإن ادعى رب المال غلط الخارص ، وكان ما ادعى محتملا ، قبل قوله بغير يمين ، وإن لم يكن محتملا مثل أن ادعى غلط النصف ونحوه لم يقبل منه ، وإن قال : لم يحصل في يدي غير كذا قبل منه بغير يمين ، انتهى . فهؤلاء الجماعة قالوا : حيث ادعى غلطا كثيرا لم يقبل منه ، وأطلقوا ، والظاهر أنه مراد المصنف بقوله " فإن فحش " وقوله " يرد في الفاحش " ( قلت ) : وهذا الصحيح ، ولا نعلم ما ينافيه ، وظاهر كلامهم أنه سواء كان أمانة أو ضمانا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية