صفحة جزء
فنصاب الذهب عشرون مثقالا ( و ) والمثقال درهم وثلاثة أسباع درهم ، ونصاب الفضة مائتا درهم ( ع ) وفيهما ربع العشر ( ع ) وسبق في الفصل الثاني من كتاب الزكاة حكم الزيادة والنقص . والاعتبار بالدرهم الإسلامي الذي وزنه ستة دوانيق ، والعشرة سبعة مثاقيل ( و ) وكانت الدراهم في صدر الإسلام صنفين : سودا ، الدرهم منها ثمانية دوانيق ، وطبرية ، الدرهم منها أربعة دوانيق ، فجمعها بنو أمية وجعلوا الدرهم ستة دوانيق ، قال في رواية المروذي وذكر دراهم باليمن صغارا الدرهم منها دانقان ونصف ، فقال : ترد إلى المثاقيل .

وقال في رواية الميموني ، وقد سأله عمن عنده شيء وزنه درهم سواء ، وشيء وزنه دانقان ، وهي تخرج في مواضع ، ذا مع وزنه وذا مع نقصانه ، على الوزن سواء ؟

فقال : يجمعها جميعا ثم يخرجها على سبعة مثاقيل ، وقال في رواية الأثرم : قد اصطلح الناس على دراهمنا ودنانيرنا هذه ، والدنانير لا اختلاف فيها ، فيزكي الرجل المائتي درهم من دراهمنا هذه ، فيعطي منها خمسة دراهم وسأله محمد بن الحكم عن الدراهم السود ، فقال : إذا حلت الزكاة في مائتين من دراهمنا هذه وجبت فيها الزكاة ، فأخذ بالاحتياط ، فأما الدية فأخاف عليه ، وأعجبه في الزكاة أن يؤدي من مائتين من هذه الدراهم . [ ص: 455 ] وإن كان على رجل دية أن يعطي السود الوافية ، وقال : هذا كلام لا تحتمله العامة ، قال القاضي : وظاهر هذا أنه إنما اعتبر وزنه سبعة مثاقيل في الزكاة ، والخراج محمول عليه ، واعتبر في الدية أوفى من ذلك ، وقد قال صاحب الشفاء المالكي : لا يصح أن تكون الأوقية والدراهم مجهولة زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوجب الزكاة في أعداد منها ، وتقع بها البياعات والأنكحة ، كما في الأخبار الصحيحة ، وهو يبين أن قول من يزعم أن الدراهم لم تكن معلومة إلى زمن عبد الملك وأنه جمعها برأي العلماء ، وجعل وزن الدرهم ستة دوانيق قول باطل ، وإنما معنى ما نقل من ذلك أنه لم يكن منها شيء من ضرب الإسلام ، وعلى صفة لا تختلف ، فرأوا صرفها إلى ضرب الإسلام ونقشه ، فجمعوا أكبرها وأصغرها وضربوه على وزنهم .

وفي شرح مسلم : قال أصحابنا : أجمع أهل العصر الأول على هذا التقدير أن الدرهم ستة دوانيق ، ولم تتغير المثاقيل في الجاهلية والإسلام .

وسبق كلام شيخنا أول الحيض ، ومعناه أن الشرع والخلفاء الراشدين رتبوا على الدرهم أحكاما ، فمحال أن ينصرف كلامهم إلى غير الموجود ببلدهم أو زمنهم ; لأنهم لا يعرفونه ولا يعرفه المخاطب ، فلا يقصد ولا يراد ولا يفهم ، وغايته العموم ، فيعم كل بلد وزمن بحسبه وعادته وعرفه ، أما تقييد كلامهم واعتباره بأمر حادث خاصة غير موجود ببلدهم وزمنهم من غير دليل عنهم كيف يمكن ، والله سبحانه أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية