صفحة جزء
فصل

يجب صاع عراقي من بر ، ومثله مكيل ذلك من غيره ، وهو التمر ( ع ) والزبيب ( و ) والشعير ( ع ) والأقط ، نص على ذلك ، كما سبق في كتاب الطهارة وفي آخر الغسل وفي زكاة المعشرات ، ولا عبرة بوزن التمر ، ويحتاط في الثقيل ، ليسقط الفرض بيقين ، ولا يجزئ نصف صاع من بر ، نص عليه ( و م ش ) لخبر أبي هريرة ، وفيه : { أو صاع من قمح } وهو من رواية سفيان بن حسين عن الزهري ، وليس بالقوي عندهم ، لا سيما في الزهري ، رواه الدارقطني وغيره ، وروي أيضا من رواية النعمان بن راشد [ عن الزهري ] عن ابن صغير عن أبيه مرفوعا { أدوا صاعا من بر عن كل إنسان ، صغير أو كبير ، حر أو مملوك ، غني أو فقير ، ذكر أو أنثى } ورواه أحمد وأبو داود وقالا { صاعا من بر عن كل اثنين } والنعمان ضعيف عندهم ، قال أحمد : ليس بصحيح إنما هو مرسل يرويه معمر بن جريج عن الزهري مرسلا ، مع أنه رواه في مسنده أيضا عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن ابن شهاب عن عبد الله بن ثعلبة [ ص: 534 ] وهو ابن صعير مرفوعا ، وهذا إسناد جيد

، واختار شيخنا : يجزئ نصف صاع من بر ، وقال : وهو قياس المذهب في الكفارة ، وإنه يقتضيه ما نفله الأثرم ( و هـ ) كذا قال ، مع أن القاضي قال عن الصاع : نص عليه في رواية الأثرم ، فقال : صاع من كل شيء ، ولأحمد وأبي داود والنسائي من حديث الحسن عن ابن عباس { نصف صاع من بر } ولم يسمع الحسن منه ، قال ابن معين وابن المديني ، لكن عنده مرسلات الحسن التي رواها عنه الثقات صحاح ، وهذا إسناد جيد إليه ، وكذا نقل مهنا : هي صحيحة ، ما نكاد نجدها إلا صحيحة ، والأشهر لا يحتج بها ، وذكره ابن سعد عن العلماء ، وهو الذي رأيته في كلام الأصحاب ، ومذهب الحسن صاع ، ولأحمد من حديث أسماء { مدين من قمح } ، وفيه ابن لهيعة ، وللترمذي وقال حسن غريب من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { مدان من قمح أو سواه صاع من طعام } وفيه سالم بن نوح ، ضعفه ابن معين وأبو حاتم وغيرهما ، ووثقه أبو زرعة وغيره .

وقال أحمد : ما بحديثه بأس ، وروى له مسلم ، ولأبي داود في المراسيل بإسناد جيد عن سعيد بن المسيب قال : { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر مدين من حنطة } . وهو مذهب ابن المسيب ، وقد ذكر الجوزجاني وابن المنذر وغيرهما : أن أخبار نصف صاع لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا ذكروا . وفي الصحيحين عن أبي سعيد قال : { كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام ، أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير ، أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط ، [ ص: 535 ] حتى قدم معاوية المدينة فقال : إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر ، فأخذ الناس بذلك . } .

وللنسائي عنه : { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام ، أو صاعا من شعير ، أو صاعا من تمر ، أو صاعا من أقط } . ولأبي داود من حديث ابن عمر أن عمر جعل نصف صاع حنطة مكان صاع . والله أعلم ، وعن ( هـ ) رواية يجزئ نصف صاع زبيب ، ومن أخرج فوق صاع فأجره أكثر ، وحكى لأحمد عن خالد بن خداش : سمعت مالكا يقول : لا يزيد فيه ; لأنه ليس له أن يصلي الظهر خمسا ، فغضب أحمد واستبعد ذلك ، ويجزئ أحد هذه الأجناس وإن لم تكن قوته ، خلافا لأحد قولي الشافعي ، وعن الشافعي قول ثالث : يجزئ من قوته الشعير إخراج البر ، لا العكس ، ومذهب ( م ) يعتبر الإخراج من جل قوت البلد ، ويجزئ دقيق البر والشعير وسويقهما ، نص عليه ، واحتج بزيادة انفرد بها ابن عيينة من حديث أبي سعيد ، { أو صاعا من دقيق } قيل لابن عيينة : إن أحدا لا يذكره فيه ، قال : بلى ، هو فيه ، رواه الدارقطني ورواه أبو داود قال : [ قال ابن حامد ] : أنكروه على سفيان فتركه سفيان ، [ قال أبو داود ] وهي وهم من ابن عيينة ، قال صاحب المحرر : بل أولى بالإجزاء ; لأنه كفى مؤنته كثمر نزع حبه .

وقال غيره : يجزئ كما يجزئ تمر وزبيب نزع حبه ، وعنه : لا يجزئ ذلك ( و م ش ) واختاره صاحب الإرشاد والمحرر في السويق ، وصاعه بوزن حبه ، نص عليه ، لتفرق الأجزاء بالطحن ، ويجزئ بلا نخل ، وقيل : لا كما لا يكمل تمر بنواه المنزوع .

التالي السابق


الخدمات العلمية