صفحة جزء
السادس الغارمون إما لإصلاح ذات البين قال في العمدة وابن تميم وفي الرعاية الكبرى : من المسلمين ، فيأخذ ما غرم ولو كان غنيا ، خلافا لابن عقيل وإما غارم لنفسه في مباح ، أو اشترى نفسه من الكفار ، فيعطى قدره مع فقره ، فلو فضل عن الكفاية بقدر بعضه أعطي بقدر بقيته وقيل : وغناه ( و ق ) ونقله محمد بن الحكم ، وتأوله القاضي على أنه بقدر كفايته ، وإذا قلنا الغني من له خمسون درهما لم يمنع ذلك الأخذ بالغرم ، في أصح الروايتين . فعلى هذا من له مائة وعليه مثلها أعطي خمسين ، وإن كان عليه أكثر ترك له مما معه خمسون وأعطي تمام دينه ، والثانية يمنع ، فلا يعطى حتى يصرف ما في يده ، ولا يزاد على خمسين ، فإذا صرفها في دينه أعطي مثلها حتى يقضي دينه ومذهب ( م ) من عليه دين ومعه بقدره أو قدر بعضه أعطي بقدر كمال وفاء الدين ، [ ص: 617 ] ومن له ألف وعليه ألفان وله دار أو خادم يساوي ألفين لم يعط شيئا ، فإن أدى الألف في دينه ولم يكن في الدار أو الخادم فضل يغنيه أعطي وكان من الفقراء والغارمين ، هذا مذهبه والله أعلم . ولا يقبل قوله إنه غارم ، بلا بينة ، ويقبل إن صدقه غريمه ، في الأصح ، ومن غرم في معصية لم يدفع إليه شيء ، فإن تاب دفع إليه ، في الأصح .

ولو أتلف ماله في المعاصي حتى افتقر دفع إليه من سهم الفقراء ، وإن دفع إلى الغارم ما يقضي به دينه لم يجز صرفه في غيره وإن كان فقيرا ، وكذا المكاتب والغازي لا يصرف ما يأخذه إلا لجهة واحدة ، وإن دفع إلى الغارم لفقره جاز أن يقضي به دينه ، وحكي وجه ، وإن أبرئ الغريم أو قضى دينه من غير الزكاة استرد منه ، على الأصح ، ذكره جماعة ، وجزم به آخرون ، وذكره صاحب المحرر ظاهر المذهب ( و ش ) ثم قال : وقال القاضي في تعليقه : هو على الروايتين في المكاتب ، فإن قلنا أخذه هناك مستقر فكذا هنا ، قدمه ابن تميم وغيره ، قال : فإن كان فقيرا فله إمساكها ولا تؤخذ منه ، ذكره القاضي .

وقال القاضي في موضع وقاله غيره : إذا اجتمع الغرم والفقر في موضع واحد أخذ بهما ، فإن أعطي للفقر فله صرفه في الدين ، وإن أعطي للغرم لم يصرفه في غيره ، فالمذهب أن من أخذ بسبب يستقر الأخذ به وهو الفقر والمسكنة والعمالة والتأليف صرفه فيما شاء كسائر ماله ، وإن لم يستقر صرفه فيما أخذه له خاصة ، لعدم ثبوت ملكه عليه من كل وجه ، [ ص: 618 ] ولهذا يسترد منه إذا أبرئ ، أو لم يغرم ومن تحمل بسبب إتلاف مال أو نهب أخذ من الزكاة ، وكذا إن ضمن عن غيره مالا وهما معسران جاز الدفع إلى كل [ واحد ] منهما . وقيل : يجوز الدفع أيضا إن كان الأصيل معسرا والحميل موسرا . وفي الترغيب : يجوز إن ضمن معسر موسرا بلا أمره ، ويأخذ الغارم لذات البين قبل حلول دينه ، وفي الغارم لنفسه الوجهان .


[ ص: 618 ] تنبيهان أحدهما ) قوله " يأخذ الغريم لذات البين قبل حلول دينه ، وفي الغارم لنفسه الوجهان " لعله أراد بالوجهين الوجهين اللذين في المكاتب قبل أن يحل النجم ، فإن كان أراد ذلك فالصحيح من المذهب جواز الأخذ قبل حله ، نص عليه ، وقدمه المصنف وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية