صفحة جزء
ومن أخرج شيئا يتصدق به أو وكل في ذلك ثم بدا له استحب أن يمضيه ، ولا يجب ، وسبق في إخراج الزكاة قبل تعجيلها ، نقل محمد بن داود أن أبا عبد الله سئل عن رجل بعث دراهم إلى رجل يتصدق بها عليه فلم يجده الرسول فبدا للمرسل أن يمسكها ، قال : ما أحسنه أن يمضيه [ وكذا نقل الأثرم : ما أحسنه أن يمضيه ] وقال ابن منصور لأبي عبد الله : سئل سفيان عن رجل دفع إلى رجل ما لا يتصدق به فمات المعطي . قال : ميراث قال أحمد : أقول : إنه ليس بميراث إذا كان من الزكاة أو شيء أخرجه للحج ، وإن كان غير ذلك فهو ميراث . قاله إسحاق كما قال أحمد ، [ ص: 653 ] وكذا نقل صالح عن أبيه ، ولم يرد أحمد رحمه الله أن الوكيل يخرجه ، بل يتعين ما عينه الميت ، أو يكون على ظاهره ويكون رواية بالتفرقة ، وعن أحمد رحمه الله رواية أخرى ، قال حبيش : إن أبا عبد الله قيل له : رجل دفع إلى رجل دراهم فقال له تصدق بهذه الدراهم ، ثم إن الدافع جاء إلى صاحبه فقال له : رد علي هذه الدراهم ، ما يصنع المدفوع إليه ؟ فقال : لا يردها عليه ، يمضيها فيما أمره به ، ونقل جعفر أن أبا عبد الله سئل عن رجل أخرج صدقة من ماله ، فأمر بها أن توضع في أهل السكة ، أله أن يرجع ؟ قال : مضى ، فراجعه صاحب المسألة فأبى أن يرخص في ذلك .

وترجم الخلال : الرجل يخرج الصدقة فلا يردها إلى ماله بعد أن سماها صدقة ، فإن كان مراده أنه تكلم بأنه صدقة فالروايتان ، وكان وجهه أنه هل يتعين بذلك كالنذر أم لا ؟ وإن لم يتكلم فقد نوى خيرا فيستحب أن يمضيه ، وقد صح عن عمرو بن العاص أنه كان يقول : إذا أخرج الطعام للسائل فوجده قد ذهب عزله حتى يجيء سائل آخر ، وصح هذا عن الحسن ، ورواه ليث عن طاوس ، وصح عن حميد وبكر بن عبد الله المزني قالا : لا يعطيه سائلا آخر ، روى ذلك الأثرم ، ويأتي إن شاء الله تعالى إذا مات الواهب أو الموهوب قبل القبض . ومن سأل فأعطى فقبضه فسخطه لم يعط لغيره ، في ظاهر كلام العلماء رضي الله عنهم ، وعن علي بن الحسين أنه كان يفعله ، رواه الخلال ، وفيه جابر الجعفي [ ص: 654 ] ضعيف ، فإن صح فيحتمل أنه فعله عقوبة ، ويحتمل أن سخطه دليل على أنه لا يختار تملكه ، فيتوجه مثله على أصلنا ، كبيع التلجئة ، ويتوجه في الأظهر أن أخذ صدقة التطوع أولى من الزكاة ، وأن أخذها سرا أولى ، وفيهما قولان للعلماء أظن علماء الصوفية

التالي السابق


الخدمات العلمية