صفحة جزء
وصوم النذر عن الميت كقضاء رمضان ، على ما سبق عند الكل ( و ) واختاره ابن عقيل ، ونص أحمد وعليه الأصحاب : يفعله الولي عنه بخلاف رمضان ، وفاقا لليث وأبي عبيد وإسحاق . وسبق قول ابن عباس . ويجوز أن يصوم غير الولي بإذنه وبدونه ، جزم به القاضي والأكثر ، لأنه عليه السلام شبهه بالدين ، وقيل : لا يصح إلا بإذنه ( و ش ) لأنه خلاف القياس ، فلا يتعدى النص ، وذكر صاحب المحرر أنه ظاهر نقل حرب ، يصوم أقرب الناس إليه : ابنه أو غيره ، فيتوجه : يلزم من الاقتصار على النص : لا يصوم بإذنه ، وكذا الوجهان في الحج ، واختار عدم الصحة فيه في الانتصار ، كحال الحياة ، واختار صاحب الفصول والمحرر الصحة ، لعدم استفصاله عليه السلام ، وهل يجوز صوم جماعة عنه في يوم واحد ويجزئ عن عدتهم من الأيام ؟ نقل أبو طالب : يصوم واحد ، قال في الخلاف : فمنع الاشتراك كالحجة المنذورة تصح النيابة فيها من واحد لا من جماعة . وحكى أحمد عن طاوس الجواز ، وحكاه البخاري عن الحسن ، وهو أظهر ، واختاره صاحب شرح المهذب من الشافعية وقال : لم يذكر المسألة أصحابهم ، واختاره صاحب المحرر ( م 1 ) وحمل ما سبق على صوم شرطه التتابع ، [ ص: 99 ] وتعليل القاضي يدل عليه ، فإن ما جاز تفريقه كل يوم كحجة مفردة ، فدل ذلك أن من أوصى بثلاث حجج جاز صرفها إلى ثلاثة يحجون عنه في سنة واحدة ، وجزم ابن عقيل بأنه لا يجوز ، لأن نائبه مثله ، وليس له أن يحج ثلاث حجات في عام واحد ، وذكره في الرعاية قولا ، ولم يذكر قبله ما يخالفه ، وذكره في فصل استنابة المغصوب من باب الإحرام ، وهو قياس ما ذكره القاضي في الصوم ، وهو لم يفرق بينهما ، ولا فرق . ويأتي في تفريق الاعتكاف . ويستحب للولي فعله عنه ، ولا يجب ( و ) خلافا للظاهرية ، كالدين لا يلزمه إذا لم يكن [ له ] تركة ، وله أن يصوم ، وله أن يدفع إلى من يصوم عنه من تركته عن كل يوم مسكينا ، فإن لم تكن [ له ] [ ص: 100 ] تركة لم يلزمه شيء . قال القاضي وغيره : كالحج الوارث بالخيار بين الحج بنفسه وبين دفع نفقة إلى من يحج عنه .

وقال صاحب المحرر : إن القاضي في المجرد لم يذكر أن الورثة إذا امتنعوا يلزمهم استنابة ولا إطعام . وذكر في المستوعب وغيره أن مع عدم صوم الورثة يجب إطعام مسكين من ماله عن كل يوم ، ومع صوم الورثة لا يجب ، وجزم الشيخ في مسألة من نذر صوما فعجز عنه أن صوم النذر لا إطعام فيه بعد الموت ، بخلاف رمضان ، ولم أجد في كلامه خلافه ، ولا كفارة مع الصوم عنه أو الإطعام ، واختار شيخنا أن الصوم عنه بدل مجزئ بلا كفارة ، ويأتي كلامهم في الصلاة المنذورة ، وسبق كلامهم في الانتصار في تأخير قضاء رمضان لعذر ، وأوجبها في المستوعب ، قال : كما لو عين بنذره صوم شهر فلم يصمه فإنه يجب القضاء والكفارة . وفي الرعاية كالمستوعب ، فإنه قال : إن لم يقضه عنه ورثته أو غيرهم أطعم عنه من تركته لكل يوم فقير مع كفارة يمين ، وإن قضى كفته كفارة يمين وعنه . مع العذر المتصل بالموت . وهذه الرواية والله أعلم هي رواية حنبل ، فإنه نقل : إذا نذر صوم شهر فحال بينه مرض أو علة حتى يموت صام عنه وليه وأطعم لكل يوم مسكينا ، لتفريطه ، هذا كله فيمن أمكنه صوم ما نذره فلم يصمه ومات ، ولو أمكنه صوم بعض ما نذره قضى عنه ما أمكنه صومه فقط ( و م ) ذكره القاضي وبعض أصحابنا ، ذكره صاحب المحرر ، وذكره ابن عقيل أيضا ، لأن رمضان يعتبر فيه إمكان الأداء ، والنذر [ ص: 101 ] يحمل على أصله في الفرض . وأجاب القاضي بأنا لا نسلم أن النذر المطلق يثبت في ذمته مطلقا ، بل بشرط الإمكان ، كالنذر المعلق بشرط ، والنذر في حال المرض ، وقضاء رمضان ; ومذهب ( هـ ش ) يلزم أن يقضي عنه كله ، لثبوته في ذمته صحيحة في الحال ، كالكفارة ، بخلاف من دام مرضه حتى مات لأنه لا ذمة له يثبت فيها الصوم ، وذكر القاضي في مسألة الصوم عن الميت : أن من نذر صوم شهر وهو مريض ومات قبل القدرة عليه يثبت الصيام في ذمته ، ولا يعتبر إمكان الأداء ، ويخير وليه بين أن يصوم عنه أو ينفق على من يصوم ; وفرق بينهما بأن النذر محله الذمة ، فلا يعتبر فيه إمكان الأداء كالكفارة ، وذكر نص أحمد في رواية عبد الله في رجل مرض في رمضان : إن استمر به المرض حتى مات ليس عليه شيء ، وإن كان نذرا صام عنه وليه إذا [ هو ] مات . قال : وأومأ إليه في رواية الميموني والفضل وابن منصور ، واختار صاحب المحرر أنه يقضي عن الميت ما تعذر فعله بالمرض دون المتعذر بالموت ، لأن النذر وإن تعلق بالذمة يتعلق بالأيام الآتية بعد النذر ، فإذا مات قبل مضي المدة المقدرة تبينا أن قدر ما بقي منها صادف نذره حالة موته ، وهو يمنع الثبوت في ذمته ، كما لو نذر صوم شهر معين فمات قبله أو جن ودام جنونه حتى انقضى ، بخلاف القدر الذي أدركه حيا وهو مريض ، لأن [ ص: 102 ] المرض لا ينافي ثبوت الصوم في الذمة ، بدليل أنه يقضي رمضان ، ويقضي من نذر صوم شهر بعينه فلم يصمه لمرض ، وإذا ثبت في ذمة المريض والنيابة تدخله بعد الموت فلا معنى لسقوطه به ، وإنما سقط قضاء رمضان لأن النيابة لا تدخله ، ولم يجب الإطعام لأنه وجب عقوبة للتفريط ولم يوجد . قال : ويؤيد ذلك أمره عليه السلام بقضائه عن الميت ، ولم يستفصل هل تركه لمرض أو غيره . هذا كله في النذر في الذمة . فأما إن نذر صوم شهر بعينه فمات قبل دخوله لم يصم ولم يقض عنه . قال صاحب المحرر : وهو مذهب سائر الأئمة ، ولا أعلم فيه خلافا ، وإن مات في أثنائه سقط باقيه فإن لم يصمه لمرض حتى انقضى ثم مات في مرضه فعلى الخلاف السابق فيما إذا كان في الذمة ، وسبق كلامه في الانتصار والرعاية فيما إذا أخر قضاء رمضان لعذر حتى مات ، والله أعلم .


[ ص: 98 ] ( مسألة 1 ) قوله في صوم النذر عن الميت : " ويجوز أن يصوم غير الولي بإذنه [ ص: 99 ] وبدونه ، جزم به القاضي والأكثر . وقيل : لا يصح إلا بإذنه . وكذا الوجهان في الحج " ، ثم قال بعد ذلك : وهل يجوز صوم جماعة عنه في يوم واحد ويجزئ عن عدتهم من الأيام ؟ نقل أبو طالب : يصوم واحد . قال في الخلاف : فمنع الاشتراك ، كالحجة المنذورة تصح النيابة فيها من واحد لا من جماعة . وحكى أحمد عن طاوس الجواز . وهو أظهر واختاره صاحب المحرر ، انتهى . ما اختاره المجد هو الصحيح ، واختاره المصنف هنا ، وقدمه الزركشي . والرواية الثانية يصوم واحد ، وهو ظاهر كلام القاضي في الخلاف .

( تنبيه ) مراده بقوله " وكذا الوجهان في الحج " المذكوران في صوم غير الولي بغير إذنه اللذان في أول المسألة .

التالي السابق


الخدمات العلمية