صفحة جزء
فصل يكره صوم الدهر إذا أدخل فيه يومي العيدين وأيام التشريق ، ذكره القاضي وأصحابه ، والكراهة كراهة تحريم ، ذكره صاحب المغني والمحرر وغيرهما ، وهو واضح . وإن أفطر أيام النهي جاز ، خلافا للظاهرية ، وسبق كلام ابن عقيل في إعادة الصلاة ، ولم يكره والمراد ما ذكره صاحب المحرر وغيره إذا لم يترك به حقا ولا خاف منه ضررا . نقل حنبل : إذا أفطر أيام النهي فليس ذلك صوم الدهر . ونقل صالح : إذا أفطرها رجوت أن لا بأس به ، وهذا اختيار القاضي وأصحابه [ ص: 115 ] وصاحب المحرر والأكثر ( و م ش ) وذكر مالك أنه سمع أهل العلم يقولونه ، { لقول حمزة بن عمرو : يا رسول الله ، إني أسرد الصوم ، أفأصوم في السفر ؟ قال : إن شئت فصم } متفق عليه ، ولأن أبا طلحة وغيره من الصحابة وغيرهم فعلوه ، ولأن الصوم مطلوب للشارع إلا ما استثناه ، وأجابوا عن حديث عبد الله بن عمرو وقوله عليه السلام { لا صام من صام الدهر } رواه البخاري ، بأنه عليه السلام خشي عليه ما سبق ، ولذلك قال : ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعدما كبر ، واختار صاحب المغني : يكره ، وهو ظاهر رواية الأثرم ، وللحنفية قولان ، وقال شيخنا : الصواب قول من جعله تركا للأولى أو كرهه ، فعلى الأول صوم يوم وفطر يوم أفضل منه ، خلافا لطائفة من الفقهاء والعباد ، ذكره شيخنا ، وهو ظاهر حال من سرده ، ومنهم أبو بكر النجاد من أصحابنا ، حملا لخبر عبد الله بن عمرو عليه وعلى من في معناه ، لأنه عليه السلام لم يرشد حمزة بن عمرو إلى يوم ويوم ، قال أحمد : ويعجبني أن يفطر منه أياما ، يعني أنه أولى ، للخروج من الخلاف ، وجزم به جماعة .

وقاله إسحاق ، وليس المراد الكراهة ، فلا تعارض .

التالي السابق


الخدمات العلمية