صفحة جزء
فصل سبق في الصلاة في المغصوب هل يثاب على العبادة على وجه محرم أو مكروه ، وسبق كلام شيخنا في صلاة التطوع ، وسبق هناك هل يعمل بالخبر الضعيف في هذا ؟ وذلك مبسوط في آداب القراءة والدعاء من الآداب الشرعية نحو نصف الكتاب ، والكلام على الأخبار في ذلك ، كحديث أبي هريرة { ما جاءكم عني من خير قلته أو لم أقله فأنا أقوله ، وما أتاكم من شر فأنا لا أقول الشر } رواه أحمد والبزار من رواية أبي معشر واسمه نجيح فيه لين مع أنه صدوق حافظ ، وكحديث جابر { من بلغه عن الله شيء له فيه فضيلة فأخذه إيمانا به ورجاء ثوابه أعطاه الله عز وجل ذلك وإن لم يكن كذلك } رواه الحسن بن عرفة في جزئه ، ويتوجه أن إسناده حسن ، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات من طرق ، ولم يذكره من الطريق التي ذكرها ابن عرفة ، والله أعلم .

أما إذا قطع الصلاة أو الصوم فهل انعقد الجزء المؤدي وحصل به قربة أم لا ؟ وعلى الأول هل بطل حكما لا أنه أبطله ؟ كمريض صلى جمعة بعد ظهره ، أو لا يبطل ؟ اختلف كلام أبي الخطاب في الانتصار وكلام [ ص: 138 ] غيره في ذلك .

وفي كلام جماعة بطلانه وعدم صحته ( م 5 ) وحمل أبو المعالي وغيره حديث عبادة فيمن ترك من الصلاة شيئا على من ترك واجبا كخشوع وتسبيح ، فلم يذكروا ترك ركن وشرط ، وذكر الأصحاب أن ترك ركن وشرط كتركها كلها ، قال جماعة : لأن الصلاة مع ذلك وجودها كعدمها ، ومرادهم بالنسبة إلى الصلاة لا أنه لا يثاب على قراءة وذكر ونحو ذلك .

وقال شيخنا في رده على الرافضي : جاءت السنة بثوابه على ما فعله وعقابه على ما تركه ، ولو كان باطلا كعدمه ولا ثواب فيه لم يجبر بالنوافل شيء . والباطل في عرف الفقهاء ضد الصحيح في عرفهم ، وهو ما أبرأ الذمة ، فقولهم بطلت صلاته وصومه وحجه لمن ترك ركنا بمعنى وجب القضاء ، لا بمعنى أنه لا يثاب عليها بشيء في الآخرة ، إلى أن قال : فنفى الشارع الإيمان عمن ترك واجبا منه أو فعل محرما فيه كنفي غيره ، كقوله : { لا صلاة إلا بأم القرآن } وقوله للمسيء : { فإنك لم تصل } و { لا صلاة لفذ } وقال شيخنا أيضا في قوله تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } : البطلان هو بطلان الثواب ، [ ص: 139 ] ولا نسلم بطلان جميعه ، بل قد يثاب على ما فعله ، فلا يكون مبطلا لعمله ، والله أعلم .


[ ص: 138 ] ( مسألة 5 ) قوله : أما إذا قطع الصلاة أو الصوم فهل انعقد الجزء المؤدى وحصل به قربة أم لا ؟ وعلى الأول هل بطل حكما لا أنه أبطله ؟ كمريض صلى جمعة بعد ظهره ، أو لا يبطل ؟ اختلف كلام أبي الخطاب في الانتصار وكلام غيره في ذلك وفي كلام جماعة بطلانه وعدم صحته ، انتهى . في ضمن كلام المصنف مسألتان . [ ص: 139 ]

( المسألة الأولى 6 ) إذا قطعها فهل انعقد الجزء المؤدى وحصل به قربة أم لا .

( المسألة الثانية 7 ) على الأول هل بطل حكما أم لا ؟ ( قلت ) : الصواب في ذلك انعقاد الجزء المؤدى وحصول الثواب به للمعذور والبطلان حكما ، وفي كلام الشيخ تقي الدين والمصنف ما يدل على ذلك ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية