صفحة جزء
فصل ولا يصح من رجل تلزمه الصلاة جماعة في مدة اعتكافه إلا في مسجد تقام فيه الجماعة ، ( و هـ ) ، ولو من رجلين معتكفين ، [ ص: 152 ] وإلا صح منه في مسجد غيره ، وفي الانتصار : ولا يصح من الرجل مطلقا إلا في مسجد تقام فيه الجماعة ، قال صاحب المحرر : وهو ظاهر رواية ابن منصور ، وظاهر قول الخرقي ، ووجه المذهب ما رواه سعيد : حدثنا سفيان عن جامع بن أبي راشد عن شقيق بن سلمة عن حذيفة أنه قال لابن مسعود : لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة } أو قال " في مسجد جماعة " حديث صحيح ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت { : السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه ، ولا اعتكاف إلا بصوم ، ولا اعتكاف ، إلا في مسجد جامع } . رواه أبو داود وقال : غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول فيه : قالت : السنة ، يعني أنه موقوف ، وعبد الرحمن مختلف فيه ، وروى له مسلم ، ورواه الدارقطني بإسناد جيد من حديث الزهري عن عروة وابن المسيب عن عائشة في حديث عنها ، وفيه " وإن السنة " وذكره .

وفي آخره { ويأمر من اعتكف أن يصوم } وقال : يقال : " إن السنة " إلى آخره من قول الزهري ، ومن أدرجه في الحديث فقد وهم ، ورواه أبو بكر النجاد وغيره عن علي وغيره ، ولأن الجماعة واجبة ، فيحرم تركها . ويفسد الاعتكاف بتكرار الخروج ، وظهر من هذا إن قلنا [ ص: 153 ] لا تجب الجماعة يصح في كل مسجد ، ( و م ش ) ، لظاهر الآية . ولا يصح إلا في مسجد ، إجماعا ، حكاه ابن عبد البر ، وجوزه بعض المالكية وبعض الشافعية في مسجد بيته . ويصح في المساجد الثلاثة ، إجماعا ، حكاه ابن المنذر ، وعن حذيفة وابن المسيب : لا اعتكاف إلا فيها . والله أعلم .

ورحبة المسجد ليست منه ، في رواية ، وهي ظاهر كلام الخرقي ، وعنه : بلى ، جزم به بعضهم ، وفاقا ، وجزم به القاضي في موضع ، وجمع بين الروايتين في موضع ، فقال : إن كانت محوطة فهي منه ، وإلا فلا ، قال صاحب المحرر : ونقل محمد بن الحكم ما يدل على صحته فقال : إذا سمع أذان العصر في رحبة مسجد الجامع انصرف ولم يصل ، ليس هو بمنزلة المسجد ، حد المسجد الذي جعل عليه حائط وباب . وقدم هذا في المستوعب ، وصححه أيضا وقال : ومن أصحابنا من جعل المسألة على روايتين ( م 2 ) وفي كلام الشافعية : الرحبة المتصلة به منه . والله أعلم . [ ص: 154 ] وظهر المسجد منه ( و هـ ش ) ، ومذهب ( م ) لا يعتكف فيه ولا في بيت قناديله .

وقال ( م ) أيضا : يكره ، والله أعلم . والمنارة التي للمسجد إن كانت فيه أو بابها فيه فهي منه ، بدليل منع جنب والأشهر عن مالك : يكره ، وقاله الليث . وإن كان بابها خارجا منه بحيث لا يستطرق إليها إلا خارج المسجد أو كانت خارج المسجد والمراد والله أعلم وهي قريبة منه كما جزم [ به ] بعضهم فخرج للأذان بطل اعتكافه ، لأنه مشى حيث يمشي جنب ، لأمر منه بد ، كخروجه إليها لغير الأذان ، وقيل : لا يبطل ، واختاره ابن البنا وصاحب المحرر .

وقال القاضي : لأنها بيتت له ، فكأنها منه .

وقال أبو الخطاب : لأنها كالمتصلة [ ص: 155 ] به .

وقال صاحب المحرر : لأنها بنيت للمسجد لمصلحة الأذان ، فكأنها منه فيما بنيت له ، ولا يلزم منه [ ثبوت ] بقية أحكام المسجد ، لأنها لم تبن له ، وللشافعية وجهان ، وثالث : إن ألف الناس صوت المؤذن جاز ، للحاجة وإلا فلا ، وإن كانت في الرحبة فهي منها [ وإلا فلا ] والله أعلم .

والأفضل اعتكاف الرجل في الجامع إذا كان اعتكافه تتخلله جمعة ، ولا يلزم وفاقا لأكثر العلماء ، منهم أبو حنيفة وظاهر مذهب الشافعي ، وحكاه في شرح مسلم عن مالك ، لما سبق ، ولأنه خرج لما لا بد منه ، وكأنه استثنى الجمعة ، ولا تتكرر ، بخلاف الجماعة . وفي الانتصار وجه : يلزم ، فإن اعتكف في غيره بطل بخروجه إليها ، ( و م ) ، لأنه أمكنه أن يحترز منه ، كالخارج من صوم الشهرين المتتابعين إلى صوم رمضان ، ونحن نمنعه ، على ما يأتي ، فأما إن عين بنذره المسجد الجامع تعين موضع الجمعة ، وإن عين غير موضعها لم يتعين موضعها ، ولا يصح إن وجبت الجماعة بالاعتكاف فيما تقام فيه الجمعة وحدها ، ويصح عند مالك والشافعي ولمن لا تلزمه الجمعة أن يعتكف في غير الجامع ، وتبطل بخروجه إليها إلا أن يشترطه ، كعيادة المريض .


[ ص: 153 ] مسألة 2 ) قوله : ورحبة المسجد ليست منه ، في رواية ، وهي ظاهر كلام الخرقي وعنه : بلى ، جزم به بعضهم ، وجزم به القاضي في موضع ، وجمع بين الروايتين في موضع ، فقال : إن كانت محوطة فهي منه ، وإلا فلا ، قال صاحب المحرر : ونقل محمد بن الحكم ما يدل على صحته فقال : إذا سمع أذان العصر في رحبة مسجد الجامع انصرف ولم يصل ، ليس هو بمنزلة المسجد ، حد المسجد هو الذي عليه حائط وباب ، وقدم هذا في المستوعب وصححه أيضا وقال : ومن أصحابنا من جعل [ ص: 154 ] المسألة على روايتين انتهى كلام المصنف وأطلق الروايتين الأولتين في الفائق والزركشي ، إحداهما ليست من المسجد ، وهو الصحيح ، وهو ظاهر كلام الخرقي وجماعة منهم الشارح وصاحب الرعايتين والحاويين في موضع من كلامهم ، وقدمه المجد في شرحه ، وهو ظاهر ما قدمه الشارح في موضع ، ونص عليه في رواية إسحاق بن إبراهيم ، قال الحارثي في إحياء الموات : اختاره الخرقي وصاحب المحرر ، انتهى والرواية الثانية هي من المسجد ، قال المصنف : جزم به بعضهم ( قلت ) جزم به في الرعاية الصغرى والحاويين في موضع فقالا : ورحبة المسجد كهو ، وجمع القاضي بينهما في موضع من كلامه بما ذكره المصنف وغيره ، وقدمه في المستوعب وقال : ومن أصحابنا من جعل المسألة على روايتين ، والصحيح أنها رواية واحدة على اختلاف الحالين ، انتهى . وقدمه الرعاية الكبرى في موضع ، وكذا في الآداب الكبرى والوسطى .

التالي السابق


الخدمات العلمية