صفحة جزء
[ ص: 157 ] فصل ويصح بغير صوم ، هذا المذهب ( و ش ) ، لأن { عمر سأله عليه السلام : إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة } وفي لفظ لمسلم : { يوما في المسجد الحرام ، قال أوف بنذرك } زاد البخاري : { فاعتكف ليلة } ، ولحديث ابن عباس { ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه } رواه الدارقطني وقال : رفعه السوسي أبو بكر ، وغيره لا يرفعه ، قال صاحب المحرر : هو ثقة فيقبل رفعه وزيادته . قاله الخطيب : دخل بغداد وحدث أحاديث مستقيمة . ولأنه لا دليل . وتفرد عبد الله بن بديل وله مناكير بقوله عليه السلام لعمر : { اعتكف وصم } رواه أبو داود ، وضعفه وزيادته أبو بكر النيسابوري والدارقطني وغيرهما ، ثم أمره استحبابا أو نذره مع الاعتكاف ، بدليل قوله : إنه نذر أن يعتكف في الشرك ويصوم ، قال الدارقطني : إسناد حسن تفرد به سعيد بن بشير ، وأقوال الصحابة مختلفة . فعلى هذا أقله تطوعا ، أو نذر اعتكافا وأطلق ما يسمى به معتكفا لابثا ، فظاهره ولو لحظة وفاقا للأصح للشافعية ، وأقله عندهم مكث يزيد على طمأنينة الركوع أدنى زيادة ، وفي كلام جماعة أقله ساعة لا لحظة ، ولا يكفي عبوره ، خلافا لبعض الشافعية ، ويصح الاعتكاف في أيام النهي التي لا يصح صومها . ولو صام ثم أفطر عمدا لم يبطل اعتكافه ، وعنه : لا يصح الاعتكاف بغير صوم ، [ ص: 158 ] و هـ م ) ، فعلى هذا لا يصح ليلة مفردة ، وفي أقله وجهان قال في منتهى الغاية : أحدهما يوم ، اختاره أبو الخطاب وفاقا لرواية عن أبي حنيفة ، لأنه أقل ما يتأتى فيه الصوم . الثاني أقله ما يقع عليه الاسم إذا وجد [ في ] الصوم ، لوجود اللبث بشرطه ، وجزم بهذا غير واحد ( م 3 ) وهو أصح عن أبي حنيفة . وجزم في المستوعب والرعاية وغيرهما : إن نذر اعتكافا وأطلق يلزمه يوم ، ومرادهم إذا لم يكن صائما ، كما ذكره في المستوعب فيما إذا نذر اعتكاف يوم يقدم فلان أجزأه بقية النهار إن كان صائما ، وجزموا في النذر على الأول بأن يوما وليلة أولى ، لا يوما ( ش ) ليخرج من الخلاف ، ومذهب مالك يوم وليلة وعنه أيضا : ثلاثة . [ ص: 159 ] ولا يصح في أيام النهي التي لا يصح صومها ( و هـ م ) واعتكافها نذرا ونفلا كصومها نذرا ونفلا ، فإن أتى عليه يوم العيد في أثناء اعتكاف متتابع ، فإن قلنا يجوز الاعتكاف فيه فالأولى أن يثبت مكانه ، ويجوز خروجه لصلاة العيد ، ولا يفسد اعتكافه ، خلافا للشافعي وعبد الملك المالكي ، وإن قلنا لا يجوز خرج إلى المصلى إن شاء وإلى أهله ، وعليه حرمة العكوف ثم يعود قبل غروب الشمس من يومه لتمام أيامه ، هذا قول مالك ، قاله صاحب المحرر ، ولا يشترط أن يصوم للاعتكاف ما لم ينذر له الصوم ، لظاهر الآية والخبر . وكما يصح أن يعتكف في رمضان تطوعا أو بنذر عينه به ( و ) ، وشرطه الحنفية للاعتكاف الواجب في الذمة .


[ ص: 158 ] ( مسألة 3 ) قوله : ويصح بغير صوم ، هذا المذهب وعنه : لا يصح [ الاعتكاف ] بغير صوم ، فعلى هذا لا يصح في ليلة مفردة ، وفي أقله وجهان ، قاله في منتهى الغاية : أحدهما يوم ، قاله أبو الخطاب . والثاني أقله ما يقع عليه الاسم إذا وجد في الصوم ، لوجود اللبث بشرطه ، وجزم بهذا غير واحد ، انتهى ، الوجه الأول اختاره أبو الخطاب ، وقدمه في المغني والشرح والفائق ، وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب والمقنع والتلخيص وغيرهم ، والوجه الثاني جزم به في المحرر والإفادات والرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم ، واختاره في الفائق ( قلت ) وهو الصواب ، وأطلقهما المجد في شرحه والزركشي ، وذكر المصنف كلامه في المستوعب والرعاية وغيرهما ، وبين مرادهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية