صفحة جزء
فصل

والمعتاد من هذه الأعذار وهو حاجة الإنسان ( ع ) وطهارة الحدث ( ع ) والطعام والشراب ( ع ) والجمعة ، كما لا يبطل الاعتكاف ، فلا تنقص مدته ولا يقضي شيئا منه ، لأن الخروج له كالمستثنى ، لكونه معتادا ، ولا يلزمه كفارة ، وبقية الأعذار إن لم تطل ، فذكر الشيخ [ ص: 180 ] لا يقضي الوقت الفائت بذلك ، لكونه يسيرا مباحا أو واجبا ، كحاجة الإنسان ، ويوافقه كلام القاضي في الناسي ، في الفصل قبله ، وعلى هذا يتوجه : لو خرج بنفسه مكرها أن يخرج بطلانه على الصوم ، وإنما منعه صاحب المحرر لقضاء زمن الخروج فيه بالإكراه ، وفي الصوم يعتد بزمن الإكراه ، وظاهر كلام الخرقي وغيره أنه يقضي ، واختاره صاحب المحرر ( و ش ) كما لو طالت ( م 8 ) وذكر أن كلام الخرقي المذكور موهم ، وأنه لا يعلم به قائلا ، وأنه أراد البناء مع قضاء زمن الخروج ، قال : وكنذره اعتكاف يوم فخرج لبقية الأعذار وقد بقي منه زمن يسير ، كذا قال ، وظاهر كلام الشيخ خلافه ، كما لو خرج لحاجة الإنسان ، قال : وكالأجير مدة معينة لا تتناول العقد المعتاد ، بخلاف غيره ، كذا هنا ، والله أعلم .

وإن تطاول ذلك والاعتكاف منذور فله أحوال : أحدها ، نذر أياما متتابعة غير معينة ، فيخير بين البناء والقضاء [ ص: 181 ] و م ش ) مع كفارة يمين ، لكون النذر حلفة ( م ش ) وبين الاستئناف بلا كفارة ( و ) كما قلنا فيمن نذر صوم شهر غير معين وشرع ثم أفطر لعذر ، وذكر في الرعاية : يبني ، وفي الكفارة الخلاف ، وقيل : أو يستأنفه إن شاء كذا قال .

ومذهب ( هـ ) يلزم الاستئناف بعذر المرض ، كمذهبه في المرض في شهري الكفارة ، ويتخرج كقوله في مرض يباح الفطر به ، ولا يجب ، بناء على أحد الوجهين في انقطاع صوم الكفارة مما يبيح الفطر ولا يوجبه ووافقت الحنفية على عذر الحيض هنا وفي شهري الكفارة ، واختار في المجرد أن كل خروج لواجب كمرض لا يؤمن مع تلويث المسجد لا كفارة فيه ، وإلا ففيه الكفارة ، واختار الشيخ : تجب الكفارة إلا لعذر حيض ونفاس ، لأنه معتاد كحاجة الإنسان ، وضعفهما صاحب المحرر بأنا سوينا في نذر الصوم بين الأعذار ، وبأن زمن الحيض يجب قضاؤه لا زمن حاجة [ ص: 182 ] الإنسان ، كذا قال ، وظاهر كلام الشيخ : لا يقضي ، ولعله أظهر ويتوجه من قول القاضي هنا في الصوم ، ولا فرق ، والله أعلم .

والثانية : نذر اعتكافا معينا فيقضي ما تركه ويكفر ، لتركه في النذر في وقته ، نص أحمد على الكفارة في الخروج لفتنة ، وذكره الخرقي فيها والخروج لنفير وعدة ، وذكره ابن أبي موسى في عدة ، وعن أحمد فيمن نذر صوم شهر بعينه فمرض فيه أو حاضت فيه المرأة في الكفارة مع القضاء روايتان ، والاعتكاف مثله ، هذا معنى كلام أبي الخطاب وغيره ، وقاله صاحب المحرر والمستوعب وغيرهما .

قال : فيتخرج جميع الأعذار في الاعتكاف على روايتين عدم وجوب الكفارة ( و م ش ) كرمضان [ ص: 183 ] والفرق أن فطره لا كفاره فيه لعذر أو غيره ، ونقل المروذي وحنبل عدم الكفارة في الاعتكاف . وحمله صاحب المحرر على رواية عدم وجوبها في الصوم وسائر المنذورات ، وكلام القاضي والشيخ والحنفية هنا أيضا . وإن ترك اعتكاف الزمن المعين لعذر أو غيره قضاه متتابعا ( و م ش ) بناء على التتابع في الأيام المطلقة ، أو لأنه مقتضى لفظ الناذر ، لأنه المفهوم من الشهر المعين المطلق فتضمن نذره التتابع والتعيين ، والقضاء يحكى الأداء فيما يمكن ، وعنه : لا يلزمه التتابع إلا بشرطه أو بنيته ( و ش ) كرمضان ، وعند زفر وبعض الشافعية : لا يلزمه تتابع ولو شرطه ، لأن ذكره في المعين لغو ومذهب ( م ) لا يقضي معذور .

فعلى المذهب الأول ما خرج عن المدة المعينة يقضيه متتابعا ( ش ) متصلا بها ( ش ) .

الحالة الثالثة نذر أياما مطلقة ، فإن قلنا يجب التتابع على قول القاضي السابق فكالحالة الأولى ، وإن قلنا لا يجب تمم ما بقي عليه ، لكنه يبتدئ اليوم الذي خرج فيه من أوله ليكون متتابعا ولا كفارة عليه [ ص: 184 ] لإتيانه بالمنذور على وجهه .

وقال صاحب المحرر : قياس المذهب يخير بين ذلك وبين البناء على بعض اليوم ، ويكفر ، وقياس مذهب ( ش ) يبني بلا كفارة .


[ ص: 180 ] مسألة 8 ) قوله : والمعتاد من هذه الأعذار وهو حاجة الإنسان وطهارة الحدث والطعام والشراب والجمعة

وبقية الأعذار إن لم تطل ، فذكر الشيخ لا يقضي الوقت الفائت بذلك ، لكونه يسيرا مباحا أو واجبا ويوافقه كلام القاضي في الناسي . وظاهر كلام الخرقي وغيره أنه يقضي ، واختاره صاحب المحرر ، كما لو طالت ، انتهى .

ما اختاره الشيخ الموفق هو الصواب ، وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب واختاره أيضا الشارح وغيره . [ ص: 181 ] تنبيهان : الأول : قوله بعد هذه المسألة : ويتخرج كقول أبي حنيفة في مرض يباح الفطر به ولا يجب ، بناء على أحد الوجهين في انقطاع صوم الكفارة بما يبيح الفطر ولا يوجبه ، انتهى ، هذان الوجهان ليسا من الخلاف المطلق ، وإنما ذكر ذلك استشهادا ، والصحيح من المذهب أنه لا ينقطع التتابع ، قدمه المصنف وغيره في باب الظهر . [ ص: 182 ] ( الثاني ) قوله : " وظاهر كلام الشيخ لا يقضي ، ولعله أظهر " قال ابن نصر الله في حواشيه : صرح في المغني بأن الحائض إذا طهرت رجعت فأتمت اعتكافها وقضت ما فاتها ولا كفارة عليها ، نص عليه ، هذا لفظ بحروفه ، فكيف يقول : ظاهر كلام الشيخ لا يقضي ؟ انتهى .

( الثالث ) قوله : " فيتخرج جميع الأعذار في الكفارات في الاعتكاف على روايتين عدم وجوب الكفارة " صوابه روايتي عدم ، بإسقاط النون للإضافة .

( الرابع ) قوله فيما إذا نذر اعتكافا معينا وخرج وتطاول : يقضي ما تركه ويكفر ، لتركه النذر في وقته ، نص أحمد على الكفارة في الخروج لفتنة وذكره الخرقي فيها وفي الخروج لنفير وعدة ، وذكره ابن أبي موسى في عدة ، ثم قال المصنف : وعن أحمد فيمن نذر صوم شهر بعينه فمرض فيه أو حاضت فيه المرأة في الكفارة مع القضاء روايتان ، والاعتكاف مثله ، هذا معنى كلام أبي الخطاب وغيره .

وقال صاحب [ ص: 183 ] المحرر والمستوعب وغيرهما ، قال : فيتخرج جميع الأعذار في الاعتكاف على روايتين عدم وجوب الكفارة كرمضان ، انتهى ، الصحيح من المذهب وجوب الكفارة في الجميع مع القضاء وعليه أكثر الأصحاب ، وقد قدمه المصنف ، ونص أحمد على وجوب الكفارة في الخروج لأجل الفتنة ، والخرقي فيها وفي النفير والعدة ، وليست هذه المسألة مما نحن بصدده ، ولكن المصنف استشهد بما يعطي أن المسألة على روايتين في المذهب ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية