صفحة جزء
[ ص: 234 ] فصل ويشترط للمرأة محرم ، نقله الجماعة وأنه قال : المحرم من السبيل ، وصرح في رواية الميموني وحرب بالتسوية بين الشابة والعجوز [ وفاقا وأنكر في رواية الميموني التفرقة فقال : من فرق بين الشابة والعجوز ؟ ] لحديث ابن عباس { لا تسافر امرأة إلا مع محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم فقال رجل : يا رسول الله ، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج ، قال اخرج معها } عزاه بعضهم إلى الصحيحين ، والظاهر أنه لفظ أحمد ، وفيهما : { إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا ، قال انطلق فحج معها } .

وعن أبي هريرة مرفوعا { لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم } رواه البخاري ولفظ مسلم " ذو محرم منها " وله أيضا { مسيرة يوم إلا مع ذي محرم منها } وله أيضا { مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها } ولأبي داود نحوه إلا أنه قال " بريدا " وصححه الحاكم والبيهقي ، ولمسلم أيضا " ثلاثا " وهذا مع ظاهر الآية بينهما عموم وخصوص ، وخبر ابن عباس خاص ، وروى الدارقطني : حدثنا أحمد بن محمد بن أبي الرجال حدثنا أبو حميد [ ص: 235 ] سمعت حجاجا يقول : قال ابن جريج عن عمرو بن دينار عن أبي معبد مولى ابن عباس أو عكرمة عن ابن عباس مرفوعا { لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم } أبو حميد هو عبد الله بن محمد بن تميم ، وحجاج هو ابن محمد ، ثقتان ، والظاهر أنه خبر حسن . ورواه أبو بكر في الشافي ، وكالسفر لحج التطوع ( و ) والزيارة ( و ) والتجارة ( و ) ولأن تقييد الآية بما سبق أولى من مجرد الرأي . ويأتي حكم سفر الهجرة وتغريب الزانية . وعنه : المحرم من شرائط لزوم الأداء .

وقاله بعض الحنفية ، لوجود السبب فهو كسلامتها من مرض ، فعلى هذا يحج عنها لموت أو مرض لا يرجى برؤه . ويلزمها أن توصي به ، وظاهر الخرقي أن المحرم شرط للوجوب دون أمن الطريق وسعة الوقت ، حيث شرطه دونهما وقدمه في المقنع وغيره ، وشرطهما في الهداية للوجوب ، وذكر في المحرم هل هو من شرائط الوجوب ؟ روايتين ، قال صاحب المحرر : والتفرقة على كلا الطريقتين مشكلة . والصحيح التسوية بين هذه الشروط الثلاثة إما نفيا وإما إثباتا ، لما سبق ، وما قاله صحيح ، ولذا سوى ابن عقيل وغيره بين الثلاثة ، وأشار إلى أنها تراد للحفظ ، والراحلة لنفس السعي ونقل الأثرم : لا يشترط المحرم في الحج الواجب ، قال أحمد : لأنها تخرج مع النساء ومع كل من أمنته .

وقال ابن سيرين : مع مسلم لا بأس به .

وقال الأوزاعي : مع قوم عدول .

وقال مالك : مع جماعة من النساء .

وقال الشافعي : مع حرة مسلمة ثقة .

وقال بعض أصحابه : [ ص: 236 ] وحدها مع الأمن ، والصحيح عندهم يلزمها مع نسوة ثقات ، ويجوز لها مع واحدة لتفسيره عليه السلام السبيل بالزاد والراحلة ، وقوله لعدي بن حاتم { إن الظعينة ترتجل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله } متفق عليه ، وإنما هو خبر عن الواقع . واحتج ابن حزم بقوله عليه السلام { لا تمنعوا إماء الله مساجد الله } وقوله { إذا استأذنتكم نساؤكم إلى المساجد فأذنوا لهن } وقال عن سفر المرأة في خبر ابن عباس السابق : لم يأمر بردها ، ولا عاب سفرها ، وجوابه أنه عرف من النهي ، ولم يأمر بردها لأمر الزوج بالسفر معها .

وقال صاحب المحرر : وعنه رواية رابعة : لا يشترط المحرم في القواعد من النساء اللاتي لا يخشى منهن ولا عليهن فتنة . سئل في رواية المروذي عن امرأة عجوز كبيرة ليس لها محرم ووجدت قوما صالحين فقال : إن تولت هي النزول والركوب ولم يأخذ رجل بيدها فأرجو لأنها تفارق غيرها في جواز النظر إليها ، للأمن من المحذور ، فكذا هنا ، كذا قال ، فأخذ من جواز النظر الجواز هنا ، فتلزمه في شابة قبيحة وفي كل سفر والخلوة ، كما يأتي في آخر العدد ، مع أن الرواية فيمن ليس لها محرم .

وقال بعض المالكية كما قاله صاحب المحرر . وعند شيخنا : تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم ، وقال : إن هذا متوجه في كل سفر [ ص: 237 ] طاعة ، كذا قال ، ونقله الكرابيسي عن الشافعي في حجة التطوع ، وقاله بعض أصحابه فيه وفي كل سفر غير واجب ، كزيارة وتجارة ، وقاله الباجي المالكي في كبيرة غير مشتهاة ، وذكر أبو الخطاب رواية المروذي ثم قال : وظاهره جواز خروجها بغير محرم ، ذكره شيخنا في مسألة العجوز تحضر الجماعة ، هذا كلامه ، وعنه : لا يعتبر المحرم إلا في مسافة القصر ( و هـ ) كما لا يعتبر في أطراف البلد مع عدم الخوف ( و ) وعن ابن عمرو مرفوعا { لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم } متفق عليه ، وفي رواية أيضا " ثلاثة " وفي رواية " فوق ثلاث " وفي البخاري في بعض طرقه " ثلاثة أيام " ولمسلم من حديث أبي سعيد " يومين " وله أيضا " ثلاثة " وله أيضا " أكثر من ثلاث " . والظاهر أن اختلاف الروايات لاختلاف السائلين وسؤالهم ، فخرجت جوابا . والمراد بقولهم : يعتبر المحرم للمرأة من لعورتها حكم ، وهي بنت سبع ، على ما سبق في غسل الميت . ويأتي في النكاح وآخر العدد [ إن شاء الله تعالى ] قال القاضي : اعتبر أحمد المحرم فيمن يخاف أن ينالها الرجال ، فقيل له في رواية أحمد بن إبراهيم : متى لا يحل سفرها إلا بمحرم ؟ قال : إذا صار لها سبع سنين ، أو قال : تسع . والله أعلم . قال شيخنا : إماء المرأة يسافرن معها ولا يفتقرن إلى محرم ، لأنه لا محرم لهن في العادة الغالبة . فأما عتقاؤها من الإماء . وبيض [ ص: 238 ] لذلك . ويتوجه احتمال أنهن كالإماء ، على ما قال إن لم يكن لهن محرم ، واحتمال عكسه لانقطاع التبعية وملك أنفسهن بالعتق ، فلا حاجة ، بخلاف الإماء ، وظاهر كلامهم اعتبار المحرم للكل ، وعدمه كعدم المحرم للحرة ، لما سبق ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية