صفحة جزء
[ ص: 275 ] باب المواقيت

ذو الحليفة للمدينة ، بينها وبين مكة عشرة أيام ويليه في البعد الجحفة وهي للشام ومصر والمغرب . ثم يلملم لليمن وقرن لنجد اليمن وبحد الحجاز والطائف . وذات عرق للعراق وخراسان والمشرق . وهذه الثلاث من مكة ليلتان . وهذه المواقيت ثبتت بالنص [ و ] عند بعض العلماء ، واختاره بعض الشافعية وقال الشافعي في الأم [ وأومأ إليه أحمد ] ذات عرق باجتهاد عمر ، والظاهر أنه خفي النص فوافقه ، فإنه موفق للصواب . وليس الأفضل للعراقي أن يحرم من العقيق وهو واد وراء ذات عرق يلي الشرق ( ش ) وغيره ، كبقية المواقيت ، ولأحمد والترمذي وحسنه وأبي داود عن ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق العقيق } تفرد به يزيد بن أبي زياد ، شيعي مختلف فيه . قال ابن معين وأبو زرعة : لا يحتج به .

وقال الجوزجاني : سمعتهم يضعفونه .

وقال أبو حاتم : ليس بقوي وقال ابن عدي : مع ضعفه يكتب حديثه : وقال أبو داود : لا أعلم أحدا ترك حديثه .

وقال العجلي ، جائز الحديث . قال ابن عبد البر : ذات عرق ميقاتهم بإجماع ، والاعتبار بمواضعها . وهن مواقيت لمن مر عليها من غير أهلها ، كالشامي يمر بذي الحليفة يحرم منها ، نص عليه ، قال النواوي : بلا خلاف ، كذا قال ، ومذهب عطاء ومالك وأبي ثور : له أن يحرم من الجحفة ، ويتوجه لنا مثله ، فإنه قوله عليه السلام في خبر ابن عباس { هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن [ ص: 276 ] ممن أراد الحج والعمرة ، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة } متفق عليه ، يعم من ميقاته بين يدي هذه المواقيت التي مر بها ومن لا وقوله : لأهل الشام الجحفة ، يعم من مر بميقات آخر أو لا ، والأصل عدم الوجوب ، وعند داود : لا حج له ، وعند الحنفية : يحرم أهل المدينة ومن مر بها من شامي وغيره من ذي الحليفة ، ولهم أن يحرموا من الجحفة ولا شيء عليهم . وعن أبي حنيفة : عليه دم ، وللشافعي أنبأنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب أن عائشة اعتمرت في سنة مرتين ، مرة من ذي الحليفة ومرة من الجحفة . وذكر بعض الحنفية ما ذكره ابن المنذر وغيره عن عائشة كانت إذا أرادت الحج أحرمت من ذي الحليفة ، وإذا أرادت العمرة من الجحفة ، قال ولو لم تكن الجحفة ميقاتا لذلك لما جاز تأخير إحرام العمرة ; لأنه لا فرق للآفاقي . وفي كلام بعضهم هنا نظر . وقوله آفاقي ، وصوابه أفقي ، قيل بفتحتين وقيل بضمتين ( م 1 ) نسبة إلى المفرد ، والآفاق الجمع فأما إن مر الشامي [ ص: 277 ] أو المدني من غير طريق ذي الحليفة فميقاته الجحفة ، للخبر . ومن عرج عن المواقيت أحرم إذا علم أنه حاذى أقربها منه ، ويستحب [ له ] الاحتياط ، فإن تساويا في القرب إليه فمن أبعدهما عن مكة ، وأطلق الآجري أن ميقات من عرج إذا حاذى المواقيت ، قال في الرعاية والشافعية : ومن لم يحاذ ميقاتا أحرم عن مكة بقدر مرحلتين . وذكر الحنفية مثله إن تعذر معرفة المحاذاة . وهذا متجه ، ومن منزله دونها فمنه للحج والعمرة ، ويجوز من أقربه إلى البيت ، والبعيد أولى ، وقيل : سواء ، وكل ميقات فحذوه مثله . وعند الحنفية : من منزله دونها له تأخير إحرامه إلى الحرم ، ولا يجوز دخوله إلا محرما لمن قصد النسك ، ولم يجيبوا عن الخبر السابق . وميقات من حج من مكة مكي أو لا منها . وظاهره : ولا ترجيح ، وأظهر قولي الشافعي : من باب داره . ويأتي المسجد محرما والثاني : منه ، كالحنفية ، نقله حرب عن أحمد ، ولم أجد عنه خلافه ، ولم يذكره الأصحاب إلا في الإيضاح ، قال : يحرم به من الميزاب ، ويجوز من الحرم والحل ، نقله الأثرم وابن منصور ، ونصره القاضي وأصحابه ( و م ) كما لو خرج إلى الميقات الشرعي ، وكالعمرة ، ومنعوا وجوب إحرامه من الحرم ومكة . وعنه : عليه دم ، وعنه : إن أحرم من الحل ، وجزم به الشيخ ، لإحرامه دون الميقات ، قال : وإن مر في الحرم يعني قبل مضيه إلى عرفة فلا دم ، لإحرامه قبل ميقاته ، كمحرم .

[ ص: 278 ] قبل المواقيت ( و هـ ش ) إلا أن الصحيح عنه كروايتنا قبل هذه نفس مكة ، فيلزم لدم من أحرم مفارقا بنيانها إن لم يعد . وقد قال جابر : { أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نحرم إذا توجهنا فأهللنا من الأبطح } رواه مسلم . وأبو حنيفة يعتبر مروره في الحرم ملبيا . ولم يعتبره صاحباه . وعن أحمد : المحرم من الميقات عن غيره إذا قضى نسكه ثم أراد أن يحرم عن نفسه واجبا أو نفلا ، أو أحرم عن نفسه ثم أراد عن غيره أو عن إنسان ثم عن آخر ، يخرج يحرم من الميقات . وإلا لزمه دم ، اختاره جماعة ، وجزم به القاضي وغيره . وفي الترغيب : لا خلاف فيه ، كذا قال ; لأنه جاوز الميقات مريدا للنسك فأحرم [ من ] دونه ، وإحرامه عن غيره كالمعدوم في حق نفسه ، واختار الشيخ وغيره خلاف هذا ، وهو ظاهر كلام الخرقي وغيره ، وكذا أحمد ، لكن أوله بعضهم ; لأن من كان بمكة كالمكي ، كما سبق ، وكالنسكين عن واحد ، وفرق القاضي بأن الثاني تابع للأول ، فكأنه أحرم بهما معا من الميقات ، كذا قال ، وعنه : من اعتمر في أشهر الحج أطلقه ابن عقيل . وزاد غير واحد : من أهل مكة أهل بالحج من الميقات ، وإلا لزمه دم ، وهي ضعيفة عند الأصحاب . وأولها .

[ ص: 279 ] بعضهم بسقوط دم المتعة عن الآفاقي بخروجه إلى الميقات ، وذكر ابن أبي موسى من [ كان ] بمكة من غير أهلها إن أراد عمرة واجبة فمن الميقات وإلا لزمه دم ، كمن جاوز الميقات وأحرم دونه . وإن أراد نفلا فمن أدنى الحل ، والأصح أن ميقات من بمكة أو الحرم مكي وغيره من أدنى الحل ، { لأمره عليه السلام عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج مع عائشة إلى التنعيم لتعتمر } وليجمع في النسك بين الحل والحرم ; لأن أفعالها في الحرم بخلاف الحج ، قيل التنعيم أفضل ( و هـ ) وفي المستوعب وغيره : الجعرانة ، لاعتماره عليه السلام منها ، ثم منه ، ثم من الحديبية ( و ش ) ، وظاهر كلام الشيخ سواء .


[ ص: 276 ] باب المواقيت ( مسألة 1 ) قوله : وصوابه أفقي قيل بفتحتين وقيل بضمتين ، انتهى . ليس مما نحن فيه من الخلاف المطلق الذي اصطلح عليه المصنف في الخطبة ، ولكن لعلماء اللغة فيه قولان ، ولما كان أحدهما ليس أولى من الآخر أتى بهذه الصيغة ، وتقدم الجواب عن ذلك في المقدمة ، والأفصح الضم .

وقال بعضهم : إنما فتحوا ذلك تخفيفا ، قاله ابن خطيب الدهشة [ ص: 277 - 279 ] مسألة 2 ) قوله في أحكام العمرة : قيل التنعيم أفضل .

وفي المستوعب وغيره : الجعرانة يعني أفضل وظاهر كلام الشيخ سواء ، انتهى . أحدهما التنعيم أفضل ، وهو الصحيح ، جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والشرح والمقنع ، رأيته في نسخة مقروءة على المصنف وعليها شرح الشارح وابن منجى . والوجه الآخر جزم به في المستوعب والتلخيص والبلغة والرعاية والحاويين والفائق وغيرهم .

( تنبيهات )

الأول قول المصنف : " وظاهر كلام الشيخ سواء " الظاهر أنه أراد في المغني ولم يطلع على نسخة المقنع التي فيها ذلك ، مع أن كتاب المصنف المقنع وهو من حافظيه ، والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية